24 - 04 - 2024

شهادة التاريخ على نشأة جماعة الإخوان في قطر

شهادة التاريخ على نشأة جماعة الإخوان في قطر

شهادة التاريخ على نشأة الجماعة في قطر

الإخوان.. من قطر إلى جنوب أفريقيا

- البداية من "الأعمال الخيرية" والتحركات "الفردية"

- بديع والشاطر هدموا ما بناوه صقر والقرضاوي والعسال فى قطر

- السيسى يستخدم أساليب ناصر لتشويه صورة الإخوان بالخليج

- الخلافات السياسية وراء استقبال جنوب أفريقيا لقادة الجماعة

- أردوغان يرحب باستقبال أفراد الجماعة.. ومصر تناشد الإنتربول 

عندما حاصر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر جماعة "الإخوان المسلمين" فى مصر، لم يكن يعلم أنه ينسج لهم خيوطًا جديدة تمتد داخل جميع دول العالم، والخليج العربى تحديدًا.

كانت قطر وجهة قادة الإخوان فى عهد "عبد الناصر"، بدأوا حياتهم بنشر الدعوة الإسلامية هناك، واقتربوا من شبابها، واقتربوا أكثر من قادتها، تسللوا عبر "التعليم" لينشروا فكرهم، ويفرضونه على الشباب والطلبة القطريين، سعيًا إلى إحداث التأثير غير المباشر، عن قناعة بأن التأثر كلما كان أبعد عن المباشرة وأبطأ زمنًا، فإنه يؤتي ثمارًا أفضل- وهو دائما مايعطى الجماعة الأمل فى العودة- ومن هنا سعوا إلى أن يتأثر شباب قطر بهم، ليكونوا "إخوانا" دون أن يشعرون، فبدأوا ينادون بضرورة وجود تنظيم أو إدارة لهم تحت راية وفكر الإمام "البنا" مؤسس الجماعة.

مسيرة إخوانية طويلة بدأت منذ عام 1954، انتهت رسميًا أو من الممكن أن نقول "شكليًا" فى سبتمر من العام الحالى، بعد قيام السلطات القطرية، بإعلان طرد 7 من قادة الجماعة، بطغوط خليجية، وتحديدًا السعودية والإمارات، الحليفين الأكبر لرئيس مصر عبدالفتاح السيسى.

وشهدت تلك المدة الزمنية، فترات اختباء، وظهور، لكن دائما أثناء فترات الاختباء، والظهور، وحتى خلال المنطقة الوسطى ما بينهما، لم تتوقف قط عن بسط أذرعها إلى ثمرات رغباتها السياسية، لاسيما مع اشتداد شوكتها، حتى وصل الأمر إلى ترديد أقاويل بمحاولة جماعة الإخوان السيطرة على الخليج العربى بدءًا من السيطرة على مصر، لقوتها ومكانتها بين الدول العربية. 

عندما أصدر عبد الناصر قراره عام 1954 بتصفية "الإخوان" فى مصر، اعتقل البعض منهم، وسمح للبعض الآخر بترك البلاد وعدم العودة إليها مرة أخرى.. عندها كان عليهم الرحيل خارج مصر خوفا من بطش "عبد الناصر"، وتنوعت المرافئ التي استقبلت هجراتهم آنذاك، فقد هاجر البعض إلى "دولة" قطر، أمثال الشيخ "عبد البديع صقر"، الذى عين مستشارا ثقافيا لحاكم قطر، والشيخ يوسف القرضاوي، الذى سافر إلى قطر عام 1961، ليصبح مديرًا لمركز بحوث السنة والسيرة النبوية بجامعة قطر حتى الآن، وعبد المعز عبد الستار - عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وأحد دعاة الإخوان المعروفين في مصر وقطر، وأحمد العسّال - أحد دعاة الإخوان الذى سافر إلى قطر في بعثة لتدريس مادة اللغة العربية في مدارسها الثانوية، وعديد من قيادات الإخوان فى ذلك الوقت.

