كنت قد سألتكم منذ مدة طويلة عن هذا الموضوع، والآن أسال في نفس الموضوع، ولكن بعد بحث طويل فيه على أمل أن لا تحيلونني إلى فتاوى أخرى، وجزاكم الله خيرا، ورجائي: أن تقرؤوا سؤالي إلى نهايته، مع اعتذاري الشديد للإطالة، ذكرتم في عدة فتاوى أن الصفرة يختلف حكمها عن رطوبة الفرج، ولكن ما حكم هذه الإفرازات إذا كانت بيضاء على اليد لا يُشك في لونها، ولكنها مائلة إلى الصفرة الخفيفة على المنديل الأبيض؟ فهل يجب استعمال القطن ونحوه بعد انتهاء الحيض، أم يكتفى برؤية المادة البيضاء على اليد؟ مع العلم أن هذه الإفرازات ملازمة لي طوال الشهر تقريبا، من نهاية الحيض إلى بداية الحيض الآخر، وعندما أقوم بعمل، وجهد، وخاصة في درجات الحرارة العالية، ولا أتنظف لفترة أراها بيضاء مائلة للصفرة الخفيفة جدا حتى على يدي. في موقعكم الفتوى رقم( 123919) ذُكر: إذا كنت ترين الصفرة في مدة العادة فهي حيض على الراجح، وأما إذا كنت ترينها بعد مدة العادة فحكمها حكم رطوبات الفرج الذي تقدم، وكان قد تقدم بطهارة رطوبة الفرج في هذه الفتوى. سألت الدكتورة لينة الحمصي، وأخبرتني بطهارة الإفرازات بالوصف الذي وصفته لها، وقرأت في موقع الشيخ سليمان الماجد: أن الصفرة بعد انقطاع الدم طاهرة. قلت: قد أكون حالة نادرة، أو أني مصابة بمرض ما، فسألت ما يقارب 10 سيدات أو أكثر؛ منهن: أمي، وأختي، وقلن لي: إن الإفرازات عندهن أيضا بيضاء مائلة للصفرة، وأمي أيضا عانت من هذا الأمر، ثم لجأت إلى عدد من قريباتي، وجمعيهن قلن: إنهن يرين الإفرازات البيضاء المائلة للصفرة خلال فترة الطهر، ولا واحدة منهن قالت: إن إفرازاتها بيضاء فقط، وخاصة عند استعمال الفوط القطنية اليومية، فمنهن من قالت لي: عندما تردها تجد بقعا صفراء عليها، أو عند استعمال الملابس البيضاء. ظننت أني مصابة بشيء ما، كالاستحاضة، وعلمت أنها قد تكون نتيجة مرض، فلجأت إلى طبيبة نسائية ذات معرفة وخبرة، وقالت: إن من الطبيعي أن تميل هذه الإفرازات إلى الصفرة عند تعرضها إلى الهواء بمعنى أني لا أعاني من مرض، ونحوه، وقد لاحظت ذلك أحيانا عند نزع ملابسي البيضاء أتفحصها، ولا أجد عليها شيئا، أو أجد سائلا شفافا، ثم أتفحصه بعد نزعه بمدة، وأرى بقعا صفراء فاتحة جدا، وكذلك في موقعكم الكريم في قسم الاستشارات د. رغد عكاشة قالت: إنها طبيعية نتيجة حدوث تفاعلات داخل الرحم، ووجود بكتيريا، وكذلك قرأت في موقع طبي، وموقع لها أون لاين، قيل: إنها نتيجة وجود بكتيريا، أو مع الجفاف، وأنها ليست من الحيض. أظن أني لم أدع بحثا ومقالا وفتوى رأيتها في هذا الموضوع إلا اطلعت عليها، فمضى علي فترة طويلة وأنا أبحث. لقد علمت أن من يعانين من الاستحاضة، وسلس البول (اصحاب الأعذار )، وهم حالات قليلة وكذلك تعالج طبيا، فهل يعقل أن جميع من سألت يعانين من مرض واستحاضة؟! وأن جميعهن من أصحاب الأعذار!. صاحب العذر يرجو شفاء مرضه، ولكني أعاني من هذا الأمر منذ سنوات وقيل لي إني طبيعية، ولست مصابة بمرض ما. أحيانا أجلس وحدي وأبكي، وأحيانا أكره كوني أنثى. امتنعت عن الذهاب إلى المسجد في رمضان، وفي العيد جميع أهلي ذهبوا إلا أنا حتى إن هذا الأمر قد تسبب في تركي للصلاة عندما كنت صغيرة في بعض الأحيان للمشقة التي وجدتها منه، لا يعلم ما أصابني من هذا الأمر إلا الله، حتى إنني في الأوقات المستحب الدعاء فيها أدعو الله أن ييسر لي هذا الأمر، وأركز عليه إذا كانت هذه الافرازات البيضاء المائلة للصفرة ليست بحيض، بل هي الإفرازات المهبلية الطبيعية (رطوبة الفرج) (كما قال لي الاطباء )، فهل يعقل أن يستمر الحيض طوال الشهر، وبدون وجود مرض وعلة؟!، وليست نتيجة شهوة، ونحوها، وليست خارجة من مخرج البول، ولا الغائط، فلماذا نحكم بنجاستها؟! لماذا في حديث أم عطية رضي الله عنها (كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئاً)، حددت الصفرة والكدرة، ولم تحدد ألوان الدم الأخرى مع العلم أن اللون الأحمر أيضا يعد استحاضة، إذا كان في الفترة غير الممكنة للحيض، ويكونُ مجموع الدمين، وما تخللهما من نقاء أكثر من خمسة عشر يوماً عند الجمهور؟! أليس دليلا على أنها ليست بحيض ولا استحاضة؟ ملخص الاسئلة: هل حدد العلماء لون رطوبة فرج المرأة بالأبيض فقط ؟وهل هناك إجماع على نجاسة هذه الإفرازات إذا كانت بيضاء مائلة للصفرة؟ أرجو ذكر قول العلماء في حكم هذه الإفرازات إذا كانت مائلة للصفرة، وهل يجب استعمال القطن ونحوه بعد انتهاء الحيض أم يكتفى برؤية المادة البيضاء على اليد؟ أشكركم جزيل الشكر على هذا الموقع، فقد انتفعت منه جدا، ولدي ثقة فيه، وكثير من أمور الدين آخذها من موقعكم الكريم. أسال الله أن يبارك لكم ويجازيكم خير الجزاء وأعتذر جدا عن الإطالة، وعن جرأتي، ولكن الله لا يستحيي من الحق، وكما قالت سيدتنا عائشة (رضي الله عنها) :" رحم الله نساء الأنصار، لم يمنعهن حياؤهن أن يتفقهن في الدين"
الفتوى:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإنا قد بينا صفة الصفرة التي نعني أنها من الحيض في زمن العادة، وفي غيرها ليست حيضا، ولكنها نجسة في الفتوى رقم 167711 فانظريها، والظاهر أن ما تذكرينه هو من الرطوبات العادية، فما دامت ترى أول ما ترى بيضاء، ثم يتحول لونها ويميل إلى الصفرة بسبب الهواء أو غيره فلا عبرة بذلك، والعبرة بطبيعتها في نفسها، ومن ثم فتعد هذه الإفرازات من رطوبات الفرج المحكوم بطهارتها، ولكن يجب منها الوضوء، وانظري الفتوى رقم 110928، وكيفما رأيت هذه الإفرازات فالأمر سواء، ولا يشترط رؤيتها على قطنة أو غيرها.
وعلى كل حال فنحن ننصحك بتجنب الوساوس، والإعراض عنها، وأن تعدي هذه الإفرازات من رطوبات الفرج ما لم تتحققي أنها من الصفرة المبينة صفتها في الفتوى المحال عليها. وإذا تحققت أن هذه الإفرازات من الصفرة المبينة صفاتها في الفتوى المحال عليها فهي نجسة، ولا نعلم من يقول بطهارتها من العلماء، وكون الصحابة لم يكونوا يعدونها بعد الطهر شيئا يعني أنهم لم يكونوا يعدونها حيضا، لكنها حيث لم تعد حيضا فهي نجسة، ولتنظر الفتوى رقم 178713، ولكننا نكرر التنبيه على ترك الوساوس، والإعراض عنها، وألا تحكمي بكون هذه الإفرازات من الصفرة الواجب الاستنجاء منها إلا بعد التحقق من ذلك بوجود صفاتها المبينة فيما أحيل عليه.
والله أعلم.