12 - 12 - 2025

بنغلاديش تتجه إلى انتخابات وطنية مصيرية في فبراير المقبل وسط ترحيب سياسي واسع وإصلاحات غير مسبوقة

بنغلاديش تتجه إلى انتخابات وطنية مصيرية في فبراير المقبل وسط ترحيب سياسي واسع وإصلاحات غير مسبوقة

أعلنت لجنة الانتخابات في بنغلاديش الجدول الزمني للانتخابات البرلمانية الوطنية الثالثة عشرة، المقرر إجراؤها في الثاني عشر من فبراير من العام القادم، وذلك بالتزامن مع تنظيم استفتاء شعبي حول تنفيذ الميثاق الوطني لشهر يوليو في اليوم نفسه. جاء الإعلان خلال خطاب وجه إلى الشعب مساء الخميس ألقاه رئيس اللجنة أ.م.م. ناصر الدين، مؤكدا أن البلاد مقبلة على استحقاق انتخابي غير مسبوق في أهميته وتوقيته.

انتخابات واستفتاء في يوم واحد

وأوضح رئيس لجنة الانتخابات أن اقتران الانتخابات بالاستفتاء يشكل تجربة جديدة تعكس رغبة الدولة في إعادة ترسيخ النهج الديمقراطي وإجراء الإصلاحات المنتظرة. وأكد أن العملية الانتخابية ستبدأ من السابعة والنصف صباحا حتى الرابعة والنصف عصرا دون انقطاع.

سقوط الحكومة السابقة وبروز مرحلة انتقالية

وتأتي هذه التطورات بعد سقوط حكومة حزب الرابطة في الخامس من أغسطس من العام الماضي إثر انتفاضة طلابية وشعبية واسعة، أعقبها تولي الحكومة الانتقالية برئاسة البروفيسور محمد يونس مهامها في الثامن من الشهر ذاته. وبعد مرور ثمانية عشر شهرا على إدارة المرحلة الانتقالية، تستعد البلاد لأول انتخابات تجرى تحت إشراف لجنة الانتخابات الجديدة التي شكلت في نوفمبر الماضي.

وفي رسالة تهنئة للجنة الانتخابات، اعتبر رئيس مستشاري الحكومة الانتقالية أن إعلان الجدول الزمني يمثل علامة فارقة في المسار الديمقراطي، مؤكدا أن الانتخابات والاستفتاء سيعززان طريق نغلاديش الجديدة الذي انطلق بعد الانتفاضة الشعبية.

ترحيب سياسي واسع

ورحبت قوى سياسية متعددة بقرار إعلان الجدول الانتخابي، من بينها حزب بنغلاديش الوطني BNP، والجماعة الإسلامية في بنغلاديش، والحزب الوطني للمواطنين، معتبرة أن ذلك يمثل خطوة إيجابية نحو استكمال الانتقال الديمقراطي في البلاد.

56 حزبا مسجلا.. واستبعاد حزب رابطة العوام

ويحق للأحزاب المسجلة فقط خوض الانتخابات برموزها الحزبية، ويبلغ عدد هذه الأحزاب 56 حزبا. في المقابل، حرم حزب رابطة العوام من المشاركة بعد تجميد تسجيله على خلفية حظر أنشطته السياسية. ولا يزال الباب مفتوحا أمام كل من يستوفي شروط الترشح القانوني لخوض المنافسة بصفة مرشح مستقل.

أربع سمات تجعل الانتخابات استحقاقا فريدا

وأشار رئيس لجنة الانتخابات إلى أربعة عوامل تمنح هذا الاستحقاق خصوصيته:

إعادة ترسيخ الديمقراطية واتخاذ قرارات حاسمة بشأن الإصلاحات الوطنية، مع إجراء الانتخابات والاستفتاء في يوم واحد.

استعادة هيبة المؤسسات عبر اختبار كفاءتها في إدارة عملية انتخابية واسعة في ظرف سياسي حساس.

تدشين منافسة ديمقراطية راشدة بين القوى السياسية بعد مرحلة طويلة من الحراك الشعبي.

إصلاح نظام التصويت البريدي الذي ظل شبه معطل لسنوات، وتحويله إلى آلية فعالة تتيح المشاركة لفئات أوسع.

إشراك فئات جديدة في العملية الانتخابية

وأكد رئيس اللجنة أن الانتخابات المقبلة ستشهد لأول مرة مشاركة الناخبين البنغلاديشيين في الخارج، إلى جانب تمكين المحتجزين قانونيًا من التصويت. كما سيُتاح الاقتراع البريدي للموظفين الحكوميين العاملين خارج دوائرهم الانتخابية وكل العاملين في العملية الانتخابية، في خطوة تهدف إلى تعزيز الشمول وتوسيع قاعدة المشاركة.

ودعا رئيس لجنة الانتخابات الناخبين إلى التقدم نحو صناديق الاقتراع بثقة كاملة ومن غير تردد، قائلا:

شاركونا هذا العرس الوطني الكبير، كائنا من كنتم، على اختلاف دياناتكم وأجناسكم وأعراقكم وفئاتكم. تعالوا إلى مراكز التصويت في صحبة أسرِكم، بآبائكم كبار السن، وأبنائكم من ذوي الإعاقة، ونسائكم الحوامل. إنني أرجو، بل أثق، أن تتحول مشاركتكم الحرة إلى مهرجان يفيض بهجة، يعبّر عن إرادة الأمة وصوتها الحي.

ووجه حديثه إلى القوى السياسية والمرشحين المحتملين، قائلا: اجعلوا هدفكم الأسمى أن تكسبوا ثقة الناخبين وطمأنينتهم، عبر إرساء مناخ من السلم الأهلي والاحترام المتبادل، فبذلك تُشاد المنافسة الديمقراطية كما ينبغي لها أن تكون.

كما خاطب العاملين في العملية الانتخابية مخاطبة تحمّلهم المسؤولية وتستنهض فيهم الضمير قائلا، إن لجنة الانتخابات عازمة على أداء واجبها بقدر راسخ من الشفافية والحياد والصلابة. وأنتم، بوصفكم جزءا من هذا البناء، مطالبون بالقيام بمهامكم بثبات ونزاهة وتجرد. واعلموا أن أي تراخ أو تقصير لن يكون مقبولا تحت أي ظرف.

وختم رئيس اللجنة بالتعبير عن أمله في أن تنهض وسائل الإعلام والهيئات الرقابية بدورها المنشود، فتواكب مجريات العملية الانتخابية بموضوعية وتجرد، بما يضمن أن يأتي هذا الاستحقاق الوطني في أبهى صورة من النزاهة والقبول الشعبي.
-------------------------------
دكا - تقرير: أحمد شوقي عفيفي