ويفسر "مصدر إخواني" اختيارهم قطر للهجرة إليها قائلا: "عندما تهاجر إلى دولة صغيرة تعتنق الإسلام دينا لها، وليس لديها ما يجعلها تحاربك ستجد نفسك فى مأمن تعيش بحرية وتعمل بحرية".

ويكمل منهج عملهم في المهجر فيقول: كانت أولى الخطوات تعريف الناس بنا، ليتأكدوا أننا لسنا "خونة" كما وصفنا عبد الناصر، بدأنا فى تقديم دورنا الحقيقى الذى ننادى به فى كل مكان بالأرض دون خوف، وهو الدعوة إلى سبيل الله ونشر الإسلام الوسطى، فقام شيوخنا بتحفيظ القرآن وتقديم النصيحة. وبسبب وجود شيوخ أزهر بين الجماعة، استطاعوا نشر الفكر الإسلامى والدعوى بين الطلبة فى المعاهد الدينية، فالتعليم كان هو المفتاح الحقيقى ليعرف الناس "الإخوان المسلمين"، والذى أخرج فيما بعد شبابًا يقود المسيرة الآن، منهم من توفى ومنهم من بقي يؤدى دوره بكل حب للإسلام حتى الآن.

ويتابع المصدر الإخواني: استطاع "الإخوان" وضع قدم لهم فى قطر، ولم يشعروا بالغربة قط، ولكن كان هناك حرص على أن يكون العمل فرديا وألا يظهر كونها جماعة تعمل لهدف ما، خاصة بعد أن حاول "عبد الناصر" عن طريق المخابرات تشويه صورتهم بجميع دول الخليج التى تستقبلهم، وأنهم يريدون السيطرة على حكم أى بلد يقيمون فيه، فكانت المواجهة عن طريق ممارسة الجماعة لأدوارها في التربية والإغاثة والعمل الخيري، والتي كانت تزاولها عن طريق الجمعيات والأندية والمؤسسات واللجان الخيرية "القطرية" بطريقة فردية.

كان حاكم قطر الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني، يثق فى الإخوان لأنه لم ير منهم سوى الخير، وتأكد أنهم لا يريدون سوى الخير للإسلام، وهو ما جعل الشعب يتقبل وجودهم.

ويقول أحد الباحثين فى الشأن القطرى المصرى: إن الامتداد الإخوانى فى قطر بدأ فى عام 1960 إلى 1980، ليتحول من مرحلة التلقى الفكرى إلى التنفيذ والسيطرة، للدرجة التى جعلت المئات من الشباب القطرى عام 1975 يطالبون بضرورة اختيار مسئول للإشراف على تلك المعسكرات التى كان يقيم بها "الإخوان" فى قطر، دون أن يقتربوا هم من الصورة.

وفى عام 1981 بدأت المجموعة التى تشكلت - دون أن تدرى - تفطن إلى أنهم قد أصبحوا عددًا لا يستهان به، وكأنما أدركوا لتوهم أنهم تحولوا إلى "جماعة"، وهو ما دفعهم إلى تساؤلات وأطروحات فكرية داخلية عديدة مثل: من نحن؟ وماذا نفعل؟ وما الفائدة ؟ وهل هناك مشروع نسير عليه ؟ هل هذا ما نريد ؟ كيف تسير مصلحة المجتمع القطري في كل ذلك؟.

وقادتهم بعض تساؤلاتهم إلى دراسة فكر الشيخ حسن البنا، ليسيروا نحو تجربة الإخوان في مصر وخارجها عدّة سنوات.. وبعد مشاورات في منتصف الثمانينيات بدأ الاختلاف في أسلوب إدارة المجموعة، ليتنازل البعض - سواء طوعًا أو كرهًا - فكانت هذه أولى بوادر الاختلاف على القيادة في "إخوان قطر"، ولكن تبقى الجماعة ككيان لم تتأثر.

