يبدأ السفير الألماني في القاهرة، يورجن شولتس، اليوم زيارة إلى مدينة العريش تستمر يومين، يلتقي خلالها بمحافظ شمال سيناء، لبحث التطورات الإنسانية الراهنة في قطاع غزة، ومعبر رفح، والجهود المشتركة لتقديم الدعم الإغاثي في ضوء وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه مؤخرًا.
وأعرب السفير شولتس عن تقدير بلاده العميق للدور المصري المحوري، وللوسطاء الإقليميين والدوليين الذين أسهموا في إنجاح اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، مشيرًا إلى أن تحقيق هذا الاتفاق جاء ثمرة جهود دبلوماسية مكثفة شاركت فيها ألمانيا بفعالية.
وأوضح أن وزير الخارجية الألماني أجرى خلال الأسابيع والأشهر الماضية سلسلة من المشاورات مع الأطراف الفاعلة في المنطقة، كان آخرها هذا الأسبوع في إسرائيل، بهدف دعم الجهود الرامية إلى تثبيت الهدنة وتحسين الأوضاع الإنسانية على الأرض.
وأكد السفير التزام بلاده الثابت تجاه سكان قطاع غزة، خصوصًا في مجالات المساعدات الإنسانية وتحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار، مشيرًا إلى أن الحكومة الألمانية تعمل على تلبية احتياجات السكان بشكل عاجل، مع التركيز على توفير المواد الغذائية والأدوية والسلع الأساسية.
وأوضح شولتس أن ألمانيا تقدم أيضًا دعمًا مباشرًا للدول المجاورة المتأثرة بالأزمة، وعلى رأسها مصر، التي تستقبل المصابين والجرحى القادمين من القطاع، حيث قدمت برلين مساعدات طبية بقيمة 3.1 مليون يورو، شملت أجهزة تنفس صناعي وحاضنات طبية. كما تدعم ألمانيا جمعية “إغاثة الأطفال الفلسطينيين” (Kinder Relief) بمبلغ 120 ألف يورو لتقديم الرعاية الصحية للأطفال الذين تم إجلاؤهم من غزة وأسرهم، وقد بدأت مؤخرًا المرحلة الثانية من هذا المشروع الإنساني.
وفي إطار المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار، أعلنت الحكومة الألمانية مؤخرًا عن تخصيص 29.3 مليون يورو إضافية لمنظمات الأمم المتحدة مثل برنامج الأغذية العالمي (WFP) ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) ومنظمة الصحة العالمية (WHO)، لتغطية الاحتياجات العاجلة في غزة.
كما قدمت وزارة الخارجية الألمانية منذ أكتوبر 2023 مساعدات إنسانية للأراضي الفلسطينية المحتلة تجاوزت 374 مليون يورو، وُجّه نحو 90% منها لدعم سكان القطاع.
وشدد السفير على أن ألمانيا ستواصل عملها المكثف في مرحلة إعادة الإعمار المقبلة لتأمين مستقبل أفضل لأهالي غزة، مشيرًا إلى أن برلين ستشارك في مؤتمر إعادة الإعمار الذي تعتزم مصر تنظيمه قريبًا، بالتعاون مع عدد من الشركاء الدوليين.
وأوضح أن الهدف من المؤتمر هو تحديد الاحتياجات الإنسانية والإنمائية وجمع التمويل اللازم، لافتًا إلى أن ألمانيا ومصر نظمتا فعالية تحضيرية حول هذا الموضوع خلال أسبوع الأمم المتحدة رفيع المستوى في نيويورك في سبتمبر الماضي.
وطالبت ألمانيا بمنح منظمات الإغاثة الإنسانية، وخاصة وكالات الأمم المتحدة، حق الوصول الكامل إلى قطاع غزة، مشيرة إلى أن آلاف الأطنان من المساعدات الضرورية ما زالت تنتظر إدخالها وتوزيعها بشكل عاجل داخل القطاع.
وفيما يتعلق برؤية برلين طويلة الأمد، أكد شولتس أن بلاده حريصة على تعزيز عملية سلام مستدامة في الشرق الأوسط، موضحًا أن الحكومة الألمانية تؤمن بأن السلام الحقيقي لا يمكن تحقيقه إلا عبر الحوار والتفاهم المتبادل.
وأضاف أن ألمانيا مستعدة لتقديم الدعم في مجالات الأمن العام، وسيادة القانون، وتطوير قدرات الإدارة الفلسطينية، على المدى المتوسط والطويل.
وأشار السفير إلى أن الوضع الأمني في غزة ما يزال هشًا، داعيًا جميع الأطراف إلى الالتزام التام بالاتفاقات الأخيرة وعدم تعريض الهدنة للخطر.
كما أكد تأييد ألمانيا لنزع سلاح حركة “حماس”، ودعمها لفكرة إرسال بعثة دولية لتحقيق الاستقرار تحت تفويض من مجلس الأمن الدولي، مشددًا على أهمية بناء منظومة أمنية مستدامة تضمن الاستقرار طويل الأمد في القطاع.
وأكد شولتس على استمرار التعاون الوثيق بين الحكومة الألمانية وشركائها المصريين، إلى جانب الجهات الدولية، من أجل تحسين الوضع الإنساني في غزة، والمضي قدمًا نحو تحقيق سلام عادل ودائم في المنطقة.





