قال أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن المشهد الإعلامي في المنطقة العربية وفي العالم على اتساعه، يشهد تغيرات وتحولات غير مسبوقة، سواء بواقع التكنولوجيا الجديدة التي أفرزت أنواعًا غير معهودة من المحتوى، أو بسبب بزوغ جيل جديد بتذوق مختلف، واهتمامات غير تقليدية.
وأضاف أبو الغيط خلال اجتماع مجلس وزراء الإعلام العرب: ليس الجديد كله شر أو خطر، ويفرض الواقع دائمًا تكيفًا مرنًا مع المتغيرات، ولكن لا يخفى على أحد ما صارت تثيره وسائل التواصل الاجتماعي على نحو خاص من مشكلات حتى في الدول التي لها باع في صيانة حرية التعبير، فهذه الوسائط وبحكم طبيعة تصميمها وأساليب جني الأرباح من خلالها تعتمد على نشر الآراء المتطرفة والمثيرة أكثر من غيرها، وتسهم في زيادة حدة الاستقطاب الاجتماعي والسياسي، وتركز على الشاذ من الآراء، أو الغريب والمتشدد منها، بل وتضع المتلقي فيما يشبه الفقاعة المغلقة التي لا يستمع فيها سوى لصدى صوته، ولا يتعرض سوى للآراء التي يعتنقها بحسب أسلوب عمل الخوارزميات المعروفة.
وأضاف: الإعلام العربي يقع تحت ضغط مستمر يتمثل في اقتحام هذه المجالات الجديدة، والاشتباك مع الأفكار والتوجهات التي تنتشر على هذه المنصات، عبر توفير معلومة ذات مصداقية ورأى تدعمه الخبرة والبيانات، فأكثر ما تفتقده وسائل التواصل الاجتماعي هو هذه الموثوقية، وذلك التدقيق.
ويتعين على اعلامنا أن يبقى مترفعًا عن ساحات الاستقطاب... فولاؤه للقارئ وحده أو للمشاهد وحده... وهو يضع نصب عينيه دومًا المصلحة الوطنية بمعناها الشامل والدقيق... فلا ينغمس في تحريض طائفي أو ديني... بل يتبنى ميثاق الشرف الإعلامي، مرجعًا أخلاقيًا وبوصلة مهنية، وطريقًا لا بديل عنه لتعزيز الثقة بينه وبين الجمهور.
واستكمل: إن الإعلام يظل حائط صد صلب في مواجهة الفكر المتشدد والمتطرف... وأداة لكشف خطاب العنف، وتفكيك سردية الإرهاب، وفضح خوائها وتجردها من الإنسانية، واتباعها أساليب التضليل، ونشر الوعي الزائف... وأحسب أن الاستراتيجية الإعلامية العربية لمكافحة الإرهاب تبلور هذا الدور المهم للإعلام العربي وترسم مساره وأبعاده.
وأشار إلى أن القمة العربية العادية (29) التي عقدت في الظهران بالمملكة العربية السعودية، عام 2018، اعتمدت الخريطة الإعلامية العربية للتنمية المستدامة 2030 كإطار عمل استراتيجي يهدف إلى تعزيز دور الإعلام في دعم أولويات التنمية في العالم العربي... من خلال ربط الرسالة الإعلامية بأهداف التنمية المستدامة وإبراز الجهود الوطنية في مجالات التعليم، والصحة، وحماية البيئة، وتوحيد الخطاب الإعلامي التنموي العربي، وتعزيز التعاون بين المؤسسات الإعلامية العربية.
وتمثل هذه الخريطة خطوة أساسية في مسار تحقيق الرؤية العربية للتنمية المستدامة لعام 2045 والتي اعتمدتها القمة العربية في دورتها العادية (34) التي انعقدت في بغداد خلال العام الجاري، إذ تضع الأسس الإعلامية الداعمة للتحول التنموي الشامل الذي تتطلع إليه دولنا، وتُسهم في تهيئة بيئة معرفية ومجتمعية تساعد في تحقيق أهداف الرؤية العربية للتنمية المستدامة نحو مستقبل مزدهر ومستدام
وأضاف: كما تعلمون فإن القضية الفلسطينية تمر بواحد من أخطر مراحلها وأشدها قسوة بعد حرب راح ضحيتها أكثر من 69 ألف شهيد ودمار غير مسبوق لغزة تسبب فيه الاحتلال الإسرائيلي عامدًا لكي يجعل القطاع غير قابل للحياة.
وتابع: لقد تفاعل الإعلام العربي مع مأساة قطاع غزة وأهله بأشكال مختلفة، إلا أن هناك الكثير الذي يمكن عمله من أجل تحسين التفاعل مع الحركة العالمية – الإنسانية والمبدئية – التي نهضت للدفاع عن الفلسطينيين الذين واجهوا – ولا يزالون – آلة قتل وحشية غاشمة، وهناك في تقديري الكثير الذي يمكن عمله بعد من أجل إيصال القضية الفلسطينية – بأبعادها الإنسانية والتاريخية لجيل جديد على مستوى العالم، جيل يريد أن يعرف بنفسه ما جرى ويجري بعد أن خرج من أسر دعايات روجت لعقود لسردية إسرائيلية زائفة ومضللة، وصور فظائع غزة، وما جرى لأطفالها، ليست في حاجة إلى بيان، ولا ينفع معها تضليل أو تدليس






