25 - 04 - 2024

الشرطة فى خدمة السياسة .. والانتهاكات مستمرة

 الشرطة فى خدمة السياسة .. والانتهاكات مستمرة

التحديات الأمنية الضخمة تجلب تضارب آراء الخبراء : نجاح ملفت في نظر البعض والأسوأ في التاريخ في تقدير آخرين

عشرات الآلاف في السجون على خلفيات سياسية و"الإرهاب" يربك "الداخلية..

انضباط ملحوظ بالشارع وانتهاكات تتصاعد فى الأقسام والسجون..

الأمن الجنائي يتراجع واستمرار جرائم السطو المسلح والخطف مقابل فدية

عقب قيام ثورة يناير 2011، سيطرت حالة من الانفلات الأمنى على مصر، بعد انسحاب الشرطة فى 28 يناير، واستمرت فى ظل حكم المجلس العسكرى، وعهد الرئيس المعزول محمد مرسى، وتصاعدت حدة الانفلات والعنف التى شهدتها البلاد أثناء حكم الرئيس المؤقت عدلى منصور، ومع تولى الرئيس الحالى المشير عبد الفتاح السيسى رئاسة الجمهورية لم تخف حدة التوترات الأمنية فى سيناء أو القاهرة، بل استمرت على نفس الوتيرة، رغم تعاون الشرطة والجيش ومحاولة إظهار قدرتهما على مواجهة التحديات الأمنية، تزامنًا مع التظاهرات التى نظمتهما جماعة الإخوان المسلمين.

عول المواطنون كثيرًا على قدرة الرئيس السيسي في إعادة الأمن بسبب خلفيته العسكرية، والدعم المفتوح من قبل الجيش، ورجال الشرطة الذين أكدوا أنهم لم يتعاونوا مع الرئيس المعزول محمد مرسى، وحاول الجميع جاهدين إعادة هيبة الدولة وفرض السيطرة الأمنية، والتى بدأت واضحة فى الجولات الميدانية، التى نظمها وزير الداخلية محمد إبراهيم عقب تجديد الثقة فيه، وصار على نهجه مدير أمن القاهرة اللواء على الدمرداش.

تحرش ليلة تنصيب السيسى

* عقب أداء السيسى اليمين القانونية فى المحكمة الدستورية فى 8 يونيه، وأثناء الاحتفال فى ميدان التحرير حدثت أكثر من 7 حالات تحرش داخل الميدان، وتبين أنها حالات فردية استغل خلالها بعض الشباب عدم تواجد قوات الأمن، واعتدوا على المجنى عليهن، وعوقب المتهمون بالسجن، وقام السيسى بزيارة إحدى ضحايا التحرش، ووعدها بتحقيق عقوبات رادعة على المتهمين، ورغم ذلك ما زالت جرائم التحرش مستمرة فى الشارع والمواصلات العامة، خاصة مترو الأنفاق.

* فى 30 يونيو، أثناء قيام خبراء المفرقعات بتفكيك قنبلة بدائية عثر عليها بمحيط قصر الاتحادية، انفجرت إحداها فى قوات الأمن وتسببت فى استشهاد ضابطين، وإصابة 6 آخرين بينهم مدير الإدارة العامة للمفرقعات، ورغم تهديد جماعة أنصار بيت المقدس لقوات الأمن بوجود قنابل بمحيط الاتحادية، إلا أن الأمن لم يأخذ حذره ويقوم بالإجراءات اليومية فى التفتيش والفحص، بالإضافة إلى استمرار الانفجارات المتتالية فى مناطق متعددة بالجمهورية، بالرغم من ضبط عدد كبير من المتهمين وإحباط العديد من العمليات الإرهابية.

* عادت انتهاكات أمناء الشرطة للظهور مجددًا، فى حكم الرئيس السيسى، وتعددت وقائع الانتهاك مما جعل أحد الأمناء يسب الأهالى فى البحيرة قائلًا "زمن الفوضى راح يا بلد"، ويطلق النيران عشوائيًا من سلاحه الميرى ويتسبب فى مقتل أحدهم، وقام بعضهم بالعبث فى جثة أحد المتهمين داخل مشرحة مستشفى الخانكة، عقب مقتله، كما اغتصب أمين شرطة بقسم إمبابة فتاة معاقة داخل حجز القسم، ورغم أنه تم إحالتهم إلى التحقيقات، ومع ذلك ما زالت تلفيق القضايا للمواطنين مستمرة، بخلاف قيام أفراد شرطة بالتورط فى تجارة الأسلحة وفرض الإتاوات على الأهالى، وتهريب المسجونين على ذمة قضايا أثناء ترحيلهم إلى المحكمة.

