الحق أن شكل الزيارة وما أحاط بها من مظاهر غير عادية في الإستقبال ،وصورة الخيول السوداء الرشيقة علي الأرض ، وطائرات مقاتلة في السماء، كل ذلك وغيره يشير إلي ما يبدو وكأنه فتح للأمير السعودي في واشنطن ..لا جدال في ذلك .
فمن الناحية البروتوكولية لا يمكن بشكل فني اعتبارها زيارة دولة ، لأن ولي العهد السعودي لم يعد بعد ملك البلاد ، ومع ذلك تلقي الأمير معاملة أفضل من أي معاملة تتم في زيارات الدولة في عهد ترامب .
ومن زاوية ما أفصح عنه المضمون ، فيبدو أن كل طرف حقق ما أراد ، فقد حصل ترامب علي مزيد من الأموال السعودية ، وحصل الأمير علي "تدشين" مبكر يدعم تقلده منصب العاهل الكبير، فضلا عن وعد بالإستجابة للطلب السعودي للحصول علي أحدث وأقوى مقاتلة في العالم f35 رغم الإعتراضات الشديدة لإسرائيل .
وقد تفادي ترامب بأسلوبه المعهود الإتهامات المبطنة بوجود تضارب في المصالح بين مركزه كرئيس لأمريكا ، ونمو علاقات شركاته التجارية مع المملكة السعودية ، وإن لم ينف وجود تلك العلاقات مع بعض أفراد الأسرة مثل زوج ابنته كوشنر .
وهي الزيارة الأولي للأمير منذ حادث اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي في تركيا 2 أكتوبر 2018 ، وقد كان مثيرا دفاع ترامب عن الأمير خلال المؤتمر الصحفي المشترك ، بطريقة انتقدتها صحيفة واشنطن بوست التي كان خاشقجي يعمل فيها ، واعتبروا أن ما قاله ترامب إساءة لذكري الفقيد بلا داع .
وقد أحسن الأمير بالتعليق المتوازن حول توقيت التحاق السعودية بما يسمي السلام الإبراهيمي ، حين ربط ذلك ولو بخيط واهن بالدولة الفلسطينية.
ومن الملاحظات الهامة أن الزيارة بدأت في اليوم التالي لصدور قرار مجلس الأمن الذي أيد " خطة ترامب " ، ( التي أطلقت عليها " خلطة ترامب " ) . ولم يحظ قرار المجلس بأي إهتمام كاف أثناء زيارة الأمير .
وقد قالت وكالة الأنباء السعودية (واس) إن "مجلس الوزراء السعودي، أكد أن زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله- إلى الولايات المتحدة الأمريكية؛ تأتي في إطار تعزيز العلاقات الثنائية والشراكة الاستراتيجية بين البلدين الصديقين في مختلف المجالات، جنبًا إلى جنب مع السعي لتحقيق رؤيتهما المشتركة نحو شرق أوسط يسوده الأمن والاستقرار".
لقد فتح الأمير واشنطن ، تري من يفتح عكا؟.
--------------------------
بقلم: معصوم مرزوق
* مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق






