- فضوها سيرة .. "بلا تحالف بلا دياولو".. دفتر أحوال الفصائل اليسارية فارغ ومقفل ولاعزاء للشعب !
- لسنوات طويلة فشل مبارك في تعديل قانون العلاقة بين المالك والمستأجر لصلابة مواقف التجمع .. ضعف اليسار وراء التعديلات الكارثية!
- ماذا قدم تحالف السلطة مع اليسار؟ نائبين أو ثلاثة ومنع آخرين من الترشح وتجمعيون لا يظهرون في تليفزيون ولا تصدر لهم صحيفة أو مجلة ومقرهم مهدد! !
- ضبط الملحدين المحكومين بتهم ازدراء الأديان لا نزاع فيه .. لكن من يجرؤ على الكلام والمواجهة الفكرية معهم؟
- أين التجمع والأزهر وجبهة علماء المسلمين والأوقاف من مناظرة الملحدين علنا.. هل يخشون استعدادهم لهزيمتهم فكريا؟
- مع تنفيذ الأحكام ضد شريف جابر وزملائه الملحدين لكننا ضد عدم إعلان القبض عليه وإخفائه عن المصريين.
- التيار الديني المستنير كان اتجاها محوريًا داخل التجمع.. بدلًا من رسوخه واشتداد عوده فيواجه المتطرفين بدعاته ومفكريه، ذهب كل هذا مع الريح!
- التحالف اليساري مع السلطة في مواجهة الإرهاب أفادها إلى حد التسلط.. وأضاع التجمع!
- ندوة التجمع كل أربعاء بالمقر المركزي بعدما استمرّت لسنوات وتجاوز عددها المائة توقفت لأسباب شخصية فنقلها "فرج" لمقر لجنة القاهرة!
- اليسار الأميركي يسطع في نيويورك وشمس اليسار تغيب في مصر. الرأسمالية تسحقهم فينتخبون اشتراكيًا. المصريون منسحقون ولا أحد معهم!
- معركة اليساراليومية الحقيقية ، هي من أجل "لقمة العيش" للناس، وليس إرهاب المتأخونين!
أنتم مرتاحون هكذا؟ "يعني مبسوطين كده"؟! حالة الموات الإكلينيكية التي تعيشونها - ونعيشها معكم بالضرورة - هل استكنتم إليها؟!
مولد سيدي ممداني النيويوركي توج بنجاحه في الفوز بعمودية نيويورك.. وخلصت الحكاية؟!
لم يحرك برنامجه الانتخابي أحدًا أي أحد.. هناك من رأى فيه أوباما الجديد الذي يستحق اللعنات، وهناك من رأى خطابه مجرد لت وعجين لجذب الناخبين، وهناك من يعزو نجاحه إلى التصويت العقابي إلى آخره..
لكنه كاشتراكي - أو حتى شيوعي كما يتهمه ترامب ولورا لومير - لم يحرك بإلهام انجازه ساكنا في الفضاء اليساري المصري الفارغ المعتم ! لم يتلق فيه اليسار لا تهاني ولا حتى عزاء!! هذا دفتر لم يفتح من أساسه. التهاني ربما كانت واجبة احتفالًا بأن الاشتراكية أو الفكرة اليسارية على تنوعها وتعددها لا تزال قائمة، وقد جاء برهانها من قلب أعتى الرأسماليات في العالم، كما أنه لم يتلق العزاء في اشتراكيته ويساريته التي حاول جاهدًا تحُلق الناس حولها، منذ تأسيس التجمع كأول حزب يساري علني، والذي حاول المناضل خالد محيي الدين أن يصهر الكل تحت رايته من القوميين والناصريين والماركسيين والتيار الديني المستنير (منذ زمان بعيد لم نعد نري ملمحًا لوجود هذا التيار داخل التجمع، كان مفروضا وهو اتجاه محوري داخل الحزب في السابق واللاحق وبصورة أشد وأكمل هذه الأيام، أن يبنى عليه وأن يكون لديه دعاة ومفكرون ومتكلمون يتصدون لكل ما يجري على ساحة التأسلم السياسي، الذي بسببه ذهب رفعت السعيد الذي قاد الحزب لسنوات طويلة، إلى تحالف مع الدولة، تسبب في خفوت الفكرة اليسارية المعارضة، وذلك في مقابل التوحد ضد التيارات المتأسلمة أو الارهابية - بتعبير متطرف لمنتسبي الحزب - وفي نهاية المطاف رحل رفعت السعيد، ولم يحقق التجمع إلا التحالف الهزيل مع الدولة، التي لاتعترف إلا بقوة المال والنفوذ السياسي والتأثير الفكري وهو مالا يتاح أبدا للحزب اليساري العريق!
