01 - 05 - 2025

الأوبئة في خدمة السياسة؟

الأوبئة في خدمة السياسة؟

حظى الرئيس الأمريكي باراك أوباما بموافقة  سريعة ودون عناء على قرار إرسال 3 آلاف من القوات العسكرية  الطبية إلى أفريقيا لمكافحة الإيبولا. فوز داخلي نادراً ومهماً  للرئيس الذي تنزف شعبيته منذ شهور حتى أشرفت على الهلاك.

من منظور سياسي، قد يرى بعضنا في قرار أوباما محاولة استفادة أو توظيف لمشكلة صحية توظيفاً سياسياً يقدم دعماً عاجلاً لوضعه المنتكس . أما من منظور العمل الصحي  فقد ندقق بعض الشئ في التحرك الأمريكي لنرى إن كانت له فائدة في احتواء الوباء الآخذ في الانتشار في القارة الفقيرة .

يعرف الكثيرون الآن أن مرض فيروس إيبولا والذي كان يعرف قبلاً باسم حمى إيبولا النزفيةهو مرض شديد الشراسة وغالباً ما يكون قاتلاً. ويعتبر هذا المرض من بين أشد الأمراض إعداءً في العالم ويحتاج المصابون بهذا المرض رعاية مركزة عاجلة.

سمع العالم بالمرض مؤخراً بعد أن انتشر في غرب أفريقيا وأودى بحياة بضعة آلاف في أسابيعه الأولى.وقد كان عدد غير قليل من الضحايا من بين الأطباء والممرضين وسائر مقدمي الرعاية الصحية. ذلك أنالأشخاص الأكثر تعرضاً للعدوى هم العاملون في مجال الرعاية الصحية، وأفراد الأسر، والمخالطون الوثيقون للمرضى والمتوفين.

مع تفشي مرض فيروس إيبولا في بلدان غرب أفريقيا مثل سيراليون وغينيا وليبيريا والسنغال بدا سريعاً عجز هذه الدول عن مجابهة الأزمة بجهودها الخاصة. ولجأت قياداتها إلى طلب الدعم الدولي والتعامل مع الوضع كمشكلة عالمية.  وعلى الرغم من تدخل المنظمات الدولية المعنية منذ الأيام الأولى وإسراعها بوضع خارطة طريق لسبل التصدي للإيبولا والموارد المطلوبة عاجلاً إلا أن الأزمة ظلت على حدتها بل تزداد حدة في بلدان تقف العادات والثقافات المحلية ومعها شح الموارد وضعف البنى الأساسية حائلاً دون التصدي بقوة لمشكلات فادحة من هذا النوع.

 وفي ظل الانتشار السريع لوباء لديه القدرة على الانتقال عبر أي سائل من سوائل الجسم  المصاب بالعدوى بل وبجثامين الموتى منهم، وإلحاق الخراب بالأسر والمجتمعات المحلية، لم يكن بالمستطاع مكافحة العدوى عبر تطبيق الإجراءات الوقائية الموصى بها في العيادات والمستشفيات، وأثناء التجمعات المجتمعية، وداخل المنازل. خاصة مع عدم توافر لقاح جاهز للوقاية من المرض أو دواء فعال قادر على شفاء المصابين به حتى الآن.

من هنا جاء ترحيب المنظمات الدولية المعنية  بمساهمة حكومة الولايات المتحدة الأمريكية في العمل بشكل كبير على استكمال جهودها السابقة للتصدي للإيبولا في غرب أفريقيا.

واكب القرار الأمريكي طلب من الإدارة الأمريكية  للأمم المتحدة لاعتبار الإيبولا حالة تهدد السلم والأمن الدوليين. وفي غضون ساعات كابدأ الإعداد للتحرك وبصبغة عسكرية في التنفيذ. ويتمثل العمود الفقري للتحرك الولايات المتحدةفي توفير القيادة العسكرية لجهود التصدي للإيبولا، والعمل على إنشاء وحدة إقليمية للقيادة والمكافة في المحيط الإفريقي  . ويتضمن إنشاء قاعدة انطلاق عسكرية لتيسير تنسيق الاستجابة الأميركية والدولية، ولتسريع نقل المعدات والإمدادات والموظفين بما في ذلك الآلاف الثلاثة من الجيش.

التدخل عاجل ومهم وهو أيضاً مكلف وقد تجد بلدان أفريقية- ليست الأكثر تضرراً بالمرض الفتاك- نفسها مسؤولة عن تسديد فاتورة التدخل الأمريكي. ومن هذه الدول نيجيريا الغنية بالبترول والتي لم تقع فيها إصابات كبيرة لكن صيحات التهديد تلاحقها من فزاعة الإيبولا بما يحتم عليها تسديد الفاتورة نقداً أو بترولاً.

مقابل الموقف الأمريكي ، ثمة مساهمات من بلدان أخرى بعيدة جغرافياً عن أفريقيا لكنها لم تتأخر في المشاركة . وللمفارقة فإن على رأس هذه البلدان كوبا التي أبدت التزاماً بتوفير  المهنيين الصحيين لدعم الجهود المبذولة لرعاية مرضى الإيبولا في غرب أفريقيا. وكوبا معروفة على مستوى العالم بقدرتها على تدريب الأطباء والممرضات المتميزين وبسخائها في مساعدة البلدان المتضررة. لكن ليس من الواضح إن كان التدخل مجانياً أم استثماراً للمستقبل.

أفريقيا ستظل مسرحاً للتدخل الخارجي إن لم يكن لأسباب سياسية مباشرة فلظروف تبدو غير سياسية لكن يتم توظيفها سياسياً واقتصادياً في غيبة من كبار دول القارة.  

##

##

مقالات اخرى للكاتب

رؤية خاصة| نورا على طريق الغارمات