10 - 11 - 2025

الرئيس الفنزويلي يوجه رسالة قوية إلى قادة أمريكا اللاتينية والكاريبي

الرئيس الفنزويلي يوجه رسالة قوية إلى قادة أمريكا اللاتينية والكاريبي

وجّه الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو رسالة رسمية إلى رؤساء دول وحكومات مجموعة دول أمريكا اللاتينية والكاريبي (CELAC)، حملت نبرة حاسمة وتحذيراً واضحاً من تصاعد التهديدات العسكرية في منطقة الكاريبي، داعيًا إلى وحدة الصف في وجه ما وصفه بـ”الهيمنة الجديدة” ومحاولات إعادة فرض “مبدأ مونرو” على المنطقة.

استهل مادورو رسالته بكلمات مؤثرة من مدينة سانتا مارتا الكولومبية، التي احتضنت آخر أيام المحرر سيمون بوليفار، مستحضراً وصيته الخالدة حين قال: “اعملوا جميعًا من أجل النعمة التي لا تُقدّر بثمن… نعمة الاتحاد”.

 وأضاف مادورو أن هذا الاتحاد ليس شعارًا بل “شرط حتمي لحريتنا ومفتاح كرامتنا”.

وقال الرئيس الفنزويلي إن سانتا مارتا تذكّر بجراح التاريخ التي مزقت حلم “كولومبيا الكبرى”، لكنها في الوقت ذاته تحفظ صوت بوليفار الذي دعا منذ عام 1815 إلى رفض الخضوع للقوى الأجنبية، مؤكداً أن هوية شعوب أمريكا اللاتينية “الممزوجة بالدماء الأصلية والأوروبية” هي هوية حرة خلاقة تستحق الاحترام والسيادة.

وانتقد مادورو ما وصفه بمحاولات “الهيمنة المستمرة”، مشيراً إلى أن الاستعمار الإسباني في القرن التاسع عشر أرسل جيشًا قوامه 10 آلاف جندي لاستعادة الأراضي المحررة، فيما تتكرر اليوم نفس “الروح العدوانية” ولكن بأشكال جديدة.

وأوضح أن المنطقة تشهد حالياً انتشاراً عسكرياً أمريكياً ضخماً في البحر الكاريبي، يضم حاملات طائرات ومدمرات وصواريخ وغواصات نووية، مشيرًا إلى أن هذه العمليات أدت إلى مقتل مدنيين في عرض البحر، وهي “جرائم موثقة” وصفها خبراء الأمم المتحدة ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بأنها “إعدامات خارج نطاق القضاء”.

وأضاف أن هذه الانتهاكات نوقشت في مجلس الأمن الدولي، حيث “اعترفت الولايات المتحدة بجرائمها”، مؤكدًا أن “أي عمل عسكري يبرر تحت ذريعة الأمن أو مكافحة الجريمة إنما يمثل خرقًا صارخًا للقانون الدولي واعتداءً على الحياة الإنسانية”.

وشدد مادورو على أن فنزويلا ترفض بشكل قاطع أي وصاية أو تدخل خارجي، قائلاً:“لن نقبل أن يُفرض علينا مبدأ مونرو مجددًا تحت ستار محاربة الإرهاب أو تهريب المخدرات، فهدفهم الحقيقي هو نهب ثرواتنا واستعباد شعوبنا”.

وأكد أن الردّ على “عقيدة مونرو” هو “العقيدة البوليفارية” التي تقوم على الدفاع عن الاستقلال والوحدة والتحرر.

واستذكر مادورو تأسيس مجموعة CELAC في ديسمبر 2011 في كاراكاس، بمشاركة 33 رئيس دولة وحكومة، مشيرًا إلى أن تلك الخطوة كانت ثمرة لرؤية الرئيس الراحل هوغو تشافيز الذي أعلن حينها أن “الاتحاد وحده هو سبيل الحرية”، وأن تأسيس المجموعة بدون مشاركة الولايات المتحدة وكندا مثّل لحظة استقلال سياسي حقيقي لأمريكا اللاتينية.

وفي خضم الأحداث الجارية، دعا مادورو دول المنطقة إلى اتخاذ موقف موحد ضد التصعيد العسكري في الكاريبي، قائلاً: “يجب أن نتحدث بصوت واحد، نطالب بوقف فوري للهجمات والتهديدات العسكرية، ونؤكد التزامنا بالسلام والعدالة واحترام ميثاق الأمم المتحدة”.

وطالب بفتح تحقيق دولي مستقل في الجرائم المرتكبة في البحر، وإنشاء آليات إقليمية للتعاون الإنساني والدفاع الجماعي لحماية المياه والسواحل والمجتمعات المحلية في المنطقة.

كما جدد الرئيس الفنزويلي إدانة بلاده للحصار الأمريكي المفروض على كوبا، واصفًا إياه بأنه “عمل إجرامي ولا إنساني ينتهك ميثاق الأمم المتحدة”، رافضًا كذلك إدراج كوبا في “قائمة الدول الراعية للإرهاب”.

وتوجّه بنداء إلى المجتمع الدولي مطالبًا بـ”الرفع الفوري لكافة الإجراءات القسرية والعقوبات الأحادية غير القانونية المفروضة على الشعوب”، مشيرًا إلى أن تلك العقوبات، حتى الصادرة عن الاتحاد الأوروبي، “تنتهك حقوق الإنسان وتعرقل التنمية”.

وأضاف أن أمريكا اللاتينية والكاريبي ليستا مستعمرتين لأحد، نحن شعوب حرة نطالب بعلاقات قائمة على الاحترام المتبادل والتعاون لا على التهديد والعقوبات.

استحضر مادورو روح بوليفار قائلاً: ليكن إلهامنا من رسالة بوليفار في جامايكا عام 1815، ومن خطابه أمام مؤتمر أنغوستورا عام 1819، ومن المؤتمر الأمريكي في بنما عام 1826، فكلها دعوات للوحدة والتحرر الإنساني، لا نسمح أن تفرقنا أطماع الخارج أو أن تعيدنا الأنظمة القديمة إلى الوراء”.

وقال:  من كاراكاس، مهد المحررين، نؤكد أن شعوبنا المحبة للسلام ستواجه التحديات كما واجهها بوليفار من قبل. فالسلام هو ميناؤنا ومجدنا وجائزتنا وأملنا وسعادتنا، وباسم السلام القائم على المساواة والاستقلال والسيادة، سننتصر من جديد.