24 - 04 - 2024

"الاقتصاد".. مشي على الأشواك في الاتجاه الصحيح

خبراء: قرارات الرئيس تٌحقق العدالة الاجتماعية والإزدهار متوقع خلال عامين

- تحسن ملحوظ فى قطاعى التجارة والصناعة.. وتباين فى العلاقات الخارجية

- الفقراء ضحايا خفض الدعم.. ومطالبات بإصدار قانون لتحديد هامش الأرباح

رغم أن الرئيس عبد الفتاح السيسى لم يحذو حذو الرئيس الأسبق محمد مرسى فى التعهد بتحسن الأوضاع الاقتصادية خلال وقت محدد، إلا أن المصريين انتظروا خطوات الرئيس خلال أول 100 يوم منذ توليه مقاليد السلطة وحلف اليمين كرئيس للبلاد فى يونيو الماضى.

شهدت مصر خلال الـ100 اليوم التالية لتولى السيسى الحكم - والتى انتهت فى الـ15 من سبتمبر الجارى -، حزمة من الإجراءات الاقتصادية الإصلاحية، التى وصفها الخبراء بأنها الأجرأ والأهم على مدار حقب رئاسية سابقة.

فيما اعتبر الخبراء أن تحسن الملف الأمنى، يعد من أهم الملفات التى تساهم فى تحسن مؤشرات الاقتصاد وعودة الاستقرار الأمنى والسياسى مرة أخرى للشارع المصرى.

إنجازات 100 يوم

لعل أبرز المؤشرات الاقتصادية خلال تلك الفترة، انطلاق المشاريع الكبرى، مثل إحياء مشروع توسيع قناة السويس وجمع تمويل القناة الـ60 مليار جنيه من مدخرات المصريين خلال 8 أيام فقط، فضلًا عن تنمية الساحل الشمالى الغربى وترسيم المحافظات.

كما استقبلت البورصة السيسى بارتفاع لمؤشرها الرئيسى إلى  105% وهو أعلى معدل ارتفاع منذ يونيو 2013،  بينما يشير رأسمال الأسهم المقيدة فى السوق الرئيسى إلى  قيمة إجمالية تبلغ 470.4 مليار جنيه، لتصل إلى  518.1 مليار جنيه، ليربح السوق نحو 47.7 مليار جنيه.

أما عن قطاعى التجارة والصناعة على مدار الـ100 يوم الماضية، فقد شهد القطاعان تحسنـًا ملحوظـًا، فيما شهد قطاع التجارة الخارجية تباينـًا ملحوظـًا فى علاقات مصر مع نظيراتها من الدول العربية والأجنبية، ومنها السعودية والإمارات، فحجم التبادل التجارى ارتفع ليصل مع السعودية إلى ما قيمته 5324 مليون دولار، إضافة إلى ارتفاع التبادل التجارى مع الإمارات بنسبة 40%.

كما أكدت مصر على موقفها باستمرار الاتفاقيات التجارية مع الدول المعادية لموقف الشعب المصرى، والداعمة لجماعة أصبحت تعتبر "إرهابية" في نظر السلطة مثل تركيا وقطر، وتمكنت مصر من الدخول فى اتفاقيات جديدة مثل اتفاقية "بالى" بإندونيسيا، والاتفاقية التجارية بين مصر وبلاروسيا التى لا تزال قيد البحث حاليـًا.

كما تم افتتاح معبر "قسطل البرى" الذى يعد منفذًا جديدًا لصادراتنا إلى السوق السودانية، ومنها إلى  السوق الإفريقية.

في قطاع الصناعة، أقرت مصر قانون حماية المنتج المحلى، الذى اعتبره رجال الصناعة مناصرة للصناع المصريين، إذ يتيح لهم الدخول فى منافسة شركات القطاع العام فى المشتروات الحكومية ودعم المنتج المحلى، كما بدأت التنمية الصناعية بطرح أراض صناعية جديدة بواقع 1496 قطعة أرض لطرحها للتخصيص لمن يرغب من المستثمرين لحل أزمة نقص الأراضى، كما أن أزمة نقص الطاقة فى مصر بدأت تتجه نحو الحل.

ووصف عدد من رجال التجارة والصناعة الفترة الماضية بداية، لتحقيق خارطة طريق اقتصادية تبدأ من الاستقرار الأمنى والقضاء على الإرهاب.

تحديات 100 يوم

من جهة أخرى، جاءت بعض التحديات الاقتصادية لتفرض نفسها، وأبرزها كان التصدى لعجز الموازنة، والذى بلغ خلال العام المالى 2013/2014 نحو 240 مليار جنيه بما يعادل نسبة 12% من الناتج المحلى، والذى كان من المتوقع أن يصل إلى  292 مليار جنيه خلال العام المالى 2014/2015، مما دعا حكومة المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، إلى مواجهة عجز الموازنة من خلال تقليصه إلى 10% من إجمالى الناتج القومى المحلى، عبر تخفيض الدعم وما ترتب عليه من ارتفاع أسعار المواصلات العامة، وكذلك ارتفاع أسعار جميع السلع بنسب تصل لـ30% - بحسب الإحصائيات الرسمية.

وبالرغم من استحسان عدد من خبراء الاقتصاد قرارات تخفيض الدعم، لتخفيف ما كانت تتحمله الموازنة العاملة للدولة من عبء ، فى ظل تردى الحالة الاقتصادية، وارتفاع عجز الموازنة لعدة عوامل على رأسها انكماش الحصيلة الضريبية بسبب انكماش الاقتصاد المصرى بعد ثورة 25 يناير 2011، وارتفاع فاتورة سداد فوائد الدين العام بسبب الانفلات السعرى للفائدة على أذون الخزانة، إلا أنهم اختلفوا على آلية تطبيقها فى إشارة منهم على أنها تمس بالفقراء داخل المجتمع المصرى، والذى تمثل منظومة الدعم لديهم أحد أهم مصادر التمويل غير المباشر والأمان.

وجاءت الخطوة الثانية من حزمة الإصلاحات الاقتصادية، عبر بعض التعديلات الضريبية، التى تساهم فى زيادة حصيلة الخزانة العامة للدولة، من خلال فرض ضريبة مؤقتة بنسبة 5% على من تزيد دخولهم عن مليون جنيه سنويـًا، لمدة ثلاث سنوات، كما شملت التعديلات الضريبة، فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية والتوزيعات النقدية على تعاملات البورصة المصرية بواقع 10% من صافى الأرباح الرأسمالية، التى تحققها المحافظ الاستثمارية داخل سوق المال المصرية، وإعداد مشروع تطبيق ضريبة القيمة المضافة بدلًا عن ضريبة المبيعات.

بينما تمثلت الخطوة الثالثة فى ترشيد الإنفاق العام، والتى أبدى الخبراء تحفظات على بعض القرارات التى صدرت فى ذلك الشأن ، منها تطبيق الحد الأقصى للأجور من أول راتب شهر يوليو الماضى، الأمر الذى اعتبروه قد يكون سببـًا فى طرد الكفاءات.

تخفيض الدعم

من جانبه، استنكر الدكتور عبد المنعم السيد الخبير الاقتصادى ومدير مركز القاهرة للدراسات الاستراتيجية والاقتصادية، آلية تطبيق منظومة خفض الدعم التى مست الطبقة الكادحة من الشعب المصرى، وأثقلت كاهلهم بمزيد من ارتفاع معدلات التضخم فى الأسواق جراء رفع أسعار السولار وبنزين 80 التى ساهمت بدورها فى رفع تكلفة النقل والمواصلات، ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية، مشيرًا إلى ضرورة اتخاذ الحكومة بعض الإجراءات الآمنة لتلك الشريحة العريضة من المجتمع المصرى لتحميهم إثر خفض الدعم.

كما طالب الخبير الاقتصادى، بضرورة إصدار قانون لتحديد هوامش الأرباح، مستنكرًا بعض الممارسات الاحتكارية وحرية التجار فى تحديد قيمة أرباحهم التى تتخطى الـ100%، وقد تصل فى الأزمات إلى  300%.

التعديلات الضريبية

يقول الدكتور مصطفى شاهين، عضو المكتب الفنى لرئيس مصلحة الضرائب وأستاذ المحاسبة بتجارة عين شمس، إن التعديلات الضريبية الأخيرة تهدف إلى تحقيق مزيد من العدالة الاجتماعية بين أفراد المجتمع، مضيفـًا أنها أيضـًا ستحقق هدفا ماليا مهما، وهو توسيع القاعدة الضريبية وزيادة دخل الخزانة العامة من الحصيلة الضريبية.

في السياق نفسه أكد الدكتور ممدوح عمر، رئيس الإدارة المركزية للبحوث بمصلحة الضرائب، على أهمية مشروع قانون القيمة المضيفة، لافتـًا إلى أن ضريبة القيمة المضافة لن تكون ضريبة مستحدثة تثقل كاهل المناخ الاستثمارى، بل إنها البديل الأفضل لضريبة المبيعات الحالية، والتى تواجه العديد من المشكلات فى تطبيقها.

وأضاف أن ضريبة  القيمة المضافة ستضخ حلولًا كثيرة للعديد من المشكلات الاستثمارية، التى تواجه المستثمرين فى مصر، كما أنها ستساهم فى زيادة دخل الخزانة العامة من الحصيلة الضريبية.

