- سرطان التدهور ينهش الصحافة.. كل الأطراف مسؤولة حتى الحرية!
- اعتصام صحفيي البوابة انفجرت عواصفه في كل مكان إلا في أروقة الدولة !
- الصحافة مسئولية الجميع.. وفشل الصحف الخاصة يسأل عنه أولا سوء الإدارة وفقر الفكر وافتقار الابتكار!
- صحف تتلقى تمويلات ضخمة ولاتحسب حسابًا للمستقبل ولاتنمي مواردها ولا تبتكر أساليب صحفية جديدة وجذابة مصيرها الحتمي الفشل والانهيار.
- الأهرام حظي بإدارة نافع الجيدة ، واخبار اليوم كانت كذلك ومحسن ومحمد وسمير رجب طوروا "دار التحرير" رغم رفضنا لخطهم السياسي .
- حلول راديكالية تطالب بشطب الصحفي عندما يضر بمصالح الصحفيين والحديث يتزايد عن شكاوى ١٥ صحفيًا فصلهم "عبد الرحيم" تعسفيًا بما يستوجب فصله !
- إيمان عوف تحذر من خطورة تبديل وضع شركة البوابة بتصريح فرنسي وتطالب الاتحاد الفرنسي للشغل بالتدخل لمنعه!
- النقابة تبذل كل جهودها من النقيب والسكرتير العام ولجنة الحريات لكنها محدودة الإمكانيات، فأين دور وزارة الإعلام وهيئة الصحافة؟
- الصحافة السامسونجية استشرت بعد غليان وفوران يناير .. وتولى صحافتنا إما أنصاف أو أرباع الموهوبين.. والنتيجة كارثية!
- تأجج نيران الغضب في صدور جمعية عمومية تعج ب١٣ الف صحفي يعانون انخفاض الدخل وارتفاع الأسعار وانسداد أفق تغيير الأوضاع .
- ليست أبدًا قضية فئوية.. بل قضية مجتمع. لاشيء شخصيًا هنا، وإنما هي كارثة وطن، بكل الغليان والفوران والغضب المكتوم في صدور أعضاء الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين. ثلاثة عشر ألف عضو تقريبًا يعانون أشد المعاناة، مابين انخفاض الدخول في مقابل ارتفاع الأسعار الجنوني، وعدم صرف المرتبات بانتظام لبعض الزملاء، فضلا عن عدم التزام كثير من المؤسسات بتطبيق الحد الأدنى للأجور طبقا لقرارات رئاسة الدولة، إلى اعتصام كثير من زملائنا في صحف خاصة لأسباب عديدة، منها توقف المطبوعة نفسها، وتأخر صرف المرتبات، أو بسبب فصل تعسفي ، ونحو ذلك .
بدأت الوفد بالاعتصام، وقبل مدة كانت هناك بدايات أزمة في صحيفة الفجر، وقالت زميلة صحفية أمس أن الجريدة لم تصدر منذ شهور.. ووصلت الأزمة الآن إلى البوابة نيوز، وأعلن صحفيو الوفد بالأمس تضامنهم مع مطالب زملائهم بـ"بوابة عبد الرحيم على"!
انفجرت في وجوه الجميع أزمة "البوابة نيوز" : الجمعية العمومية للصحفيين والتي لاتزال تتابع مجريات الأحداث عن كثب دون أن تمارس فعليًا أي دور أو ضغط حتى لحظة كتابة هذه السطور! ومجلس نقابة الصحفيين التي تلعب دورها الكبير- و المحدود أيضا بحكم الإمكانيات المتاحة - بقوة نقيبها المدافع عن حقوق الصحفيين وعن مهنة الصحافة بالضرورة .. والذي لا يكل ولا يمل من بذل جهد في التواجد مع الصحفيين ومؤازرتهم في مطالبهم المشروعة، والزملاء من أعضاء المجلس الذين التصق باسمهم الدفاع عن الحريات وحقوق العاملين بالمهنة.. كجمال عبدالرحيم وإيمان عوف ومحمد الجارحي ومحمد السيد.