- رحل رموز اليسار جميعهم من محمد أحمد خلف الله إلى إبراهيم سعد الدين ومابينهما.. أغلقت الأهالي أو لم تعد تصدر إلا كيفما أتفق - وأغلقت صحف ومجلات يسارية أخرى، مثلما توقفت العربي الناصري والكرامة ومجلة اليسار وكِتاب الأهالى ونشرات التقدم.. وربما تصدر أدب ونقد بين الحين والآخر، فهي تحت رحمة ماكينة الطباعة الحكومية وشح الإمكانيات المادية - كل هذه الأبواب أغلقت رغم تحالف التجمع مع اليسار! إذا كانت هذه نزاهة ومبدئية التجمع، ففى المقابل هي تعبير عن انتهازية سلطة، لاتسمح لك حتى بممارسة دور اعتبره التجمع أصيلا، ومبررا لتحالفه معها، وهو مواجهة التطرف الديني! تعرف الدولة أن التجمع فقير، بل مهدد بأن يترك مقره العتيد في شارع كريم الدولة ومع هذا لا تتدخل! تعرف أن أنشطته مرهونة بالوصول إلى الجماهير ومع هذا فهي لا تجعل تليفزيون الدولة يستضيف أعضاءه ولو من باب الثقافة والفكر، مادام النقد السياسي أغلقت "درفه" بالضبة والمفتاح!
لاشيء منح للتجمع، سوي مقعدين أو ثلاثة بمجلس الشيوخ، أما الأصوات اليسارية المنتمية لأفكار العدالة الاجتماعية فأقصيت: هيثم أبو العز الحريري .. أحمد الطنطاوي - الناصري - وآخرون.. هل هذا هو الأمل؟
لم تقم الدنيا ولاتقعد في التجمع بسبب قانون العلاقة بين المالك والمستأجر، وفي أزمنة النضال والمد اليساري لم تتمكن حكومات مبارك ومجالسه النيابية من إدخال تعديل على أي مادة من شأنها الإطاحة بالمستأجر بسبب رفض التجمع ! اليوم مر تعديل القانون كالسكين في الزبد، بينما كان المواطن النيويوركي يلتف حول ممداني الذي دخل عش الدبابير وهاجم مافيا الإيجارات ولم يخش توحدهم ضده، وأكد أنه لابد من تعديل هذه السياسات الإيجارية التي يتشرد الناس بسببها.
العمال الذين كانوا درة الاهتمام وبؤبؤ العين في حزب التجمع، هم ومصانعهم العملاقة المباعة، تركهم التجمع دون أن يخوض معاركهم اليومية، مع الغلاء الفاحش والمواصلات، وأسوا ما حدث بعد تهديد حياتهم برفع أسعار الغذاء تلى ذلك مصائب قطاع الدواء! لم يعد المصريون يضعون بندا في ميزانيتهم لشراء العلاج، فالخبز أولا ثم الحرية.. عفوا العلاج!
كم تتكلف وجبات مصرية ثلاثة لأسرة مكونة من ثلاثة أو أربعة أفراد؟ لم يعد مثل هذا الأمر مطروحا إعلاميًا بالمرة! في الماضي كانت تحقيقات "مجلة صباح الخير" تتساءل: كم تتكلف سهرة مسرحية.. واليوم لا أحد يطرح هذا السؤال ولا سؤال وجبات الغذاء بالطبع! كان ذلك في زمن لم تغلق فيه المسارح كما أغلقت الآن العشرات منها، وليس المسرح وحسب، هناك إحصاء مريع بأن دور السينما المغلقة لاتقل عن ٢٦٤ دار عرض، ويقولون لك الدولة تحارب الإرهاب وتنادي بتجديد الفكر الديني!
الملحدون يجدون أرضا خصبة للعمل، وينتشرون في أوساط الشباب، ولا تجد الحزب المتحالف مع الدولة ضد الإرهاب يتصدي لهم فكريًا (هل يستطيع ؟!) ولا يناقش في طلب إحاطة ما الذي تفعله المؤسسات الدينية لمواجهة الملحدين.. أحدهم وربما يدعي شريف جابر قبض عليه مؤخرًا لتنفيذ حكم بالسجن مدة خمس سنوات بتهمة ازدراء الأديان، ومعه شخصان آخران.. والسؤال الآن - وليس الطلب بإطلاق سراحهم، ماداموا سجنوا على ذمة قضايا كما فهمنا - وإنما هو ماذا تفعل الحكومة.. فهي لاتمارس شيئا سوي فعل القبض على المشاغبين بالأفكار المتلاعبين بالعقائد، ولكن هل تجرأت المؤسسات الثقافية والحزبية والدينية على الولوج إلى عالم هؤلاء؟ نحن نعيش في دولة فيها أغلبية مسلمة، إذا قبلت من فرد أن يلحد باعتباره قرارا شخصيا، فالوجدان العام - بكل ازدواجيته المقيتة، حيث الغالبية يؤمنون ويقولون مالا يفعلون - لكنهم يقولون للملحد: Stop.. لا مجال لهذه الدعوة! فهل هناك أحد في التجمع أو الأزهر أو ما يعرف بجبهة العلماء أو غيرهم تجرأ ودعاهم إلى حوار أو مناظرة؟ أم أن العلماء والسياسيين الذين يصدرون إلينا أنهم يقرأون ويكتبون ويفكرون ويحللون، يخشون أن تقع هذه المنازلة وتحرجهم، لأن الملحدين مستعدون بما يكفي لهزيمة هؤلاء فكريًا شر هزيمة!
