أكدت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، كايا كالاس، أن اجتماع المجلس الأوروبي يشهد جدول أعمال مكثفًا وحافلًا بالملفات المعقدة، يتصدرها الوضع في أوكرانيا، مشددة على أن الدعوات الدولية للسلام لا تزال «أحادية الجانب»، في ظل غياب أي استعداد حقيقي من جانب روسيا للدخول في مفاوضات جادة.
وقالت كالاس، في تصريحات صحفية لدى وصولها إلى مقر الاجتماع في بروكسل، إن الاتحاد الأوروبي لم يلمس حتى الآن أي رغبة روسية حقيقية في التقدم نحو السلام، لافتة إلى أن موسكو رفضت حتى مقترح وقف إطلاق النار خلال عيد الميلاد، ما يؤكد بحسب تعبيرها ضرورة تكثيف الضغوط على روسيا لدفعها من «التظاهر بالتفاوض» إلى الجلوس فعليًا إلى طاولة المباحثات.
وأوضحت المسؤولة الأوروبية أن القادة سيناقشون أيضًا ملف «قرض التعويضات» المخصص لدعم أوكرانيا، مشيرة إلى أن المقترحات المطروحة أخذت في الاعتبار المخاوف التي أبدتها بلجيكا. وأضافت أن تحويل الملف إلى مقترح تشريعي أوروبي يعني تقاسم المخاطر والأعباء بين جميع الدول الأعضاء، باعتباره مقترحًا أوروبيًا جماعيًا، معربة عن أملها في تجاوز العقبات والوصول إلى اتفاق نهائي، محذرة من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «يراهن على فشل الاتحاد الأوروبي».
وفيما يتعلق بالشق الاقتصادي، أكدت كالاس أن الاجتماع سيناقش تعزيز القدرة التنافسية الأوروبية، مشددة على أهمية تنويع اتفاقيات التجارة، وعلى رأسها اتفاق «ميركوسور»، بما يفتح آفاقًا جديدة أمام الشركات الأوروبية، في عالم وصفته بـ«الخطير»، حيث تُستخدم التجارة وسلاسل الإمداد كأدوات ضغط سياسي.
ورداً على أسئلة الصحفيين، أوضحت كالاس أن الضغوط الواقعة على بلجيكا، سواء من روسيا أو من دول أوروبية أو من الولايات المتحدة، يمكن تخفيفها من خلال اعتماد مقترح أوروبي موحد، بحيث تصبح المسؤولية قانونيًا على مستوى الاتحاد ككل، وليس على دولة بعينها.
وأكدت أن روسيا، باعتبارها الطرف المتسبب في الدمار داخل أوكرانيا، يجب أن تتحمل مسؤولية التعويضات، وهو الأساس الذي يقوم عليه مقترح القرض.
وحذرت من تداعيات الفشل في التوصل إلى اتفاق، قائلة إن الاتحاد الأوروبي «لا يملك رفاهية الإخفاق»، لأن موسكو تراهن على انقسام أوروبا، مشددة على أن وحدة الدول الـ27، رغم ما تتطلبه من نقاشات طويلة، تبقى مصدر قوة الاتحاد.
وفي ملف الضمانات الأمنية، أكدت كالاس أن المباحثات تسير في الاتجاه الصحيح، مشيرة إلى أن أوكرانيا بحاجة إلى ضمانات ملموسة، لا تقتصر على التعهدات الورقية، بل تشمل تحديد الأطراف التي ستقدم الدعم العسكري والقدرات الدفاعية في حال تعرضها لهجوم جديد، مع التأكيد على أهمية مشاركة الولايات المتحدة في هذه الضمانات.
كما أشارت إلى أن ملف توسيع الاتحاد الأوروبي سيكون حاضرًا بقوة، عقب مناقشات أُجريت مع دول غرب البلقان، معتبرة أن المرحلة الحالية تمثل فرصة محورية لتعزيز الثقل الجيوسياسي لأوروبا، في وقت لا تزال فيه دول عديدة تسعى للانضمام إلى الاتحاد.
وفيما يخص جورجيا، شددت كالاس على أن الاتحاد الأوروبي يدعم الشعب الجورجي، لكنه لا يدعم سياسات الحكومة الحالية التي تسير بالبلاد في اتجاه مغاير لمسار الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، مؤكدة أن استمرار تلك السياسات سيعرقل ملف الترشيح.
وعن الأصول الروسية المجمدة، أكدت أن السلام لا تعرقله هذه الأصول، بل تعرقله روسيا نفسها التي لم توافق على أي مبادرة، واستمرت في القصف وإلحاق الأذى بالمدنيين، مشددة على أن العقوبات وقرض التعويضات أدوات ضغط ضرورية، كما أنها توفر تمويلاً لأوكرانيا خلال العامين المقبلين.
وحول فرص التوصل إلى اتفاق خلال الاجتماع، قالت كالاس إن الجهود ستتركز على إنجازه اليوم أو خلال فترة انعقاد الاجتماع، حتى لو استدعى الأمر تمديده، مؤكدة أن الاتحاد سيواصل النقاش إلى حين الوصول إلى حل. وأضافت أن فرص النجاح «متساوية»، واصفة إياها بنسبة 50 في المئة، لكنها شددت في الوقت ذاته على أهمية عدم التحرك دون موافقة بلجيكا، انطلاقًا من الحرص على وحدة الموقف الأوروبي.






