* قد يُقلب جسر جديد بقيمة 4 مليارات دولار عبر مضيق تيران خطط دمج إسرائيل فعليًا في الشرق الأوسط رأسًا على عقب
في خطوة كبيرة تُعيد تشكيل ربط البحر الأحمر، أعلنت السعودية ومصر مؤخرًا عن الخطط النهائية لجسر موسى (تم الإعلان عنه سابقاً باسم جسر الملك سلمان) وهو جسر بطول 32 كيلومترًا يربط الساحل السعودي في رأس حامد بشبه جزيرة سيناء المصرية في شرم الشيخ.
يربط هذا المشروع قارتي آسيا وأفريقيا فعليًا، مُعززًا طرق التجارة والسياحة والحج بين الخليج وشمال أفريقيا.
تُموّل الرياض الجسر بالكامل، والذي يحمل تداعيات جيوسياسية واقتصادية هامة على المنطقة. فبينما يبشر بمكاسب لوجستية وتكامل أعمق بين الخليج وأفريقيا، فإنه يطرح أيضًا تحديات استراتيجية بالنسبة لإسرائيل.
يتجاوز هذا الجسر البري الجديد إسرائيل تمامًا، مما يخلق بديلاً للممر الاقتصادي المقترح بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC)، والذي كان من المتوقع أن تكون إسرائيل فيه نقطة عبور رئيسية.
وإلى جانب الممرات البرية الناشئة عبر سوريا والعراق بعد إعادة تأهيلهما، يُسلط جسر موسى الضوء على مستقبل محتمل تُستبعد فيه إسرائيل من التكامل الإقليمي في حال استمرار التوترات السياسية. حسب تقرير مطول لموقع Atlantic Council وهو مركز أبحاث (Think Tank) مقره واشنطن، تأسس عام 1961 ويُعد من المراكز المؤثرة في مجالات: السياسات الدولية، والعلاقات الأمريكية – الأوروبية، وقضايا الطاقة والاقتصاد، والأمن الإقليمي بما في ذلك الشرق الأوسط، وهو ليس موقعًا إخباريًا تقليديًا، بل منصة تحليلية تنشر تقارير ودراسات للباحثين والمتخصصين. ويُعتبر من المؤسسات ذات السمعة الجيدة في مجال التحليل السياسي والاستراتيجي.
من الرؤية إلى الواقع:
يعكس جسر موسى رغبة المملكة العربية السعودية ومصر في تنويع مصادر الاتصال وفق شروطهما الخاصة. اقتُرحت الخطة أصلاً قبل عقود، ووافق عليها من حيث المبدأ الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2016، واكتسبت زخمًا بعد أن نقلت مصر جزيرتي تيران وصنافير الاستراتيجيتين إلى السعودية عام 2017، مما أزال عقبة دبلوماسية رئيسية.
يُعد الموقع الاستراتيجي للمشروع بالغ الأهمية. فمضيق تيران هو بوابة ميناء إيلات الإسرائيلي الوحيد على البحر الأحمر، ويخضع لضمانات دولية نابعة من اتفاقيات كامب ديفيد.
ومع ذلك، ومع وجود ضمانات أمنية مدعومة من الولايات المتحدة، لم تعارض إسرائيل الخطة.
من الناحية اللوجستية، يمتلك جسر موسى القدرة على تبسيط التجارة والسفر الإقليميين بشكل كبير. صُمم لدعم حركة المرور البري، وربما السكك الحديدية، ومن المتوقع أن يرتبط بشبكة السكك الحديدية السعودية المتوسعة والبنية التحتية المصرية المتطورة في سيناء.
ويقدر المسؤولون أن الجسر يمكن أن يخدم أكثر من مليون مسافر سنويًا، بمن فيهم الحجاج المسافرون مباشرة من شمال إفريقيا إلى المدن المقدسة في السعودية.
ومن خلال توفير بديل بري، قد يخفف الجسر الضغط على نقاط الاختناق البحرية ويساعد في تقليل أوقات العبور وتكاليف الشحن.
إخراج إسرائيل من الممرات
في قمة مجموعة العشرين لعام 2023، أعلنت الولايات المتحدة والهند والسعودية والإمارات العربية المتحدة والاتحاد الأوروبي عن مبادرة IMEC، وهي ممرٌ تجاريٌّ مقترحٌ يربط الموانئ الهندية بأوروبا عبر الخليج وإسرائيل.
وتضمنت الخطة مسارين: رابط بحري عبر المحيط الهندي إلى شبه الجزيرة العربية، وطريق بري شمالي يمر عبر الإمارات والسعودية والأردن وإسرائيل إلى موانئ البحر الأبيض المتوسط.