* مع القبض على المعارضين السياسيين والعناصر الجنائية، تكدست أعداد المحتجزين داخل الأقسام الشرطية، ما أدى إلى ارتفاع عدد الوفيات بين المحتجزين بسبب الظروف الصحية والبيئية للحجز، أو التعذيب رغم نفى وزارة الدخلية، ودفعها إلى تركيب أجهزة تكييف داخل الحجز لتقليل الوفيات.

 فيديوهات ذبح مواطنين فى سيناء

رغم العمليات العسكرية المستمرة فى شمال سيناء التى بدأت منذ عهد المجلس العسكرى، إلا أن الفترة الماضية شهدت تجرؤ الجماعات الإرهابية، المستوطنة فى جبال سيناء، وقامت بقتل العديد من الجنود وإطلاق القذائف الصاروخية على الأهالى، بل وتجاوزت كل ذلك وقامت جماعة أنصار بيت المقدس الإرهابية بذبح عددًا من المواطنين بحجة تعاونهم مع الأمن.

وبثت جماعة أنصار بيت المقدس، فيديو يوضح كيفية تنفيذ عملية كمين الفرافرة الإرهابية، التى أسفرت عن مقتل 21 جنديًا من قوات حرس الحدود فى يوليو الماضى.

السطو المسلح والخطف مقابل فدية

رغم الحملات اليومية التى تشنها أجهزة الأمن لضبط الخارجين على القانون، إلا أن جرائم السطو المسلح على سيارات نقل الأموال ومكاتب البريد ما زالت مستمرة، خاصة فى المناطق النائية، وتوسعت جرائم الخطف من أجل طلب الفدية، وأسفرت عن قتل عددًا من المختطفين، وكان أحد ضحاياها الدكتور أيمن النجار أستاذ بقسم الحالات الحرجة بمستشفى القصر العينى، الذى قتل على يد ملثمين أثناء عودته مع زوجته بمنطقة الشروق، بعدما اختطفوه تحت تهديد السلاح، وطلبوا مليون جنيه فدية لإطلاق سراحه، وطلبت الشرطة من زوجته التفاوض مع المتهمين، وعثرت على جثة زوجها بعد يومين أسفل كوبرى بمدينة العاشر من رمضان.

القبض على المعارضين السياسيين

بناءً على قانون التظاهر ألقت أجهزة الأمن القبض على عدد كبير من المعارضين للنظام ، سواء من الإخوان، أو شركاء 30 يونيو، ومن بينهم علاء عبد الفتاح الناشط السياسى الذي أفرج عنه مؤخرا، وأحمد دومة، وغيرهم، ليخلق حالة من الغضب استمرت حتى الآن، حيث تلقى القبض على بعض المخالفين فى الرأى، حتى أصبح عدد المعتقلين على ذمة قضايا سياسية يعد بعشرات الآلاف.

المشهد رصدت آراء خبراء الأمن الذين اختلفوا فى تقييم الوضع الأمنى فى الشارع، فيرى بعضهم أن الشرطة تمكنت خلال حكم السيسى من إعادة الأمن والانضباط للشارع، فيما يرى آخرون أن الوضع الأمنى فى أسوأ حالة مقارنة بالماضى.

فشل الحل الأمني

وصف العميد محمود قطرى، الخبير الأمنى،الوضع الأمنى بالأسوأ فى تاريخ مصر، حيث لا تمتلك الوزارة حاليا آليات الأمن الوقائى، ولا تستطيع منع الجريمة قبل ارتكابها، متسائلا "شرطة لا تستطيع حماية أفرادها فكيف تحمى المجتمع".

وقال قطرى "اللى عايز يعمل جريمة فى مصر بيعملها، محدش يمنعه"، لافتًا إلى ارتفاع معدلات الجرائم الجنائية، خاصة السرقة التى أصبحت فى وضح النهار، والسطو المسلح، وانتشار جرائم الخطف مقابل الفدية، التى توغلت فى الفترة الماضية، لافتًا إلى غياب الأمن الوقائى من فكر وزارة الداخلية تسبب فى استمرار الجرائم اليومية،  رغم أن المباحث الجنائية تعمل ما عليها لضبط المتهمين.