لست ضد ضبط وإحضار شريف جابر وزملائه لتنفيذ أحكام قضائية، ولست معهم في دعوتهم المؤمنين إلى الالحاد، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ولكني ضد عدم الإعلان عن القبض عليه وذكر الأسباب. هذه هي حقوق الإنسان، ولست أدري ماذا سيفعل الصديقان عصام شيحة رئيس الهيئة المصرية لحقوق الإنسان، وهل سيتابع الزميل الحقوقي مجدي حلمي الموضوع، ويناقشه في المجلس ويدعو إلى عرض الأمور على الناس، فمن حقنا أن نعرف!
نعم كما يقول الدكتور عمرو هاشم ربيع ـ خبير شئون الأحزاب بمركز الأهرام الاستراتيجى"التجمع مثله مثل باقى الأحزاب"، فهو يعاني كالباقين بسبب ضعف النظام الحزبى برمته الذى يعانى من مشكلات خارجية تتعلق بحصار الدولة وتدخلها فى عملية إنشاء وتكوين الأحزاب ومشكلات داخلية، تتعلق بطبيعة كل حزب على حدة، مما زاد من أزمة الأحزاب فجعل القيادات تتصارع، والتمويل محدود والتنظيم ضحل والنتيجة.. أحزاب لا تخدم الحياة السياسية".
طبعا في أميركا لا تجد مثل هذه المعاناة.. وإنما تجد هناك متبرعين للحملات الانتخابية ومتطوعين، والإعلام حر وينقل ما يريد بالطريقة التي يريد، حتى لو أراد أن يصور ممداني شيوعيًا أو مؤيدًا للمثلية، وهو كذلك فعلا، لكن هناك الممداني النيويوركي في غياب تام لممداني المصري. اليسار الأميركي يسطع في نيويورك وشمس اليسار تغيب في مصر. الرأسمالية تسحق الناس. ونيويورك تنتخب عمدة اشتراكيا. ولكن الجماهير المصرية الغفيرة منسحقة ولا أحد معها. السلطة تعرف ذلك وتطمئن! كل شيء سيبقى على حاله. لأن أصحاب الرمة أو الجثة لم يعودوا قادرين - بحكم العمر أو المرض أو الموت - على فعل أي شيء. حتى من باب "برو العتب".. فقط هم متواجدون ويمنعون الماعون! الماعون هنا هو الدماء الجديدة التي تستحقها الفكرة اليسارية.. الكوادر الجديدة التي يمكن أن تبعث في جسد الحزب الهرم روح الحياة. هذا هو الماعون الذي يمنعونه، مع أنهم غير قادرين على المضي قدما.. يمنعون ظهور أكثر من ممداني، فلا توجد انتخابات داخلية ولا نقاشات حرة ولا مؤتمرات ولا حتى ندوات (ندوة التجمع المنعقدة في المقر المركزي على مدي سنوات وتجاوزت المائة ندوة توقف إقامتها في المقر المركزي وانتقل بها الأمين العام المساعد محمد فرج إلى مقر أمانة لجنة القاهرة! لماذا يمنع ممداني المصري من الظهور؟ ماذا يُخْشَى لو ظهر في أروقة اليسار المصري، يُحَدِث الناس في الأسواق كما سقراط.. يفلسف لهم الحياة كما أفلاطون .. يكتب لهم بصراحة كهيكل أو يروي لهم عن أنفسهم كما في روايات محفوظ.. يناضل ضد التيار الديني المتخلف ويحلق بأفكار الاستنارة، كما فعل خلف الله وخليل عبد الكريم ومصطفى عاصي؟ من يبعث ممداني عندنا ليعيد إحياء صفوف اليسار المصرى الهـرِمْ، فيبث في روحه شجاعة الفتوة في الثمانينات وحتى منتصف التسعينيات.. ويجعله يلفظ تحالفه مع السلطة الذي قضى عليه وقضى علينا؟
فضوها سيرة "بلا تحالف بلا دياولو" وعودوا لصفوف الجماهير لتخوضوا معها معركتها الحقيقية اليومية، وهي " لقمة العيش" وليس إرهاب المتأخونين!
-------------------------
بقلم: محمود الشربيني






