15 - 11 - 2025

"التنسيقية" بين تمكين الشباب ووصاية السُلطة

تعود انتخابات مجلس النواب 2025 لتفتح النقاش المُؤجَّل حول طبيعة المشاركة السياسية في مصر: هل ما زالت تعبيرًا عن تنافسٍ حقيقي بين رؤى واتجاهات متعددة، أم أصبحت مجرد إعادة تدوير للنخب داخل إطارٍ محسومٍ سلفًا؟

ففي الوقت الذي يواجه فيه عددٌ من المعارضين عراقيل تحول دون خوضهم السباق الانتخابي، يُسمح لمرشحي تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين بدخول المشهد بسهولة، ضمن القائمة الوطنية من أجل مصر التي يكفيها حدّ الـ5% للحفاظ على مقاعدها. ورغم أن هذا الظهور يبدو في ظاهره دعمًا للشباب، فإنه في جوهره يعكس علاقةً أقرب إلى الوصاية منها إلى الشراكة السياسية الحقيقية.

ومنذ تأسيسها عام 2018، قدّمت التنسيقية نفسها منصةً للحوار والتقارب بين القوى الشبابية، إلا أنها تحوّلت تدريجيًا إلى مسار مُعتمَد لإعداد كوادر محسوبة على السلطة، أكثر من كونها فضاءً للتعددية أو النقاش الحر. فقد صعد العديد من أعضائها إلى مواقع تنفيذية وبرلمانية منذ عام 2019 عبر قوائم مغلقة، في مشهد يشير إلى تكاملٍ مع الدولة بدلًا من القيام بدور الرقابة عليها.

أما الوجوه الجديدة المطروحة في انتخابات 2025، فغالبيتها تفتقر إلى الخبرة السياسية، وبعضها ينتمي إلى دوائر اجتماعية نافذة، ما يجعل فكرة "تمكين الشباب" تبدو أقرب إلى توريثٍ سياسي بملامح شبابية. ورغم الأداء البرلماني المحدود في التجربة السابقة لأعضاء التنسيقية، يُعاد منحهم الفرصة، بينما يُستبعد أصحاب الرؤى المستقلة.

وبذلك تتحوّل الانتخابات إلى أداةٍ لتغيير الصورة لا لتغيير السياسات، ويُعاد تشكيل البرلمان ليكون مساحةً للولاء لا للمساءلة. غير أن تنشيط الحياة السياسية يتطلّب تعددًا حقيقيًا في الأصوات ومنافسةً مفتوحة، لا مجرد تدويرٍ لذات الدوائر داخل واجهة جديدة.

فالبرلمان لا يستعيد دوره إلا عندما يُمثّل الناس، لا عندما يعكس إرادة السلطة.
-------------------------------
بقلم: إبراهيم خالد


مقالات اخرى للكاتب