عندما انهزم جيش موسيليني في صحراء ليبيا أمام الجيش البريطاني، تم الدفع بقوة ألمانية يقودها جنرال كان لا يزال مغمورا اسمه رومل، واستطاع هذا الجنرال استعادة الأرض التي فقدها الإيطاليون، إلا أن نقص الإمكانيات اضطره إلي الإنسحاب التكتيكي.
ورغم أن هتلر كان قد بدأ في ذلك التوقيت حشد قواته في اتجاه الشرق لغزو الاتحاد السوفييتي، فأن رومل بإمكانيات شبه منعدمة وبدون غطاء جوي كاف، اندفع في معارك تعد دروسا في حروب الصحراء، فأعاد احتلال طبرق واندفع من بنغازي بمناورة واسعة إلي الجنوب كي يطوق القوات البريطانية المتفوقة عددا وعدة، مخترقا الحدود المصرية إلي ما بعد مرسي مطروح في اندفاع كاسح وتم أسر ما يزيد علي ثلاثين ألفا من قوات الحلفاء.
ووقف أمام العلمين وقفة تكتيكية ينتظر الإمدادات، وعندما أرسل هتلر له يطالبه بالقتال حتي آخر جندي، قال رومل لمعاونيه "الفوهرر مجنون، ليس هناك ما يسمي قتال لآخر جندي"، ولقد نجح ثعلب الصحراء في تنفيذ انسحاب تكتيكي مذهل أنقذ الجسد الرئيسي من قواته.
لقد صنع رومل كل هذه الشهرة في حرب الصحراء رغم انه لم يكن قد سبق له القتال في تلك الأجواء، وذلك لأنه كان جريئا ومقداما، وساعدته صفاته الشخصية علي تعويض نقص خبرته في الصحراء، فقد تماشي أسلوب الحرب الخاطفة، والاختراق خلف خطوط العدو والتطوير مع الاستخدام الماهر المدرعات، والتمهيد المدفعي الكثيف ..
ولقد استفاد موشيه دايان كثيرا من تجارب رومل في حرب الصحراء، ولكن تفوق رومل في أنه لم يجد فرصة لتدريب قواته، بعكس دايان الذي امتلك الوقت للتدريب واكتساب الخبرة وخاصة في أسلوب الحرب الخاطفة bleatzkreig التي كانت بحق اختراعا ألمانيا.
---------------------------------
بقلم: معصوم مرزوق
* مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق






