25 - 04 - 2024

الطابور الخامس وازمة الكهرباء

الطابور الخامس وازمة الكهرباء

الشعب المصري الذي عاش آلاف السنين يقاوم الاحتلال ويهزم الغزاة .. ذلك الشعب الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم إنه في رباط إلى يوم الدين .. يحاول البعض الآن أن يظهروه في صورة الشعب الرافض المتذمر الذي أصبح لايتحمل الأزمات التي يمر بها أو أنه لايدرك مدى الخطورة والمؤامرات التي تحيط به

هناك دائما من يمارس دناءته وسفالته في الظلام ويحرك الفتن ويعبث بأمن مصر والمصريين من خلف الستار .. وهو ما حدث في أزمة انقطاع الكهرباء مؤخرا عن العاصمة وعدد من المحافظات

ولكن .. وأيا كان سبب انقطاع الكهرباء فلم يكن من اللائق أن يخرج علينا كثير من الإعلاميين ليعلنوا الحرب على الدولة الفاشلة التي لاتقدر على حل أزمة الكهرباء لأنها حكومة فاشلة وعلى الرئيس أن يقوم بعزل رئيس الوزراء ووزير الكهرباء وتعيين حكومة جديدة قادرة على إدارة الأزمة

ولنفترض أن الرئيس قد استجاب لهؤلاء وعزل الحكومة بكاملها أو حتى قام بعزل وزير الكهرباء فهل سيحل هذا الأزمة التي يعرف تفاصيلها الكبير والصغير في مصر .. لا أعتقد أن هذا هو الحل لأن المشكلة ببساطة موجودة ومستقرة لأي وزير قادم لوزارة الكهرباء .. ولن يحلها تغيير وزير أو تغيير وزارة

الجميع يعرف أن مصر تواجه أزمة خطيرة في الكهرباء لأسباب عديدة أولها أن المحطات الموجودة لاتعمل بكامل طاقتها بسبب العجز عن توفير السولار المطلوب لتشغيل المحطات .. بالإضافة إلى عدم إجراء الصيانة المطلوبة لهذه المحطات بالشكل المطلوب مما يؤثر بالضرورة على كفاءة التشغيل ..

ولاننسى أنه منذ وقوع أحداث يناير لم يتم افتتاح محطة كهرباء واحدة جديدة في الوقت الذي كانت محطات الكهرباء من المشروعات الرئيسية التي كانت على أولوية اهتمامات الدولة قبل يناير 2011 وكان افتتاح محطات الكهرباء من الأخبار التي نشاهدها يوميا ونعتبرها اخبارا عادية 

ومع تراجع الآداء في المحطات التي تعمل حاليا والمشاكل التي تواجهها لايمكن أبدا تجاهل العنصر البشري الذي يعمل بكل مايملك من جهد لتعطيل المسيرة وضرب أي استقرار .. فنرى عناصر الإخوان وقد أصبحت في عداوة مباشرة مع المصريين عموما وليس مع الدولة أو الجيش والشرطة فقط .. فأصبحت الآن تقوم بتفجير محطات الكهرباء والأبراج والمولدات .. ناهيك عن سرقة المحولات وحرقها حتى أن عدد المحطات التي تم حرقها وصل إلى مايزيد عن 300 محطة خرجت من الخدمة أو تم إعادتها للخدمة بتكاليف باهظة تشكل عبئا كبيرا على ميزانية الدولة في الوقت الذى نعمل فيه على توفير كل جنيه لمشروعات أخرى تمثل الحلم الواعد لمصر والمصريين

تناسينا كل هذه المشاكل والعراقيل التي يتم وضعها عمدا في طريق مصر وخرج علينا البعض يهاجم الدولة ويحرض المصريين ويهدد بثورة جديدة على نفس الطريقة القديمة بوضع السم في العسل ليظهر في صورة المتحدث الوطني الذي يحرص على مصلحة بلاده وهو في الحقيقة ينخر في عظامها ويدبر لها في الخفاء

خرج الإعلاميون ليكيلوا الاتهامات للدولة ويطالبوا بعزل الوزير والوزراة بل وزاد البعض واتهم رئيس الدولة بالفشل في إدارة أزمة الكهرباء

إن هذا الشعب الذي صمد في حروب عديدة وأزمات أشد وأعتى مما يحدث الآن هو نفس الشعب الذي سيصبر ويقاتل بكل قوة لاستعادة استقراره وأمنه واقتصاده الذي يتحرك البعض بكل قوة لتدميره

لقد عاش الشعب المصري أزمات أشد في نكسة 67 ولم يستسلم وعاد بعدها بسنوات قليلة ليسترد كرامته في 73 بانتصار زلزل العالم كله وبمعارك يتم تدريسها في أكبر معاهد العلوم العسكرية في العالم .. لم يستسلم الشعب للهزيمة الساحقة ووقف وقفة رجل واحد حتى انتصر واسترد كرامته

أما الآن فالبعض يرى أن انقطاع الكهرباء لمدة ساعة أو اكثر هو أزمةأشد خطرا من هزيمة 67 .. بل ويحرض الشعب على الثورة لأن الحكومة فاشلة والنظام عاجز عن حل الأزمة الطاحنة أو التعامل معها

المشكلة الأكبر التي يجب أن نواجهها ليست في انقطاع الكهرباء ولا في نقص الخدمات ولا في أي عجز أو تراجع في أي قطاع .. المشكلة الكبرى التي يجب أن نواجهها هي الطابور الخامس الموجود بيننا يعمل ويظهر في صورة الوطنيين المخلصين  

المشكلة الأكبر أن مصر محاطة بأخطار أكبر بكثير من مشكلة انقطاع الكهرباء .. مشكلة وجود ومصير ومؤامرات لتدمير مصر وتقسيمها .. وإلى كل المشككين والمطبلاتية في كل مصيبة نقول إن انقطاع الكهرباء لفترات هو أفضل بكثير من عدم وجود كهرباء بالمرة.. فدول أخرى تحيط بنا لم يعد فيها لاكهرباء ولا ماء ولاحياة.. ونحن مازلنا نتحدث ونجادل ونشكك في كل شئ حولنا .. فانتبه ياشعب وتذكر أن كهرباء مقطوعة أفضل من ظلام دائم

مقالات اخرى للكاتب

الأيدي المرتعشة.. و حقوق الشهداء





اعلان