رفع الاتحاد الأوروبي وأرمينيا شراكتهما إلى مستوى استراتيجي باعتماد الأجندة الاستراتيجية الجديدة للشراكة بين الاتحاد الأوروبي وأرمينيا، والتي رافقها تخصيص 15 مليون يورو جديدة لدعم السلام والمرونة والأمن، إضافة إلى 500 مليون يورو للاستثمار في البنية التحتية الطاقية لأرمينيا عبر مشروع شبكة النقل في القوقاز.
جاءت هذه الإعلانات في بروكسل خلال اجتماع مجلس الشراكة السادس بين الاتحاد الأوروبي وأرمينيا، حيث صادق وزير الخارجية الأرميني أرارات ميرزويان والممثلة العليا للاتحاد الأوروبي كايا كالاس ومفوضة الاتحاد الأوروبي للتوسّع مارتا كوس على الأجندة الاستراتيجية الجديدة.
وتحل هذه الوثيقة محل أولويات الشراكة لعام 2017، وتبني على اتفاقية الشراكة الشاملة والمعمقة (CEPA)، وتمثل توسعاً كبيراً في التعاون السياسي والاقتصادي والقطاعي بينما تسعى أرمينيا لتعميق علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي وتعزيز تطلعاتها الأوروبية.
ستدعم حزمة الـ 15 مليون يورو تدريب وإمدادات إزالة الألغام، وإدارة الحدود، وتدابير بناء الثقة الإقليمية، وجهود مكافحة التدخل الخارجي والتضليل قبل الانتخابات البرلمانية الأرمينية لعام 2026.
وقالت كالاس إن التمويل يهدف إلى تعزيز دفاعات أرمينيا ضد التهديدات الهجينة، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي رصد حملات تضليل مصدرها “روسيا ووكلاؤها”.
وبحسب بعثة الاتحاد الأوروبي في أرمينيا، ترسم الأجندة الاستراتيجية إطاراً واسعاً يشمل الديمقراطية وسيادة القانون، إصلاح القضاء، حقوق الإنسان، التنمية الاجتماعية والاقتصادية، التحول الرقمي، أمن الطاقة، تنويع التجارة، وتعزيز التعاون في مجالات الأمن والدفاع.
كما تقدم أولويات قصيرة المدى تمتد بين ثلاث وأربع سنوات، وأخرى متوسطة المدى تمتد لسبع سنوات، تهدف لتحقيق نتائج ملموسة للمواطنين وتعزيز صمود أرمينيا في بيئة إقليمية معقدة. وتؤكد الأجندة التزام الاتحاد الأوروبي بدعم برنامج الإصلاح الأرمني، بما في ذلك المساعدة الفنية والمالية ضمن خطة المرونة والنمو.
وتُطرح قضية الربط الإقليمي كركيزة مركزية في الإطار الجديد. إذ تُبرز الأجندة خططاً لتعزيز روابط النقل والاتصالات والطاقة بين أرمينيا والمنطقة والاتحاد الأوروبي. ويُراد للاستثمارات الاستراتيجية في إطار البوابة العالمية (Global Gateway) ودعم مبادرات مثل “مفترق طرق السلام” المقترحة من أرمينيا أن تعزز الترابط الإقليمي، وتُقوي القدرة الاقتصادية، وتوسع فرص التجارة والتنقل. وتبقى مسألة التنقل محوراً مهماً، مع استمرار التقدم في حوار تحرير التأشيرات ودعم دمج الأرمن المهجّرين من آرتساخ.
كما تعزز الوثيقة التعاون في إدارة الأزمات والمرونة السيبرانية ومكافحة التهديدات الهجينة، وتُجدد التأكيد على دعم الاتحاد الأوروبي الكامل لجهود إحلال السلام الدائم في جنوب القوقاز.
وفي إطار ركيزة الربط والطاقة هذه، سيستثمر الاتحاد الأوروبي 500 مليون يورو لتعزيز أمن الطاقة في أرمينيا، وتقوية بنيتها التحتية، وتنويع طرق الإمداد، وتقليل اعتمادها على الطاقة الروسية عبر مشروع شبكة النقل في القوقاز، وهو مشروع رئيسي وُقّع في طشقند وأُعلن عنه في بروكسل من قبل المفوضة كوس.
وأشارت مارتا كوس إلى أن مشروع شبكة النقل في القوقاز—الذي تُناقش تسميته إقليمياً ضمن إطار نظام الطاقة في القوقاز—يُعد خطوة كبيرة نحو تعزيز أمن الطاقة وتحسين البنية التحتية ودعم التنويع وتقليل اعتماد أرمينيا على أطراف خارجية، بما في ذلك تقليص الاتكال على دول بعينها في التزود بالطاقة.
قالت كوس إن هناك أجندة كاملة تتعلق بالربط. عندما كنت في طشقند وقعنا مشروع شبكة النقل في القوقاز بقيمة 500 مليون يورو.
وفي هذه المشاريع الكبيرة، وخاصة في مجال الربط، نعمل مع المؤسسات المالية الدولية، والآن مع البنك الألماني KfW. هذا استثمار بقيمة 500 مليون يورو لربط شبكة الكهرباء الأرمنية بالشبكة الجورجية، ونحن نعمل بالفعل على شبكة الكهرباء لأرمينيا وتركيا. لماذا؟ لكي تصبحوا أقل اعتماداً على الطاقة من روسيا.
وأضاف:" لدينا تجارب في ذلك. لدينا الآن خطط طاقة خاصة لمولدوفا وأوكرانيا ولنا أيضًا. على سبيل المثال، عندما بدأت الحرب في أوكرانيا عام 2022، كانت أوروبا تستورد 60% من الغاز و50% من الفحم و40% من النفط من روسيا، الآن الفحم صفر، النفط صفر، والغاز في طريقه إلى الصفر، وهو أمر ليس سهلاً كما تعلمون".
وأشارت كوس إلى أن التعاون مع بنك التنمية الألماني KfW يشكل محوراً أساسياً للمشروع. وأضافت أنها طلبت من وزير الإدارة الإقليمية والبنى التحتية الأرمني دافيت خوداتيان تقديم قائمة بالمشاريع ذات الأولوية في مجال الربط الشامل، مؤكدة استعداد الاتحاد الأوروبي لدعم قدرات الوزارة.
ويهدف مشروع شبكة النقل في القوقاز، ضمن إطار نظام الطاقة الأوسع، إلى توفير تبادل طاقي عابر للحدود موثوق ومرن ومفيد لجميع دول جنوب القوقاز من خلال ربط وتزامن الشبكتين الكهربائيتين الأرمنية والجورجية.
ورحب ميرزويان باعتماد الأجندة الاستراتيجية، واصفاً إياها بأنها بداية “مرحلة جديدة وأكثر طموحاً” في العلاقات، ومشيراً إلى ارتباطها بخطوات أرمينيا الأخيرة لبدء مسار الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
وأضافت كوس أن مناقشات جارية لتشكيل مجموعة عمل رباعية تضم أرمينيا وأذربيجان وتركيا والاتحاد الأوروبي لتطوير بنية تحتية جديدة للربط الإقليمي.
وأوضحت بعثة الاتحاد الأوروبي أن تحديد أولويات واضحة وآليات متابعة يجعل من الأجندة الاستراتيجية خريطة طريق مستقبلية للعلاقات بين أرمينيا والاتحاد الأوروبي، ويؤكد استعداد الاتحاد للعمل عن كثب مع أرمينيا والمجتمع المدني والشركاء الدوليين لتعزيز القيم المشتركة وتقديم نتائج ملموسة للمواطنين.






