لقد علقت علي ما أطلق عليه " خطة ترامب " ، منذ إطلاقها واعتبرتها وثيقة بها من الثقوب أكثر مما بها من مضمون .
ومع ذلك ، تمنيت أن تنجح علي الأقل مراحلها الأولي الخاصة بوقف إطلاق النار وتبادل تسليم الأسري وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع ، وفتح كل المعابر كي تمر المساعدات الإنسانية إلي شعب محاصر منذ عشرين عاما ...
ولكن كل ما أستطيع أن أقوله اليوم هو أنه زمان ..قبل التطور إلي نمط الملابس الجاهزة ، كان هناك " الترزي " الذي يتسلم قطعة من القماش كي يصنع منها ثوبا..
الدبلوماسي يلعب نفس الدور مع معطيات الواقع والمبادرات المتاحة ، يبذل جهده في محاولة " تفصيلها " كي تناسب متطلبات دولته .
" خطة ترامب " ، قماشة مهلهلة ، قلت منذ قراءتها الأولي أن بها من الثقوب أكثر مما بها من مضمون ..
مهمة الدبلوماسية ليست " تفصيل " هذه القطعة الممزقة ، حيث ان قصاري ما تستطيعه أي دبلوماسية ارتضت ان تتعامل معها ، هو محاولة ترقيعها بما تيسر ، بما قد يواري بعض عورات دبلوماسية التسليم في مواجهة ما أطلق عليه الطرف الآخر " سلام القوة " ، الذي يفترض في ان الطرف العربي لايعرف إلا " سلام الخضوع " …
ولكن هل يمكن لهذا الترقيع أن يخفي جريمة بحجم الإبادة والتطهير العرقي ؟.
هل تقبل المقاومة أن تبيع سلاحها في حوانيت الترزية وبازارات الدبلوماسية الشرقية التي اعتادت علي البيع ، وبأرخص الأسعار ؟..
تقديري أن الأطراف العربية لديها قدر متسع من حسن النية ، لأن ما يبدو جليا هو ان النظام الصهيوني هزم هزيمة إستراتيجية في معركة غزة ، وكانت زيارة نتنياهو الأخيرة إلي واشنطن محاولة لطلب العون من الشريك الأكبر ، وربما تعكس كلمة ترامب في الكنيست بجلاء أن ما يسمي " خطة ترامب " لم تكن إلا صياغة من نيتنياهو بمعاونة صهاينة البيت الأبيض كوشنر وويتكوف وغيرهما .
الأهداف بإختصار :
إسرائيل تهدف إلي مواصلة سياستها التوسعية ، بالتهام الضفة الغربية ، مشمولة ببعض الصياغات التي تتيح مباركة ما يسمي بالسلام الإبراهيمي .
امريكا : تريد التخفف من الأعباء التي تحملها إسرائيل للخزانة الأمريكية ، ولكن حمايتها في نفس الوقت ، والحفاظ علي نبع البترودولار بلا توقف .
العرب كل يغني علي ليلاه ، فبعضهم يريد التخلص من حماس حربا أو سلما ، وبعضهم يحاول حماية ما يستطيع مما تبقي من الأمن القومي العربي ، والبعض الأخير لا يعنيه من الأمر سوي ورقة توت يخفي بها عورته ، ويعالج بها ضميره في وجه احتجاج عالمي متزايد .
-----------------------------------------
بقلم : معصوم مرزوق