في فرحة غامرة وسعادة مع انطلاق أول زغرودة صداحة وبخور عطر مع فرحة وبهجة الحضور الكريم والزائرين والمهنئين فى جاليرى (ضىى) بالزمالك، كان الافتتاح المبهج لمعرض الفنان المبدع د. سامي عبد الفتاح البلشي.
فنان مصرى عاشق لمصر وأرضها وناسها، اطفالها وشبابها وفتياتها ونسائها ورجالها وشيوخها، عشق الريف المصرى والحقول الخضراء وأصالة أهله والروح الطيبة بعاداته وتقاليده وعبر عنه فى أعماله الفنية، حيث أن الفنان نبت ونشأ من أرضه في إحدى مدن مصر بالوجه البحري، تحديدا (بركة السبع) محافظة المنوفية.
عاشق لبلده غيور عليها بعقل الإنسان الواعي المثقف وبمشاعره المرهفة وحسه المتقد، ليعبر عما يدور حوله من أحداث سياسية واجتماعية بأسلوبه التعبيري الواقعي الرمزي الفلسفي، ليكون بمثابة ناقوس يدق لتنبيه العقول وإيقاظها في صحوة نحو الأفضل وإثراء الجانب العقلي.
اتسمت أعمال الفنان بتناول القضايا الإنسانية بصفة عامة والقضايا الاجتماعية بصفة خاصة مثل قضايا المرأة، مناهضا ومساندا لها يدرأ كل ما يراه ليس متماشيا مع طبيعتها، مناشدا بأهمية دورها فى المجتمع وبدورها العام كأبرز عنصر هام بالأسرة، وقد ظهر لنا هذا جليا من خلال معرض "الغريزة والتاريخ" من حيث مضمون الأعمال الفنية لينتقل بنا مره أخرى فى معرض (ليلة فرح) بعقله الواعى ونظرته الثاقبة التى تسبر أغوار النفوس ودوافعها وما وراء الكواليس فى لوحاته وأعماله وذلك ماشاهدناه فى هذا المعرض.
فكانت أعماله تحوي رموزا بمثابة رسائل فنية مختصرة معبرة عما يجيش بنفسه من مشاعر حب واستنكار، رافضا لبعض العادات السلبية ومجابها للسلوكيات الاجتماعية السيئة.

الرمز في لوحات الفنان سامى البلشى يستحضر ذهن المتلقي و يدق ناقوسا لتنبيه المتلقى وإيقاظه، محركا للمشاعر ويضع إصبع المشاهد على موضع العلة المجتمعية متبعا أسلوبا كوميدي التعبير تارة، وتراجيدى تارة أخرى ، محاولا بهذا التعبير ايجاد الحلول للمشاكل الفردية أو الأسرية .
ملامح وجوه العناصر الآدمية في أعمال الفنان لها تعبيرات واضحة تقيم حوارا مع المتلقي بلغة مسموعة تدخل القلب ويفهمها العقل رغم الصمت
من سمات الفنان أنه قادر على الجمع بين الزمان والمكان في آن واحد، مع تسليط الضوء على الحدث المرجو تنبيه المشاهد إليه وما هو خلف السطور، وما تقرأه نفسه فى عيون عناصره الآدميه (كالعروس والعريس ..والأهل والحاضرين من المعازيم من الطرفين) متفهما لهم وكأنه نتعايش معهم بنفس دقات قلوبهم.
تتميز أعماله بكثرة عدد العناصر الآدمية مع اختلاف ملامح الشخوص وتعبيرات الوجوه ونظرة العين.
أعمال الفنان مفعمة بالحركة الناتجة سواء من تفاعل العناصر الآدمية أو من خلال التباين اللونى مابين الألوان الساخنة مع الباردة، لتقود عين المشاهد إلى المحور الفكرى للعمل الفنى و التصريح بمغزى الرمز والهدف منه.
لدى الفنان استطاعة لتحليل المواقف والأحداث برؤية فنية فلسفية ونظرة ثاقبة وأيضا كيفية معالجتها عن طريق الفن، لذا أصبحت أعماله ممسرحة تظهر حوارا مابين أبطال أعماله وبين الفنان والمتلقي أيضا.
الألوان الساطعة عند الفنان هي أداته وعصاته السحرية والركيزة الأولى التي تشير بوضوح إلى ما يريد إيصاله للمتلقي داخل العمل، تعبيرات الفنان لديه روح انطباعية ذاتية تصريحية تظهر للمشاهد في سفور ووضوح.

برع الفنان في تحليل الخلفية في أعماله حتى تخدم العمل الفني، حيث أنه جعل اللوحة بمثابة خشبة مسرح مهتما بإبراز أبطال أعماله، حتى يعطي واقعية أكثر حضورا للمشاهد.
تنوعت أساليبه التشكيلية وبرع في استخدامه السكين والفرشاة في تصوير أعماله ببراعة تشكيلية فائقة، فهو يعرف أين تقع ضربة فرشاته على سطح العمل بحرفية ومهارة تبرز عناصره وتؤثر فى نفس المشاهد.
لوحات الفنان بمثابة نوافذ ننظر منها على حقيقة الواقع المجتمعي، وكأنها تلفاز نشاهد من خلاله السلبيات في محاولة لمعالجتها وتلافيها.
اختيار الفنان لموضوع الفرح هو لأن (الفرح) نموذج مصغر للمجتمع فى أي مكان ومرآة صادقة تعكس المتناقضات المجتمعية شكلا مضمونا وإيضاح الجانب النفسي والمعنوى، فالفرح من حيث الشكل هو موسيقى ورقص وزهور وشموع وطعام.. إلا أن هذه المظاهر تخفي وراءها مشاعر الخوف والقلق والرهبة مما هو قادم، ابتداء من أول يوم لارتباط العروسين داخل غرفة نومهم أو خارجها فى محيط الأسره مثلا، أو كل ما سيواجهونه من مشاكل فيما بعد، سواء كانت مشاكل أسرية أو مشاكل عامه اقتصاديه وغيرها كالفقر وضغوط الحياة.
-------------------------
بقلم: ساميه الخولى



