لم تنفجر الأزمة بعد في أروقة المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وربما لن تنفجر في مستويات أخري في الدولة، كما لم نسمع بعد عن وصول الأزمة إلى غرف الهيئة الوطنية للصحافة! كانت الأزمة حاضرة امس بكثافة في عزاء المخرج خالد شبانة رحمة الله، والذي كان عزاء مهيبًا بحق، فكل الذين لهم علاقة بالصحافة والإعلام كانوا مهمومين بأزمة صحفيي البوابة، وهالهم ماكتبه مؤسسها عبد الرحيم على وهو صحفي نقابي، من تفاصيل أوردها فيما يسمي خطابا وداعيا، أبلغ فيه الأوساط المعنية بأنه قرر رفع اسمه من على الترويسة، وتكهن كثيرون بأن هذه مقدمة لتصفية الشركة المساهمة التي تصدر البوابة، والمفاجأة المذهلة أن عبد الرحيم أعلن أنه يمتلك نسبة أسهم لاتزيد عن ٢٠ بالمائة!
وكتبت إيمان عوف مقررة لجنة الحريات بالنقابة عن أنباء تشير إلى أن تصفية الشركة أو بمعنى أدق حديث عبد الرحيم عن الخسارة المادية " لايتماشي إطلاقًا مع ما يتردد عن تأسيس شركة جديدة في الخارج (يشار إليها بتصريح فرنسي ) وتضيف أن هذه الإشارة "تثير التساؤلات الجدية حول النية المحتملة لتبديل الشركات ورأس المال للتهرب من الالتزامات المالية والقانونية" مشددة على أن "هنا يأتي دور الكونفيدرالية العامة للشغل في فرنسا CGT لتوضيح حقيقة الموقف وماهية هذه الشركة الجديدة المنسوبة للدكتور عبد الرحيم على وعلاقتها بأي التزامات تجاه العاملين"!
الصحفيون المتابعون للأزمة عن قرب أقبلوا على السكرتير العام للنقابة جمال عبدالرحيم ليسألوه عما دار في اجتماعه مع داليا عبد الرحيم كريمة عبد الرحيم على ورئيسة التحرير، فأوضح أنها أكدت عدم قدرة البوابة على تلبية مطالب ٢٥٧ صحفيا يطالبون بالحصول على الحد الأدنى للأجور، لأنه ليس لديهم ملاءة مالية لذلك، ويمكن أن تتعدل أوضاع نحو ١٠٠ صحفي فقط على أحسن التقديرات!
الصحفيون الذين تحدثوا بالأمس تناولوا حلولًا راديكالية من بينها تدخل النقابة، إلى حد فصل الصحفي الذي يتسبب في الإضرار بمصالح زملائه، وأشار بعضهم إلى مذكرات سابقة تقدم بها صحفيون إلى النقابة عن وقائع محددة، يمكن إذا تم انتهاء التحقيق فيها أن يعاقب عبد الرحيم على بشطب عضويته من النقابة!
زميلنا العزيز مجدي الدقاق كتب - على غير عادته بوستًا - يصف فيه عبد الرحيم على بـ" الفارس النبيل" ويطلب منه ألا يترجل!
وهناك عدد آخر لابأس به من البوستات لا أعرف أصحابها أشادوا بعبد الرحيم وتمنوا له التوفيق في اختياراته بعد اعتزامه مغادرة موقعه!
انفجرت الأزمة إذن في جميع الجهات، إلا الجهات المطلوب منها إيجاد حلول شاملة لأزمة الصحافة في مصر، والتي اخترقت الأسماع بعد غليان ٢٥ يناير ٢٠١١، وما كان من بدايات تدهور شامل ضرب في نخاع المهنة وأصابها بسرطان في العمق! فطريقة التعيين لرؤساء مجالس وتحرير الصحف المسماة زورًا بالقومية، اعتمدت على تقارير من نوع آخر خلافًا للكفاءة والمهنية ، واستشرت الصحافة "السامسونجية"، التي جعلت الأغلبية مجرد مخبرين لا محررين.. وتراجعت كل الأقسام تحريريا وتردى جهاز الإعلانات ولم يعد هناك شيء يعمل بكفاءة، حتى قطار حرية الصحافة توقف تمامًا بعد أن كاد يشارف على الوصول في لحظة الغليان الثوري المجيدة!
الصحافة ليست مجرد تمويل مالي وليست مجرد تعيين صحفيين أكفاء.. الصحافة اكتشاف الفرص .. وتفكير في الإدارة الرشيدة والمواءمة بين الإدارة والتحرير. البحث عن تنمية الموارد وليس تبديدها. الإدارة علم وفن ولابد أن تكتمل المنظومة. كان لديك - ياعبد الرحيم - تمويل ضخم في البداية أنت بنفسك أعلنت عنه، والآن تؤكد أنه توقف! كان واجبا وقت وجوده أن تهتم وتحرص على تنميته وزيادته بأساليب مبتكرة. الوفد كان لديه وديعة أيام الباشا ظل يحرص عليها وينميها ولا يفكها حتى بددها من جاؤوا بعده.. إبراهيم نافع اشترى للاهرام أراضٍ في مواضع مختلفة، وانشأ جامعة تدر دخلا ومطابع تفعل الشيء نفسه.
