20 - 10 - 2025

ملاحظات على مسألة إعمار غزة

ملاحظات على مسألة إعمار غزة

عندما طرح ترامب فكرة إعادة إعمار غزة وتحويلها إلى  "الريفييرا" من خلال تحويل شريط غزة الساحلي الممتد بطول 25 ميلا، بحيث يتحول إلى منطقة منتجعات وفنادق فاخرة، ويُمنح سكانه أموالا لمغادرتها والعيش في أماكن أخرى، رفضت مصر الفكرة وتصدت لمسألة التهجير بكل حزم، ثم ظهرت خطة توني بلير التى تقوم على إعادة إعمار غزة من أجل سكانها أنفسهم، لكن الشيطان كان يكمن فى تفاصيلها.

بالأمس وجه السيد الرئيس خطابه للمصريين بأننا يجب أن نتكاتف جميعا لإعادة إعمار غزة، وجاءت التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي فى معظمها رافضة وساخطة حتى من مؤيديه ومحبيه.

لا يوجد شخص واحد فى مصر ولا الوطن العربى لا يتمنى أن تعود غزة كما كانت وأن ينزاح الاحتلال دون رجعة، وأن ينعم أهل غزة بالهدوء والأمان ..

لكن من الواضح أننا أخطأنا جميعا قراءة رسالة الرئيس بالأمس عن إعادة الإعمار فهى ليست موجهة لى ولا لك صديقى على الفيسبوك وتويتر. وليست موجهة لأولئك الذين يعيشون تحت خط الفقر بجنيهات معدودات يحصلون عليها من مشروع حياة كريمة.

وليست موجهة لأولئك الذين ضاقت بهم الحياة بعد زيادة البنزين جنيهين دون إدراك أن هذه الزيادة ليست مجرد اتنين جنيه لكنها أعباء إضافية على المأكل والملبس والمواصلات وذهاب الاطفال للمدارس ، وحضور الطلبة لمحاضراتهم فى الجامعات ، وعزوف الشباب عن الزواج .

وبالتأكيد ليست موجهة لطبقة الموظفين الذين يحصلون على رواتب تنتهى فى الأسبوع الأول من الشهر ويستكملونه بالدين والسلف ، ولا موجهة لأصحاب المعاشات الذين لا يجدون ما ينفقونه على الدواء الذى تضاعفت أسعاره وأصبح لمن استطاع إليه سبيلا

وبالتاكيد لا يطلب ذلك من  الطبقة الوسطى التى كانت رمانة ميزان المجتمع وانسحقت تحت عجلات التعويم والغلاء

رأيى أن خطاب الرئيس حول إعادة إعمار غزة موجه إلى الطبقة المخملية أصحاب الدخول المليونية من لاعبى الكرة والفنانين والإعلاميين، ورجال الأعمال والمستثمرين

من أولئك الذين يخرجون لسانهم للشعب الغلبان فى المهرجانات الفنية ، وحفلات الساحل والجونة ..

آن الأوان أن يدفع هؤلاء ضريبة فشخرتهم على الشعب الغلبان .. وإن يثبتوا وطنيتهم .. ويستجيبوا لنداء السيد الرئيس بضرورة إعادة إعمار غزة ، وكلى ثقة أن استجابة هؤلاء ستفتح الباب أمام أمثالهم من الدول العربية والخليج للمساهمة فى إعادة الإعمار .

لكن يبقى هناك سؤال دون إجابة واضحة،  من يضمن بأننا بعد البدء فى إعادة الإعمار وتحمل تكاليفه الباهظة،  ألا تعيد إسرائيل هجومها على غزة وتدميرها مثلما فعلت ، وتحت اى حجة وأى مبرر ، وألا يتم استنزاف اقتصادنا فى إعادة إعمار محفوف بالمخاطر إذا ما خاضته مصر وحدها وتحملت أعباءه الاقتصادية وحدها.

-------------------------------

بقلم: سحر عبدالرحيم

مقالات اخرى للكاتب

ملاحظات على مسألة إعمار غزة