26 - 04 - 2024

علم التجرد والإنصاف

علم التجرد والإنصاف

النقد علم، والعلم يقتضي التجرد من الميل والهوى، كما يقتضي الإنصاف والحيدة والموضوعية، والنقد الأدبي خاصة من أبرز مهامه الكشف عن المواهب، وتغطية الفعاليات الأدبية والثقافية بأجناسها كافة. والنقد الأدبي عند العرب أداته ووسيلته الأولى هي اللغة، ولعل هذا ما يفتقده كثير من النقاد، إذ تكمن أهمية اللغة لدى الناقد العربي في محاولة الوصول إلى رؤية ورسالة النص الأدبي باعتباره نصا لغويا في المقام الأول، ثم تأتي بعد ذلك الوسائل الأخرى، أما أن تصير لغة النقد لغة غريبة ومغربة من خلال استغلال المصطلحات الأجنبية شديدة التعقيد فهذا أمر غير مقبول؛ إذ ينبغي أن يستنبط المصطلح النقدي من أعماق التحليل النصي، وموافقا للذوق العربي العام. إن ما يصلح للأدب الغربي ليس بالضرورة أن يصلح للأدب العربي، وإن ما ابتلي به نقدنا الحديث يفوق كثيرا العقلية العربية القائمة على الاستيعاب والاندماج والمشاركة. ويجب أن يحذر الناقد العربي من الانبهار الزائف للنقد الغربي القائم على التفكيك والانحلال، والداعي إلى الحرية العبثية، والتطاول على الثوابت الراسخة في الوجدان.

إن الناقد العربي الآن مقصر في عدم مجاراة الحركة الإبداعية القائمة، إذ تحظى منطقة جغرافية ما باهتمام يفوق الاهتمام بمنطقة جغرافية أخرى في الوطن الواحد، كما أنه على غير وعي تام بما يدور في باقي الأقطار العربية، التي تجاوزت مرحلة الاتباع إلى مرحلة الإبداع، ومن ثم وجدنا تفوقا ملحوظا للناقد العربي في باقي الأقطار على مركز الحضارة والثقافة المعتمد منذ زمن بعيد، ولذا أدعو نقادنا ومبدعينا إلى الانصهار مع باقي الأقطار الأخرى لنقف على نظرية إبداعية ونقدية عربية مشتركة تنبع من ثقافة وحضارة واحدة عمادها اللغة المشتركة والأفكار المشتركة أيضا. 

##






اعلان