قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، إن الجلسة الكاملة الرابعة للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني تمثل محطة محورية في مسيرة التنمية الصينية، ليس على الصعيد الداخلي فحسب، بل على مستوى الشراكات الدولية، وفي مقدمتها الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين ومصر، فضلًا عن انعكاساتها على الاقتصاد العالمي والنظام الدولي.
و أعربت ماو نينغ، خلال بيان لها ، عن سعادتها بزيارة مصر، مشيرة إلى ما لمسته من عمق الحضارة المصرية العريقة وحيوية الدولة الحديثة، إلى جانب ما يتمتع به الشعب المصري من ودّ وكرم ضيافة.
وأكدت أن الاهتمام المتزايد في مصر بالتجربة الصينية يعكس تقاربًا حضاريًا وفكريًا بين البلدين، تجسده المكانة التي حظي بها كتاب «شي جين بينغ حول الحكم والإدارة» بعد صدوره باللغة العربية، ودخوله المكتبات التعليمية في مختلف المحافظات المصرية، في سابقة تُبرز عمق التبادل الثقافي والفكري بين الجانبين.
وأوضحت المتحدثة الصينية أن العلاقات بين الصين ومصر تستند إلى جذور حضارية ضاربة في التاريخ، حيث مثّل البلدان على مدار آلاف السنين نموذجين لحضارتين عظيمتين تفاعلتَا عبر طريق الحرير، وتبادلتَا السلع والمعارف والأفكار.
ولفتت إلى أن هذا الإرث المشترك لا يزال حاضرًا في الحاضر، كما تجلّى في افتتاح المتحف المصري الكبير، الذي اعتبرته رمزًا للتعايش الحضاري، مشيرة إلى أن الرئيس شي جين بينغ بعث رسالة تهنئة بهذه المناسبة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأوفد مبعوثًا خاصًا للمشاركة في مراسم الافتتاح.
وأكدت ماو نينغ أن التعاون الصيني المصري شهد على مدار السنوات الماضية نموًا لافتًا، حيث تواصل الصين تصدرها قائمة الشركاء التجاريين لمصر للعام الثالث عشر على التوالي، إلى جانب كونها من أكثر الدول استثمارًا ونموًا في السوق المصرية.
وأشارت إلى أن عدد الشركات الصينية العاملة في مصر تجاوز 2800 شركة، باستثمارات تقارب 9 مليارات دولار، فضلًا عن مشروعات بارزة من بينها منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة، التي أصبحت أحد رموز التعاون الاقتصادي بين البلدين.
وفي سياق حديثها عن الجلسة الكاملة الرابعة للجنة المركزية العشرين، أوضحت المتحدثة الصينية أن الاجتماع رسم ملامح المرحلة المقبلة من التنمية في الصين، من خلال إقرار مقترحات الخطة الخمسية الخامسة عشرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، التي ستحدد توجهات الدولة خلال السنوات الخمس المقبلة، مؤكدة أن نظام الخطط الخمسية شكّل أحد أسرار الاستقرار والاستمرارية في التجربة التنموية الصينية.
وأشارت إلى أن الصين نجحت، عبر هذا النهج التراكمي، في تحقيق تحول تاريخي، انتقلت خلاله من دولة نامية إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم، مع الحفاظ على معدلات نمو مستقرة، وتحقيق قفزات نوعية في الابتكار العلمي والتكنولوجي، وتحسين مستوى معيشة المواطنين، والقضاء التام على الفقر المدقع، فضلًا عن تحقيق تقدم كبير في التحول الأخضر وحماية البيئة.
وأكدت ماو نينغ أن الخطة الخمسية الخامسة عشرة تركز على دفع التنمية عالية الجودة، وتعزيز الاعتماد على الابتكار والتكنولوجيا المتقدمة، وبناء سوق محلية قوية، وتوسيع الانفتاح عالي المستوى، وتسريع التحول نحو الاقتصاد الأخضر، بما يضمن تنمية أكثر توازنًا واستدامة.
وفيما يتعلق بمصر، شددت المتحدثة الصينية على أن مخرجات الجلسة الكاملة الرابعة تفتح آفاقًا واسعة لتعميق التعاون الثنائي، خاصة في إطار مبادرة «الحزام والطريق»، وتعزيز الشراكة في مجالات التصنيع، والتجارة، والطاقة المتجددة، والاقتصاد الرقمي، والابتكار العلمي، بما يحقق المنفعة المتبادلة للشعبين.
كما أكدت أن التعاون الصيني المصري في مجالات التكنولوجيا المتقدمة والطاقة النظيفة يمثل نموذجًا ناجحًا للتعاون بين الدول النامية، مشيرة إلى مشروعات بارزة، من بينها إطلاق القمر الصناعي «مصر سات-2»، ومحطات الطاقة الشمسية، وبرامج التدريب الفني، التي تسهم في دعم التنمية المستدامة ورفع كفاءة الكوادر البشرية.
وعلى الصعيد الدولي، أوضحت ماو نينغ أن الجلسة الكاملة الرابعة تسهم في تعزيز رؤية الصين لبناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية، من خلال ربط التنمية الصينية بالتنمية العالمية، ودعم التعددية، والتصدي للتحديات المشتركة، عبر مبادرات التنمية والأمن والحضارة العالمية، مؤكدة أن الصين تسعى إلى تقديم نموذج عملي للتعاون الدولي يقوم على الشراكة والاحترام المتبادل والتنمية المشتركة.
واختتمت المتحدثة الصينية حديثها بالتأكيد على أن المرحلة المقبلة ستشهد تعميقًا أكبر للتعاون الصيني المصري على مختلف المستويات، بما يعكس عمق العلاقات التاريخية بين الحضارتين، ويؤسس لشراكة أكثر شمولًا في مواجهة التحديات وتحقيق التنمية والازدهار.





