20 - 10 - 2025

ترزية السلام

ترزية السلام

لقد علقت علي ما أطلق عليه " خطة ترامب " ، منذ إطلاقها واعتبرتها وثيقة بها من الثقوب أكثر مما بها من مضمون .

ومع ذلك ، تمنيت أن تنجح علي الأقل مراحلها الأولي الخاصة بوقف إطلاق النار وتبادل تسليم الأسري وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع ، وفتح كل المعابر كي تمر المساعدات الإنسانية إلي شعب محاصر منذ عشرين عاما ...

ولكن كل ما أستطيع أن أقوله اليوم هو أنه  زمان ..قبل  التطور إلي نمط الملابس الجاهزة ، كان هناك " الترزي " الذي يتسلم قطعة من القماش كي يصنع منها ثوبا..

الدبلوماسي يلعب نفس الدور مع معطيات الواقع والمبادرات المتاحة  ، يبذل جهده في محاولة " تفصيلها " كي تناسب متطلبات دولته .

" خطة ترامب "  ، قماشة مهلهلة ، قلت منذ قراءتها الأولي أن بها من الثقوب أكثر مما بها من مضمون ..

مهمة الدبلوماسية ليست " تفصيل "  هذه القطعة الممزقة ، حيث ان قصاري ما تستطيعه  أي دبلوماسية ارتضت ان تتعامل معها ، هو محاولة ترقيعها بما تيسر ، بما قد يواري بعض عورات دبلوماسية التسليم في مواجهة ما أطلق عليه الطرف الآخر " سلام القوة " ، الذي يفترض في ان الطرف العربي لايعرف  إلا " سلام الخضوع " …

ولكن هل يمكن لهذا الترقيع أن يخفي جريمة بحجم الإبادة والتطهير العرقي ؟.

هل تقبل المقاومة أن تبيع سلاحها في حوانيت الترزية وبازارات الدبلوماسية الشرقية التي اعتادت علي البيع ، وبأرخص الأسعار ؟..

تقديري أن الأطراف العربية لديها قدر متسع من حسن النية ، لأن ما يبدو جليا هو ان النظام الصهيوني هزم هزيمة إستراتيجية في معركة غزة ، وكانت زيارة نتنياهو الأخيرة إلي واشنطن محاولة لطلب العون من الشريك الأكبر ، وربما تعكس كلمة ترامب في الكنيست بجلاء أن ما يسمي " خطة ترامب " لم تكن إلا صياغة من نيتنياهو بمعاونة صهاينة البيت الأبيض كوشنر وويتكوف وغيرهما .

الأهداف بإختصار :

إسرائيل تهدف إلي مواصلة سياستها التوسعية ، بالتهام الضفة الغربية ، مشمولة ببعض الصياغات التي تتيح مباركة ما يسمي بالسلام الإبراهيمي .

امريكا : تريد التخفف من الأعباء التي تحملها إسرائيل للخزانة الأمريكية ، ولكن حمايتها في نفس الوقت ، والحفاظ علي نبع البترودولار بلا توقف .

العرب كل يغني علي ليلاه ، فبعضهم يريد التخلص من حماس حربا أو سلما ، وبعضهم يحاول حماية ما يستطيع مما تبقي من الأمن القومي العربي ، والبعض الأخير لا يعنيه من الأمر سوي ورقة توت يخفي بها عورته ، ويعالج بها ضميره في وجه احتجاج عالمي متزايد .

-----------------------------------------

بقلم : معصوم مرزوق

مقالات اخرى للكاتب

ترزية السلام