ويقول المصدر "الإخوانى": أهم ما جعل القطريين يرحبون بالفكر الإخوانى حرص شيوخنا على الأعمال الخيرية، ليس فى قطر وحدها، وإنما امتد ذلك إلى الخارج ليصل إلى وسط أفريقيا، مؤكدا أن التيارات الإخوانية بالخليج لا علاقة لها بالسياسة، كل هدفها السير بطريقة فكرية وتربوية، والمناداة بعمل الخير ومبادئ الإسلام، معترفا بعمل الجماعة بالسياسة داخل دول أخرى، حتى لا تترك الساحة للفكر المتطرف.

ورغم ادعاء الابتعاد "الإخواني" عن السياسة، فإن أهم ما كان يربط شيوخ الإخوان بعد وصولهم قطر هو اقترابهم من السلطة الحاكمة، حيث استطاعوا اقتحام النظام التعليمى عن طريق العلاقات الشخصية بالمسئولين، ولم تكن هناك أية حرب أو مواجهة تؤثر على وجودهم هناك، فكل شئ تم بالموافقة الحكومية، والملاحظ تولى قيادات الإخوان فى قطر لمناصب رفيعة تقود العالم الإسلامى عبر جمعيات، ومؤسسات تنشر الإسلام بجميع أنحاء العالم، تحت قيادة قطرية، وبأيد "إخوانية".

ويؤكد المصدر "الإخواني" أن الجماعة نجحت فى قطر لأنها تعمل بالفكر السلفى الذى يسيطر على دول الخليج، فهم سلفيون عبادة وعقيدة، ولكنهم "إخوان بالفكر"، موضحا أن مصطلح "الإخوان المسلمين" لا يتم استخدامه، فهم يعرفون بمصطلحات "الوسطيين" أو "تلاميذ الشيخ القرضاوي"، ومسميات أخرى تبقيهم في مأمن من السلطات في بعض دول الخليج، مضيفا أن هناك العديد من السلطات الخليجية في تصادم مع " الإخوان" خوفا على مناصبهم، وهو ما تعدته البحرين والكويت وقطر، الذين استوعبوا أننا جماعة دعوية، تعمل على نشر الإسلام والعمل من أجله فقط، ابتداء من عهد الشيخ علي وحتى عهد الأمير حمد بن خليفة.

ورغم استمرار عمل "الإخوان" داخل قطر لسنوات، ورغم الادعاء بالابتعاد عن العمل السياسي، ورغم عديد من الذرائع، فإن التاريخ ينطق بصحة ما فعله عبد الناصر عام 1954، فقد تم حل الجماعة في قطر أيضًا.

وقد أطلق الدكتور عصام العريان - القيادى الإخوانى، عام 2003 تصريحًا قال فيه: "إن الحالة القطرية لم تصل بعد إلى النضج الكافى الذى يجعلنا نحكم عليها"، وقد جاء ذلك تعليقا على القرار الذى أشيع  حول إلغاء الجماعة فى قطر واعتراضا على قرار الحل، مطلقا عليها "التيار الإخوانى"، كونها لم تكن متصلة بالجماعة الأم فى مصر - على حد قوله - .

وبعد دعوة الدكتور عبد الله النفيسى بتأييده قرار حل الجماعة بقطر، داعيا الجميع إلى الاقتداء بهذا المثل، خرج "العريان" مرة أخرى ليعلق قائلا: "إن دعوة النفيسي غير واقعية، وهناك إخفاق واضح ولبس شديد اتسمت به دعوة النفيسي"، خاصة وأن طلب الانقسام كان من مجموعة وليس الجماعة ككل.

وإذا كان قرار حل الجماعة في قطر قد تأخر عن القرار "الناصري" بما يزيد عن 40 عامًا، ولكن العام 2014 يشهد أن الجماعة خسرت الكثير، بعد فرار القادة من الدوحة بضغوط مصرية قبل أن تكون خليجية، وهو ما يراه البعض الضربة القاصمة للجماعة، خاصة أنها جاءت من الراعى الرسمى الأكبر لهم.