بالنسبة لإسرائيل، مثّل IMEC منحةً استراتيجيةً، إذ وفّر فوائد اقتصادية ودبلوماسية من خلال توليد عائدات النقل وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر.
وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الممر بأنه "بركةٌ لشرق أوسط جديد سيُحوّل الأراضي التي كانت تُعاني من الصراع والفوضى إلى حقولٍ للرخاء والسلام". ويتماشى هذا مع زخم اتفاقيات إبراهيم ورؤية إسرائيل كشريكٍ حيويٍّ في الخدمات اللوجستية والتجارة الإقليمية.
واجه مشروع IMEC رياحًا معاكسة. فقد أدى اندلاع الحرب في غزة أواخر عام 2023 إلى تثبيط الحماس الإقليمي وتعليق محادثات التطبيع السعودية الإسرائيلية، مما أثار شكوكًا حول موثوقية إسرائيل السياسية كشريك. في غضون ذلك، بدأت الجهات الفاعلة الإقليمية في تنويع خياراتها.
بوابة مصر بدلا من إسرائيل
في حين أن خطة IMEC وضعت إسرائيل في المركز، فإن جسر موسى يسمح للسعودية بالاتصال بأوروبا بشكل مستقل، عبر بوابة مصر على البحر الأبيض المتوسط، مما يوفر بديلاً غير مسيس يتجنب مخاطر التورط في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
يعزز جسر موسى منظومة مصر اللوجستية، بما يضمن نقل البضائع القادمة عبر جسر موسى بكفاءة إلى موانئ مثل بورسعيد ودمياط. يتكامل الجسر مع الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية في مصر، والتي تشمل استثمارات في خطوط سكك حديدية جديدة تربط الشرق بالغرب، وتطوير موانئ البحر الأبيض المتوسط، وإنشاء مناطق لوجستية في شبه جزيرة سيناء. كما يمكن أن يُسهم في تعزيز السياحة في شرم الشيخ، المركز التجاري في شبه جزيرة سيناء.
وتسعى القاهرة أيضاً إلى تقليل اعتمادها على قناة السويس، التي انخفضت عائداتها بنحو 50% وسط توترات البحر الأحمر، من خلال توسيع طرق التجارة البرية. وفي حال نجاح هذه البنية التحتية، فقد تُساعد مصر على إعادة تموضعها كجسر بري بين أفريقيا والخليج وأوروبا؛ متجاوزةً بذلك إسرائيل.
التداعيات الجيوسياسية
جسر موسى يشيد البنية التحتية لشرق أوسط جديد قد لا يعتمد على إسرائيل.
بالنسبة للولايات المتحدة، يُمكن أن يُؤدي هذا التحول إلى تآكل إحدى قنوات نفوذها الرئيسية المُحتملة في المنطقة. مع عودة جهات فاعلة إقليمية أخرى، بما في ذلك سوريا والعراق وتركيا، إلى الحوار الاقتصادي، تفقد ميزتها الجيوسياسية.
تُعزز الإشارات الدبلوماسية الأخيرة هذا التحول، فقد اقترح ترامب حوافز اقتصادية جديدة للسعودية دون ربطها بالتطبيع مع إسرائيل، وهو خروج صارخ عن السياسة الأمريكية السابقة يُبرز تحول الأولويات الإقليمية.
الرسالة واضحة: لم يعد طريق الشرق الأوسط إلى واشنطن يمر بالضرورة عبر إسرائيل. فهناك مسارات استراتيجية بديلة تلوح في الأفق.
تعليق:
المقصود من هذه الدراسة الأمريكية جسر الملك سلمان الذي سبق الإعلان عنه قبل سنوات. لم أجد تطورا إخباريا جديدا يتعلق به. ترجمته كما هو دون تدخل مني.. لكني لم أجد ذكراً له في الوثائق الرسمية المصرية أو السعودية، ولا أي تصريح حكومي يعتمد تسمية "جسر موسى" .
لا يوجد تصريح رسمي عن بدء التنفيذ منذ إعلانه عام 2016 حتى آخر تحديث.
ولم يعلن أيضا عن إلغائه، إلا أنه متوقف وقيد الدراسة لأسباب:
1- بيئية (الشعاب المرجانية في خليج العقبة)
2- أمنية متعلقة بالممرات البحرية
3- هندسية تتعلق بالعمق والتيارات
4- سياسية (التنسيق الثلاثي مع إسرائيل بحكم اتفاقية السلام).
لو كان هناك تحرك رسمي لكان واضحًا جدًا لأن المشروع ضخم ومؤثر ويرتبط بإسرائيل من حيث العوامل الجيوسياسية المؤثرة عليها.
---------------------------
بقلم: فراج إسماعيل
* نقلا عن صفحة الكاتب على فيس بوك







