19 - 04 - 2024

النقد انحياز موضوعي وذاتي

النقد انحياز موضوعي وذاتي

النقد حالة حوار مع النص الجمالي، وإعادة إنتاج له، جسر يربط المنتج الإبداعي بالمتلقي، ربط النص الجمالي بآبائه وأشقائه. النقد- بالنسبة لي- استمتاع وإمتاع، أو سعي دائم لذلك الهدف، محاولة الامتلاء بلذة للنص وإغواء القارئ بأن يسعى إليه.

النقد فوضوي خلاقة بقدر ما هو التزام، محاولة تمرد على قوالب تقعيدية بمثل احتياجنا للاسترشاد بها، وبمثل سير الناقد وفق مناهج بحثية وخطوات أقرب لأن تكون علمية، غير أن من اللازم أن يعمل الناقد حسه الفطري، والمدرَّب في آن. كذلك النقد انحياز، الحيادية تسطح النقد وتفقده قيمته وتسلبه قدرته على التمييز القيمي بين الأعمال والأصوات المبدعة، هو انحياز موضوعي وذاتي، موضوعي لأنه لا يجب أن يقوم على حسابات ومصالح شخصية، وذاتي لأنه ينبثق من ذائقة ذاتية.

ما كان يهمني في النقد هو التنويع فيما أتناوله من أجناس الإبداع بالدراسة من سرد سواء قصصي أو روائي وشعر ومسرح، لاحظت أن من أكبر المشكلات التي تواجه النقد أو من أكبر نقائص الجهود النقدية التطبيقية هي التركيز على جنس الراوية في معظم الكتابات النقدية، أما بقية الأنواع فلا يتبقى لها إلا الفتات والقليل من الممارسات النقدية. لذلك قد كان اهتمامي الأكبر بالشعر والمسرح لحفظ التوازن النقدي، فكتبت في نقد الشعر ما يقارب الثمانين دراسة، تنوعت بين نقد الشعر العمودي وقصيدة التفعيلة وقصيدة النثر، اللاتفعيلية. ورغم حرصي الكبير في بداياتي على تناول كل أجيال الشعر بدراسة نماذج منها وكذلك التنويع في نقد الشعر بمختلف ألوانه فتناولت كذلك بعض شعراء العامية كصلاح جاهين والأبنودي وسيد حجاي وأحمد فؤاد نجم، غير أني في تلك البرهة الآنية معني أكثر بتناول رموز الكتابة الطليعية المجددة في الشعر كأسامة الدناصوري وإيمان مرسال وجيهان عمر وأحمد يماني وبالكتابة عن شعراء شباب واعدين كجورج ضرغام الذي راهنت عليه وكنت أول من يكتب عنه مقالين حين أصدر ديوانه الأول "هيستريا شتاء قاهري".

لا يمكن أن أدلي بشهادة لي عن تجربتي النقدية دون التعرض لفصول، كبرى المجلات النقدية الأكاديمية في العالم العربي. تعلمت في فصول محاولة تقديم كتابة نقدية مجددة لرموز إبداعية كبرى، رغم ما قد يكون من سابق الكتابات عنها، وتلك هي المغامرة، ففي فصول أكتب عن سعدالله ونوس ونجيب محفوظ وجاك بريفير ونزار ودرويش وأمل دنقل ومحمد سليمان ولكن أسعى للتجديد بالكتابة عما لم يتم تناوله في تجاربهم، وكذلك أكتب عن إيمان مرسال وجيهان عمر وأحمد يماني وأسامة الدناصوري كرموز كبيرة ووجوه ناصعة لجيلي التسعينيات والألفية الجديدة من المبدعين.

([1])رضا عطية، ناقد أدبى، حاصل على درجة الماجيستير في اللغة العربية وآدابها شعبة الدراسات الأدبية والنقد الأدبي في مسرح سعد الله ونوس (دراسة سيميولوجية)، سكرتير تحرير مجلة فصول النقدية من 2013، سكرتير تحرير مجلة إبداع المصرية من 2011 حتى 2013.

##






اعلان