مع إنتهاء كل دورة برلمانية يحدونا أمل في مستقبل سياسي أفضل ، في برلمان جديد يلبي طموحات الشعب الكادح ويحقق آماله ولو حتى بالنذر اليسير ، فنسير في شوارعنا محدقين النظر في كل هذا الكم الهائل من اللافتات التي تحمل أسماء برموز مختلفة لعلنا نجد ضالتنا المنشودة.
فنمسك بأقلامنا لعل واحد يسمع صرخات أقلامنا معبرين عما يجيش بخلدنا حول المشهد الانتخابي، أو على الأقل بما يلمحه الكاتب بعين المقل. فيكتب، ولكن ماذا أكتب.؟!
هل أكتب عن المال السياسي الذي يوزع فى الشوارع.
أم أكتب عن المشاهد المتكررة أمام اللجان من رقص وزمر وطبل.
أم عن مشاهد المرضى الذين تستغل ظروفهم المرضية وحاجتهم وفقرهم وعوزهم فيضطرون إلى الخروج إما في عربات الإسعاف ، أو على كراسي متحركة أو محمولين على الأعناق.
أم أكتب عن اللافتات التي تملأ الشوارع والحواري والأزقة لمرشحين لا أحد يراهم إلا في مثل هذه المواسم.
أم أكتب عن عربات الميكروباصات التي يشحن فيها البسطاء شحنا من أجل زجاجة زيت أو كيس سكر، أو بعض النقود.
أم أكتب عن مرشحين حقيقيين ليس لهم هدف إلا مصلحة الشعب والناس الغلابة، لكن بكل أسف يقعون فريسة تغول رأس المال الذي يسحب البساط من تحت أقدامهم فيرسبون رسوبا مدويا.
أم أكتب عن كراسي الأحزاب التي يدفع ثمنا للحصول عليها ملايين الجنيهات.
لكن أطرح سؤالا على هؤلاء الذين يدفعون كل هذه الملايين ، هل تدفعونها عشقا في سواد عيون الناس البسيطة وعشقا في سواد عيون البلد.؟!.
أم أكتب عن البلاطجة الذين يملأون الشوارع أمام لجان الاقتراع مرهبين الناس مخوفين إياهم.
أم أكتب عن الفئة المثقفة التي قرأت المشهد جيدا واحجموا عن الترشح وعن الإدلاء بأصواتهم نتيجة تراكمات خلفتها أنظمة سابقة ، وخلفتها طبقية بغيضة ، وقبلية تمثلت في أبشع صورها من خلال ترهيب المرشحين والناخبين على حد سواء وذلك عن طريق التربص وإطلاق النيران وترهيب المرشح والناخب على حد سواء.
لكن السؤال لكم أيها المثقفون إلى متى ستحجمون ، وإلى متى ستمتنعون عن الذهاب إلى اللجان الانتخابية.
أنتم باحجامكم تعطون فرصة للرويبضة والمنتفعون وأصحاب الأموال والفسدة للتربع على مقاعد الشعب ليزدادوا سوء وفحشا وافسادا فى الأرض ، والله لا يحب الفساد.
أكتب عن ماذا ، وعن ماذا وعن ماذا.؟!
أم أكتب عن نظام القوائم الحزبية التي لا تتيح تكافؤ الفرص بين المرشحين ، من يدفع يحصل على البركة ، يحصل على جواز المرور.
لوحوا أنكم سترفعون الحصانة عنهم ، والله لن تجدوا إلا المخلصين فقط هم من سيقدمون أوراقهم للترشح للعضوية ، لأنهم فعلا يحبون البلد بجد ولا يريدون إلا مصلحتها ولا يبغون إلا الخير لها.
------------------------------
بقلم: د. عادل القليعي
* أستاذ الفلسفة بآداب حلوان