وأضاف، الخبير الأمنى، أخشى من  فشل الرئيس السيسى، فى حكم البلاد بسبب سياسات وزارة الداخلية، وأداء الشرطة المتدنى فى مواجهة الخارجين على القانون، مطالبًا الرئيس بالنظر إلى وزارة الداخلية وتصحيح أداؤها، لأن عودة الأمن يعنى عودة الاقتصاد والسياحة.

وأوضح قطرى أن الوزير وضع الشرطة فى مواجهة الشعب، فجعلهم يقتلون دون حماية أو تسليح أو خطة تأمينية، مشيرًا إلى ضرورة محاكمة وزير الداخلية على جرائمه حتى بعد إقالته من منصبه، لافتًا إلى أن النظام ينتهج نفس النهج باللجوء إلى الحل الأمنى وليس السياسى.

ومضى قائلا "الشرطة منسحبة من الشارع تماما كما كانت فى عهد وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى، ومديريات الأمن لا يعمل بها سوى ضباط البحث الجنائى، أما الأفراد النظامين فهم لا يستطيعون حماية أنفسهم، ووظفتهم الوزارة فقط لحماية ما يعرف بالمنشآت الحيوية التى هى حماية للنظام فى الأساس، الشرطة ليس فيها من يفكر أو يبدع، مشيرًا إلى أن القيادات الأمنية تتعامل مع المشكلات الأمنية بالقطعة، وليست الشمولية، فلا توجد خطة تحمى الأمن العام ككل.

 وأوضح أن مواجهة الشرطة للإرهاب تتم بطريقة غير جدية وبعشوائية دون تخطيط مسبق، مضيفًا، الشرطة تعمل وفق منظومة الأمن الجنائى فقط، التى تلقى القبض على المتهم بعد وقوع الجريمة، لكنها لا تمنع الجريمة.

"المواطن" يحكم

وعلى النقيض تمامًا، يرى اللواء مجدى بسيونى، مساعد وزير الداخلية الأسبق، أن الوضع الأمنى فى الشارع أفضل ما يكون، مبرهنا على وجهة نظره، بقدرة رجال الشرطة كشف القضايا الغامضة خلال أيام، وضبط مرتكبيها، بالإضافة إلى الانتشار الواسع لقوات الأمن فى الشارع، وقدرتها على طرد الباعة الجائلين من منطقة وسط البلد وإعادة المظهر الحضارى له.

وتابع بسيونى،"الأمن يحقق نجاحات كبيرة للغاية فى ظل وضع ملغم ومشتت، ويعتبر قمة النجاح نتيجة للتحديات المستحدثة التى يواجهها ومنها مظاهرات جماعة الإخوان المسلمين، ومنع التظاهرات بشكل كامل، والتهديدات اليومية للضباط، ومواجهة الطلبة، ومخابرات بعض الدول الأجنبية التى تعمل فى الداخل"، قائلًا، "رجل الشارع هو من يلاحظ التحسن الأمنى، وأن الجريمة ستظل مستمرة ولن تنعدم على الإطلاق".

نجاح رغم ظروف صعبة

قال الدكتور رفعت عبد الحميد، أستاذ العلوم الجنائية ومسرح الجريمة، إن جماعة الإخوان حاولت خلال الفترة الماضية، إثارة الشغب استغلالًا للظروف الأمنية التى تمر بها البلاد، ورغم ذلك استطاع الأمن من مواجهة تظاهرات، وعمليات التخريب التى كانوا يجرونها، بالإضافة إلى مواجهة الحوادث والجرائم الجنائية.

وأضاف عبد الحميد، شهد الأمن منذ تولى السيسى رئاسة البلاد، تحسنًا ملحوظًا خلال الأيام الماضية، بفضل تعاون الجيش والشرطة، وارتفاع الروح المعنوية لديهم نتيجة لتشجيع السيسى المستمر لهم على العمل، وبذل الجهد فى سبيل حماية الوطن وأداء الواجب المقدس.

وقال إن قوات الشرطة وجهت ضربات استباقية ناجحة للتنظيمات والجماعات الإرهابية، فى سيناء والدقهلية والقاهرة، وتمكنت من إحباط مخططات الإخوان فى إثارة الفوضى.

##






اعلان