كشف محمد حسام ثابت مدير برنامج دراسات الإرهاب والتطرف بمركز مسارات للدراسات الاستراتيجية في تقدير موقف حديث أن الهجوم الذي نفذه تنظيم «داعش» الإرهابي في 13 ديسمبر الجاري داخل بادية تدمر شرق سوريا، وأسفر عن سقوط قتلى وجرحى من العسكريين والمدنيين الأميركيين، يمثل مؤشرًا خطيرًا على دخول التنظيم مرحلة جديدة من التكيف الاستراتيجي، تتجاوز منطق الهزيمة العسكرية التقليدية.
وأوضح التقدير أن التنظيم لم ينحسر بعد انهيار مشروع «الدولة»، بل أعاد تشكيل بنيته ليصبح فاعلًا مرنًا يعمل عبر خلايا لامركزية منخفضة الكلفة، عالية التأثير، قادرة على استثمار الفراغات الأمنية والهشاشة السياسية في البيئة السورية، معتمدًا على عمليات رمزية تحمل رسائل نفسية وسياسية تتجاوز حجمها الميداني.
وأشار إلى أن داعش بات يركز على تعظيم الأثر غير المباشر للهجمات المحدودة، مستهدفًا إعادة تثبيت حضوره المعنوي، وبث الشكوك حول قدرة القوى المحلية والدولية على فرض الاستقرار، في وقت تتراجع فيه أولوية مكافحة الإرهاب لصالح صراعات إقليمية ودولية أكثر تعقيدًا.
وسلط التقدير الضوء على الدور المتنامي للمخيمات، وعلى رأسها «الهول» و«روج»، باعتبارها حواضن أيديولوجية صامتة يستخدمها التنظيم لإعادة إنتاج التطرف، عبر شبكات نسوية وأطر اجتماعية مغلقة تضمن نقل الفكر المتطرف إلى الأجيال الجديدة، بما يحول المخيمات إلى مخزون بشري مؤجل للتهديد المستقبلي.
وأكد التقدير أن داعش انتقل من السعي للسيطرة الجغرافية إلى إدارة تهديد طويل الأمد قائم على استدامة الفكرة وليس الأرض، مستفيدًا من تآكل أدوات المعالجة الفكرية والاجتماعية، وغياب حلول جذرية لأزمات ما بعد الصراع.
وحذر الباحث من أن الاكتفاء بالحلول الأمنية والعسكرية لم يعد كافيًا، مشددًا على ضرورة تبني مقاربة شاملة تدمج بين (الردع الأمني- إعادة التأهيل المجتمعي - التعليم - التعاون الإقليمي والدولي)، مع مواجهة الحرب النفسية والإعلامية التي يعتمد عليها التنظيم في تضخيم تأثير عملياته.
واختتم التقدير بالتأكيد على أن مستقبل التهديد الداعشي في سوريا لن يُقاس بعدد الهجمات، بل بقدرة التنظيم على إعادة إنتاج ذاته داخل البيئات الهشة، وأن نجاح المواجهة مرهون بكسر دورة التطرف قبل أن تتحول إلى موجة جديدة من عدم الاستقرار الإقليمي.






