أعرب خبراء تابعون للأمم المتحدة عن قلق بالغ إزاء الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي ارتكبتها السلطات الهندية عقب الهجوم الإرهابي الذي وقع في 22 أبريل 2025 بمنطقة باهالجام في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية، والذي أسفر عن مقتل 26 شخصًا.
وأكد الخبراء: “ندين دون لبس هذا الهجوم الإرهابي الوحشي الذي استهدف منطقة سياحية، ونتقدم بخالص التعازي لأسر الضحايا ولحكومة الهند. لكن في الوقت ذاته، ينبغي على جميع الحكومات الالتزام بالقانون الدولي لحقوق الإنسان أثناء مكافحة الإرهاب.
وفي أعقاب الهجوم، شنّت السلطات الهندية حملة أمنية واسعة عبر مناطق جامو وكشمير، أسفرت عن اعتقال نحو 2,800 شخص، بينهم صحفيون ومدافعون عن حقوق الإنسان. وتم توقيف عدد منهم بموجب قانون السلامة العامة أو قانون مكافحة الأنشطة غير المشروعة، وهما قانونان يسمحان بالاحتجاز المطول دون توجيه اتهامات أو محاكمة، ويعتمدان تعريفات فضفاضة وواسعة للإرهاب.
كما وردت تقارير عن تعرّض بعض المحتجزين للتعذيب واحتجازهم بمعزل عن العالم الخارجي ومنعهم من التواصل مع المحامين وأسرهم.
وقال الخبراء إنهم يدينون الاعتقالات التعسفية وحالات الوفاة في أماكن الاحتجاز، إضافة إلى التعذيب وسوء المعاملة وحوادث الإعدام خارج القانون والمعاملة التمييزية ضد الكشميريين والمسلمين.
وتطرّقوا كذلك إلى تقارير حول هدم منازل بشكل عقابي وعمليات إخلاء قسري وتشريد، استهدفت عائلات يُظن أنها تدعم المسلحين، دون قرارات قضائية أو اتباع إجراءات قانونية.
وأكد الخبراء أن هذه الممارسات تشكل عقابًا جماعيًا وتتعارض مع حكم المحكمة العليا الهندية عام 2024، الذي اعتبر مثل تلك الهدمات غير دستورية لانتهاكها الحق في الحياة والكرامة الإنسانية، بما يشمل الحماية من التهجير التعسفي.
وأبدى الخبراء قلقًا كذلك إزاء قطع الاتصالات وتشديد القيود على الصحافة، حيث أوقفت السلطات خدمات الإنترنت عبر الهواتف المحمولة، وحجبت نحو 8,000 حساب على وسائل التواصل، من بينها حسابات صحفيين ومؤسسات إعلامية مستقلة.
واعتبر الخبراء هذه التدابير قيودًا غير متناسبة على حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي.
كما امتد تأثير الإجراءات الهندية إلى ولايات أخرى؛ إذ خضع الطلاب الكشميريون لمراقبة ومضايقات عقب توجيهات حكومية للجامعات بجمع بياناتهم الشخصية. وتشير التقارير إلى ارتفاع خطاب الكراهية والتحريض ضد المسلمين، مدفوعًا بخطابات صادرة عن شخصيات سياسية في الحزب الحاكم.
كما سُجّلت عمليات هدم واسعة في ولايتي غوجارات وآسام استهدفت آلاف المنازل والمساجد والمتاجر التابعة لمسلمين.
وبحسب الخبراء، جرى ترحيل نحو 1,900 مسلم ولاجئ من الروهينغا قسرًا إلى بنغلاديش وميانمار، غالبًا دون اتباع الإجراءات القانونية.
وأكدوا أن هذه الإعادات القسرية تنتهك مبدأ عدم الإعادة القسرية الذي يحظر إعادة أي شخص إلى بلد قد يتعرض فيه للاضطهاد أو الخطر الجسيم.
وسلّط الخبراء الضوء على استمرار الانتهاكات في جامو وكشمير، حيث لا يزال عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان – من بينهم عرفان مهرج وخرّام برويز – رهن الاحتجاز التعسفي منذ سنوات بموجب قوانين أمنية قمعية. وطالب الخبراء بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين تعسفيًا.
ودعا الخبراء الحكومة الهندية إلى مواءمة قوانين وممارسات مكافحة الإرهاب مع التزاماتها الدولية، وإجراء تحقيقات مستقلة في جميع الانتهاكات المزعومة ومحاسبة المسؤولين عنها.
وحذّروا من أن الإفراط في الإجراءات الأمنية ينتهك الدستور الهندي والقانون الدولي، ويغذي الانقسام والاحتقان الاجتماعي، مما قد يؤدي إلى مزيد من العنف.
كما حثّ الخبراء حكومتي الهند وباكستان على حل النزاع التاريخي حول جامو وكشمير بالطرق السلمية، باعتباره سببًا رئيسيًا لاستمرار الانتهاكات ودورة العنف عبر الحدود.






