22 - 11 - 2025

الدالي وصراع الأجنحة داخل الجبهة الوطنية

الدالي وصراع الأجنحة داخل الجبهة الوطنية

جاء انسحاب اللواء كمال الدالي من انتخابات  مجلس النواب 2025 في جولة الإعادة بالدائرة الأولى بمحافظة الجيزة، ثم استقالته من منصبه كأمين عام لحزب الجبهة الوطنية في محافظة الجيزة، حدثًا تجاوز حدود المفاجأة الانتخابية المعتادة. فالخطوة، التي تمت – وفقًا لمصادر حزبية – من دون أي تنسيق مع المستويات التنظيمية داخل الحزب، كشفت عن عمق التوتر الذي يضرب البنية الداخلية للجبهة الوطنية، وربما التحالف الانتخابي الذي تتصدره.

وقد بدا لافتًا أن الانسحاب وقع في وقتٍ كانت فيه القيادة الحزبية بأمسّ الحاجة إلى إظهار تماسكٍ تنظيمي، غير أن ما تسرّب من خلف الكواليس ربط القرار باعتبارات تتجاوز المشهد الانتخابي المباشر، وتحديدًا بوجود تقاطع مصالح بين المرشح المنافس هشام بدوي ورجل الأعمال محمد أبو العينين، نائب رئيس الحزب وأحد أبرز الفائزين عبر القائمة الوطنية. فالعلاقة الممتدة بين والد بدوي، النائب السابق محمد بدوي دسوقي، وأبو العينين ليست جديدة، ما يثير تساؤلات حول حدود الانضباط الحزبي حين يتعارض مع حسابات شخصية أو اقتصادية. وهنا يبرز السؤال الأهم: هل الولاء للكيان السياسي أم لشبكات النفوذ؟

ولم تقف التداعيات عند حدود الجبهة الوطنية، إذ امتدت إلى العلاقة مع حزب مستقبل وطن، الشريك الأكبر داخل التحالف. فغياب التنسيق الكامل بشأن مقاعد الفردي، وفق ما جرى تداوله، أدى إلى خسارة الجبهة الوطنية مقعدين مؤثرين في محافظة الأقصر لصالح مستقلين. وهو ما يعكس خللًا في آليات التنسيق التي تم الترويج لها، ويكشف عن أولويات مستترة كانت كفيلة بقلب نتائج بعينها.

وتعزّزت مؤشرات التصدع الداخلي مع توالي الاستقالات. فاستقالة الدالي، ومن قبله استقالة البرلماني السابق بهاء أبوالحمد، أمين التنظيم في الأقصر، إلى جانب قيادات أخرى، بدت أبعد من مجرد احتجاجٍ على قرارات محددة. فالمشهد أقرب إلى فقدان ثقة في الإدارة المركزية للحزب، وربما في جدوى الاستمرار ضمن تحالف لم يعد يوفّر حماية أو توازنًا داخل صفوفه.

ورغم أن الجبهة الوطنية حصلت على خمسة مقاعد في الجولة الأولى، فإن الحصيلة بدت محدودة مقارنة بنتائج مستقبل وطن الذي حصد أربعة وعشرين مقعدًا. هذا الفارق يكشف أن التحالف ـ بصورته الراهنة ـ يميل لصالح طرف يملك ثقله الكامل، بينما يظل الطرف الآخر شريكًا شكليًا لا أكثر. وهو ما يضع علامات استفهام حول طبيعة هذه الشراكة: هل هي تحالف سياسي حقيقي أم ترتيب انتخابي مؤقت ينهار عند أول اختبار جدي؟

إن ما يحدث اليوم يتجاوز الأزمات العابرة، فهو بمثابة تحذير صريح بأن التحالفات السياسية لا تُبنى بالشعارات، بل بالالتزام والانضباط ووضوح القواعد، وبقدرة الأطراف على إدارة خلافاتها بعيدًا عن منطق الصدام. ومن دون هذه الأسس، ستظل التحالفات الكبرى عبئًا ثقيلًا بدل أن تكون دعامة للعمل السياسي.
-----------------------------------
بقلم: إبراهيم خالد


مقالات اخرى للكاتب

الدالي وصراع الأجنحة داخل الجبهة الوطنية