18 - 12 - 2025

الكيان المشوه يتحرش بالكنانة

الكيان المشوه يتحرش بالكنانة

يبدو أن السلطات الصهيونية تواصل إثارة أكثر من ستار من الدخان في أكثر من اتجاه ، سواء لإخفاء نيتها الرئيسية ، أو لخداع الرأي العام الإقليمي والمحلي .

تتواتر التصريحات من الجانب الصهيوني ، تلمح إلي أنهم سيقومون بفتح معبر رفح ، والرسالة المبطنة هي دفع أهل غزة للفرار من الجحيم عبر المعبر ، والتسبب في إحراج الجانب المصري الذي نجح مؤخراً في إحكام الحصار حول محاولات الكيان لإستئناف ما يسمي " السلام الإبراهيمي " ، الذي يتبرأ منه السلام نفسه ، ويرفضه أبو الأنبياء لإصطباغه بدماء الأبرياء .

طبقاً للقانون الدولي ، لا يمكن فتح أي معبر حدودي في العالم إلا بتنسيق وإتفاق مسبق بين الأطراف المعنية .

ولكن من الواضح أن الكيان الإرهابي إما أنه يضغط للحصول من مصر علي مكاسب تتعلق بوضعية الكيان إقليمياً، وإما أنه يمهد بهذا القصف الدعائي للقيام بعمل عسكري محدود بأي حجة لفتح الطريق أمام الهجرة الفلسطينية تحت ضغط قصف شديد ومتواصل ، واقتحام بالمدرعات ، تحت غطاء جوي مناسب .

ولم يكتف الكيان الصهيوني بذلك ، وإنما تعمد خلال الأيام السابقة عن نشر شائعة قوية حول لقاء يجري الترتيب له بين نتنياهو والرئيس المصري ، وليس من الواضح  ترتيب لأي زيارات سوي ما تردده بعض وسائل الإعلام ، وهناك تصريحات مجهولة النسب تحاول الإيحاء بأن زيارة نتنياهو لواشنطن يوم 29 الجاري ، قد تشهد لقاء قمة ثلاثي أو رباعي بينه وبين بعض قادة المنطقة تحت  رعاية ترامب " بحجة وضع تفاصيل المرحلة الثانية من خطة ترامب موضع التنفيذ".

من الواضح أن الكيان الصهيوني لا يزال يقدم العراقيل أمام أي خطوة للأمام ، ومن البديهي أن إعادة الإعمار هو إصطلاح ينصرف إلي مساحة جغرافية محددة ، وهي ما لا يزال الكيان يتهرب عن الإلتزام به ، لذلك إذا لم تكن هناك ضغوط أمريكية جادة وقوية ، فلا أظن أن خطة الإعمار سوف تبدأ قريبا.

إدارة قطاع غزة أيضا لا يزال سؤالاً مفتوحاً علي كافة الإحتمالات ، لأنه يرتبط أساسا بمصير المقاومة الفلسطينية في غزة ، وأتصور أن الموقف المصري الذي تم الإعلان عنه في هذا الصدد يمكن البناء عليه إذا سلمت النوايا ، ولكنني أتشكك في ذلك.

وفيما يتعلق بمعضلة إعادة التعمير ، فإن التمويل سوف يتطلب جهدا دبلوماسيا مرهقا وخلاقا ، هناك تردد من دول الثروة العربية ، وعدم وضوح لدي المجتمع الدولي، واظن أن مصر وبعض الدول الفاعلة يمكن أن تتبني تحركا دبلوماسيا يعتمد علي خطة إعمار متدرجة، تضمن في المرحلة الأولي مهمة إنقاذ للبشر بتوفير البنية الأساسية في المياه والطاقة والمستشفيات، مع تنفيذ مساكن سابقة التجهيز بتوسع، علي أن يتم الإنتقال إلي السكن الفعلي في مرحلة لا تتجاوز خمسة أعوام .

ومن ناحية أخري ، لم أعد أعول علي التصريحات المتناثرة من واشنطن ، لأنها لا تعكس رؤية واضحة ومحددة، بل تخضع لأهواء اللحظة.. أنا شخصيا أعترض  علي مبدأ إنشاء  لجنة أجنبية للحكم في غزة ،  لأن الشعب الفلسطيني ليس قاصراً ، وأظن أن محاولة صنع "بريمر " جديد علي نمط ما حدث  في العراق سوف تفشل لأسباب كثيرة ليس هنا مجال مناقشتها، ولن تستقر الأوضاع إلا بإدارة فلسطينية من شخصيات يُشهد لها بالجدارة في الإدارة ، بالتنسيق مع دول الجوار العربية ، كلما ذلك ممكناً .

------------------------------------------

بقلم: معصوم مرزوق

مساعد وزير الخارجية الأسبق

مقالات اخرى للكاتب

الكيان المشوه يتحرش بالكنانة