الوجهة.. والأمل

ربما عهد عبدالناصر بالنسبة للإخوان قد عاد على يد السيسى، الواقع يكشف ذلك وبمراقبة الأوضاع الحالية يتضح أن الجماعة تعيش الوقت الأصعب، حيث قلت المخارج، وأصبح الأمل ضئيل، وأن كان ممكنًا، الوقت هو الفيصل مع الجماعة، وهو مايحتاج إلى مزيدًا من الوقت حتى يتحقق سيناريو مابعد عبدالناصر، ولكن المدة التى ستستغرق عودتهم، والبلد الذى سيحتويهم، هو الفيصل الحقيقة فى عودة الجماعة من عدمه.

تونس وجنوب أفريقيا

ربما كان الخلافات السياسية بين جنوب أفريقيا وتركيا من جانب، ومصر على الجانب الآخر، أحد الأسباب التى جعلتهما الملجأ الأول لقيادات الجماعة، حيث توجه عدد من رجال الإخوان عقب خروجهم من قطر إلى جنوب إفريقيا منهم محمود حسين، أمين عام جماعة الإخوان المسلمين، ويحيي حامد القيادي بالجماعة.

يذكر أنه بعد "30 يونيو"، جمعت مصر وجنوب إفريقيا، عدة صراعات سياسية، حيث تزعمت جنوب إفريقيا حملة تجميد عضوية مصر في الاتحاد الإفريقي، وأيدت قرار مجلس السلم والأمن بتجميد عضوية مصر في الاتحاد للمرة الأولى في تاريخها، وكذلك الصراع على الحصول على مقعد دائم فى مجلس الأمن عن القارة الإفريقية، وكانت هناك مواجهة أخرى بين الدولتين الإفريقتين حول إن كانت استضافة مقر البرلمان الإفريقي في مدينة ميدراند بجنوب أفريقيا والتي فازت بها دولة جنوب إفريقيا، وفقدت مصر منصب نائب رئيس البرلمان الإفريقي، وهو ما يجعلها ملاذًا آمنا للرجال الجماعة.

قال أحمد بان، الباحث في الشؤون الإسلامية، إن اختيار قيادات الإخوان التوجه إلى جنوب إفريقيا، يأتى إلى أن تنظيم الإخوان الدولي، منتشر في جميع قارات العالم، كما أن جنوب إفريقيا لا زالت تعتبر "30 يونيو" انقلابًا عسكريًا وليس ثورة.

ورأى بان في تصريحه لـ"المشهد"، أن جنوب أفريقيا من أقوي دول القارة، ولديها ثقل دولي، مشيرًا إلى أنها دولة راعية للحريات، ولن يواجه الإخوان أى ضغوط، كما أنها لن تتعرض لأي مضايقات دولية، متوقعًا أن تكون المنفذ الجديد الدائم للجماعة بعد قطر.

ويأتى دور تركيا الدولة التى يؤيد رئيسها الحالى، جماعة الإخوان علانية، حيث وصل عمر دراج، مسئول العلاقات الخارجية للجماعة، إلى تركيا عقب طرد من قطر، إلا أن هناك أنباء تتردد حول وجود طلب مصرى من الإنتربول بتجديد التحذيرات الحمراء لأعضاء الجماعة، حيث قال وزير خارجية تركيا خلال فترة حكم حزب التنمية والعدالة الأولى، ياسر ياكيس، فى تصريحات صحفية: "إذا كانت تركيا سمحت بدخوله في وجود إنذار أحمر من الانتربول تكون الحكومة التركية قد انتهكت القوانين الدولية، لكن مع عدم وجوده تكون تركيا فقط أضافت لسوء العلاقات بينها وبين مصر".

كما ألمح أردوغان، عقب زيارته الأخيرة لقطر، أن الإخوان الذين أحبروا على مغادرة الدوحة يمكنهم المجئ لتركيا.

من جانبها أكدت حركة "إخوان بلا عنف"، أن تركيا تخصص مقار البعثات الدبلوماسية كمقرات لإقامة قيادات الإخوان، مضيفة إن تركيا تمنح اللجوء السياسي لقيادات جماعة الإخوان وتخصص مقار البعثات الدبلوماسية التابعة لها في دول العالم مقرات، لإقامة قيادات الجماعة لإفشال تحركات الانتربول الدولى في القبض على أي قيادة من قيادات الجماعة. 

##






اعلان