رجل أخبار اليوم في الإدارة دكتور السيد ابو النجا كان ماهرا في تدبير المصروفات. سمير رجب نقل الجمهورية نقله كبرى وشيد مبني جديدا من دون أن تدفع المؤسسة أموالا كثيرة لقاء ذلك (رغم اختلافنا السياسي والأسلوبي وغير ذلك مع الرجل)، وسبقه الكاتب الكبير الماهر محسن محمد، يضاف إلى ذلك أن صحيفة - كالبوابة - أنشأت مركز أبحاث، كان متوقد الفكر والجهد والذهن، كيف لم تربطه بمراكز أبحاث عربية وعالمية تجري أبحاثا مهمة ومربحة؟! (سبق هذا النموذج طبعا نموذج مركز دراسات الاهرام العريق وتوقف دوره وجهده المعروف والمقدر أمر مريع. دور مركز دراسات عبد الرحيم كان يقدم إسهاما ملحوظا خصوصا في قضايا الإرهاب والفكر الديني ولكنه لم ينمُ ويتطور!.
رؤساء التحرير التقليديون فكرا والمنعدمون ثقافة وخيالا وموهبة مسؤولون بأفكارهم العقيمة عن عدم تجدد الأفكار الصحفية وسبل تسويقها في زمن الانترنت! صحف الغرب تقدم قصصا خبرية مذهله تقدمها باشتراك شهري او سنوي.. موضوعات معينه إذا أردت قراءتها تدخل موقع الصحيفة وتدفع ثمن التصفح!
الصحافة ليست مسؤولية الصحفي وحده.. وانما هي ثقافة صناعة الصحف. إنها صناعة ضخمة.. تتطلب جهدا وفكرا وموهبة وتطورا وعرقا مستمرا و نزفا مستمرًا للدم والعرق والدموع أيضا.. الصحافة لحم حي يومي طازج نازف طيلة الأربع والعشرين ساعة!
الصحيفة الجيدة الباقية هي التي تجمع بين حسن الإدارة وجودة الصحافة .. وهذا مالم بعد يلمع لدينا أو يتجلى الا في شذرات فقط! (يكفي مثلاً أن عنوان الاهرام قبل أشهر كان كالتالي: "مخزون القمح مطمئن"!، وفي كل الأيام تجد العناوين وكأنها نسخة كربونية من بعضها!
- أنصاف وأرباع المواهب في البلاط الصحفي إدارة وتحريرا وتوزيعا وتسويقا ومطابعا وأمورا مالية ومحاسبية، مسؤولون جميعا عن تدهور المهنة في مصر.. وأغلب صحف المنطقة العربية.. كأن هذه الدولة شبعت قراءة وصحافة.. وفشلت الكلمة في عصر الصورة والثورة التليفزيونية والانترنتية.. مع أن الظروف نفسها سائدة في العالم كله.. فلا تزال الصحافة في الهند متألقة وفي أوروبا وامريكا
-لكن كل هذا لا يغني عن كلمة السر : الحرية. وتلك مصيبة مصر و المجتمعات المتخلفة أو النامية كما يسمونها تجملا.
- لا أتعاطف مع أي صحفي يمتلك صحيفة خاصة، ويخسر إلى حد الإغلاق والتنحي .. التنحي ليس حلا.. والفشل إذا كان يمكن أن يلاحق الصحيفة الحكومية - المؤسسات التابعة للدولة - فلا يجب أن ينسحب على مشروع الصحيفة الخاصة مطلقا. لان الشركات التي تصنع صحافة لا يجب أن تكون كغيرها من المشاريع. وانما هي محرقة أفكار وجهد يومي وابتكارات مستمرة كل لحظة (في الماضي كنا نسلم الموضوع وفي أثناء التسليم يتجاهل رئيس التحرير ما اطمأن إليه بعد أن تلقفه وأمسك به بين يديه، ليباغتنا بسؤال غير متوقع: عندك ايه بتشتغل عليه؟
-------------------------------
بقلم: محمود الشربيني