ترشيد الإنفاق

يؤكد الدكتور أحمد عبد الحافظ معين، الخبير الاقتصادى، لـ"المشهد"،أن الحكومة خلال الـ100 يوم الأخيرة من حكم الرئيس عبد الفتاح السيسى، اتخذت مجموعة من الإجراءات الاقتصادية الجريئة، يأتى على رأسها قرار تطبيق الحد الأقصى للأجور، والذى إذا تم تطبيقه على كل جهات ومؤسسات القطاع العام وقطاع الأعمال التابعة للحكومة، سيوفر على خزانة الدولة نحو 26 مليار جنيه سنويـًا.

ويتابع: أن الحكومة اتخذت مجموعة إجراءات تقشفية كبيرة من داخلها، مثل تخفيض إجمالى المخصصات لمصروفات الوزارات، تخفيض مخصصات البنزين ودراسة تخفيض بعض ميزانيات الهيئات والقنصليات الخارجية.

إجراءات تحفيزية

من جانبه أكد الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية، أن الاقتصاد المصرى سينتعش فى أقل من سنتين، فى ظل مايقوم به رئيس السيسى، من جهود واضحة، لافتـًا إلى أن هناك اختلافـًا كبيرًا بينه وبين الرئيس السابق محمد مرسى.

وتابع عبده -  فى تصريحات تليفزيونية - أن جهود السيسى خلال الـ 100 يوم الماضية منذ تسلمه مقاليد الحكم، أذهلت العالم، حيث إنه حقق مجموعة من الإنجازات الاقتصادية، مؤكدًا على أنه لم يقم فقط بتفقد الملفات كأى رئيس جديد، ولكنه تحرك بشكل عملى نحو مسيرة التقدم فبدأ بمشروع قناة السويس الضخم مستعينـًا بـ59 شركة حفر لإنهاء المشروع فى سنة واحدة فقط.

وأضاف أن الشعب المصرى لاحظ التطورالسريع الذى يسعى إليه السيسى منذ توليه رئاسة الجمهورية، كتطوير الساحل الشمالى ومشروع المليون فدان الخاصة بالاستصلاح والاستزراع، و3200 كيلو متر طرق جديدة، وهى طرق جديدة تخدم محافظات كثيرة فى مقدمتها الصعيد، وهو ما يسهم فى إنشاء قرى سياحية على البحر الأحمر تخدم أهالى الصعيد وتوفر فرص عمل لأبنائهم. لافتـًا إلى أن ازدهار الاقتصاد المصرى كان بحاجة إلى متخذ قرار، والسيسى جاء ليتخذ قرارته وينهض بمصر اقتصاديـًا.

تنشيط الاستثمارومنظومة الطاقة

وصف الدكتور صلاح الجندى الخبير الاقتصادى، فترة الـ100 يوم الأولى على حكم السيسى بأن كل ما جاء فيها إيجابى يأتى على رأسها محور توسيع قناة السويس واهتمام الرئيس بالحد الأدنى والأقصى للأجور فضلًا عن إنشاء الطرق، موضحـًا أن كل ما كان هناك عمل على الأرض بشكل جاد على مدى الشهور القادمة، وكذلك السنوات سيجعل هناك تنافسا وجذبا لمزيد من الاستثمارات.

ويتابع: أن كل تلك الإيجابيات عبارة عن خدمات تجذب الاستثمار، ففى الـ100 يوم، كان هناك إنجاز ضخم فى كل الاتجاهات وتنشيط للاستثمار، فضلًا عن توفير فرص للعمل.

أضاف الخبير الاقتصادى، أنه من ضمن تلك الإيجابيات تعديل منظومة الطاقة، لافتـًا إلى أن انقطاع التيار الكهربائى أصبح أقل بكثير عن الفترة السابقة، وهو ما يحسب للرئيس فى العمل على حل أزمة الكهرباء، فضلًا عن تعديل قانون المرور الأمر، الذى أدى إلى تخفيف الازدحام، كما تم حل مشاكل البطاقات التموينية.

ويؤكد أن كل تلك الخطوات، لها مردود إيجابى على المنظومة الاقتصادية بشكل عام مستقبلًا، فكل ما كان هناك اهتمام زائد كلما سار الاقتصاد بشكل جيد، قائلًا إن تلك الأوضاع جاءت بعد حالة من عدم الإنتاج والإضرابات والاعتصامات.

فيما طالب الجندى، بالرقابة الجادة على الأسواق، وخاصة التجار الجشعين، فالأسعار فى مصر أقل بكثير من الأسعار بالبلدان الأخرى، ولكن تدخل طبقة التجار الجشعة تزيد من أعباء محدودى الدخل، مؤكدًا على أهمية بذل الوزارات المعنية بمراعاة محدودى الدخل، مزيد من الجهد خلال الفترة المقبلة.

##

 






اعلان