19 - 10 - 2025

الاجتماع بين ترمب وزيلينسكي شهد مشادات كلامية صاخبة وشتائم

الاجتماع بين ترمب وزيلينسكي شهد مشادات كلامية صاخبة وشتائم

حثّ دونالد ترامب الرئيسَ الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على قبول شروط روسيا لإنهاء الحرب، وذلك خلال اجتماع متوتر في البيت الأبيض يوم الجمعة، محذرًا من أن فلاديمير بوتين قال إنه “سيدمّر أوكرانيا” إذا لم توافق. 

وقال مطّلعون على الاجتماع إن اللقاء بين الرئيسين الأمريكي والأوكراني تحوّل مرارًا إلى "مشادة كلامية صاخبة"، وكان ترامب "يشتم باستمرار".  وأضافوا أن الرئيس الأمريكي ألقى جانبًا خرائط الجبهة الأوكرانية، وأصرّ على أن يتنازل زيلينسكي لبوتين عن كامل منطقة دونباس، وكرّر مرارًا النقاط نفسها التي طرحها الزعيم الروسي في مكالمتهما الهاتفية قبل يوم واحد. 

وعكس اللقاء الصاخب بين الرجلين الطبيعة المتقلبة لموقفه من الحرب واستعداده لتبني مطالب بوتين القصوى بالرغم من انه ايد لاحقًا تجميد خطوط القتال الحالية.  

وجاء الاجتماع بين ترامب وزيلينسكي في وقت يسعى فيه الرئيس الأمريكي مجددًا لإنهاء الحرب الروسية بعد وقف إطلاق النار الذي تحقق بين إسرائيل وحماس. 

وكان زيلينسكي وفريقه قد ذهبا إلى البيت الأبيض على أمل إقناع ترامب بتزويدهم بصواريخ توماهوك بعيدة المدى، لكن الرئيس الأمريكي رفض ذلك في النهاية. وعكست أجواء اللقاء المتوترة اجتماعًا مماثلًا عُقد في فبراير الماضي، حين انتقد ترامب ونائبه جي دي فانس زيلينسكي بسبب ما وصفاه بـ "قلة امتنان" تجاه الولايات المتحدة. وبدا أن ترامب خلال اجتماع الجمعة وقد تبنّى العديد من نقاط بوتين حرفيًا، حتى عندما تناقضت مع تصريحاته الأخيرة بشأن ضعف روسيا، وفقًا لمسؤولين أوروبيين اطّلعوا على تفاصيل اللقاء. 

وقال مسؤول أوروبي إن ترامب أبلغ زيلينسكي بأن بوتين أخبره أن الصراع "عملية خاصة، وليس حربًا"، مضيفًا أن على الزعيم الأوكراني أن "يبرم صفقة أو يواجه الدمار".  وأضاف المسؤول أن ترامب قال لزيلينسكي: "أنت تخسر الحرب، وإذا أراد [بوتين] ذلك فسوف يدمّرك".  

وخلال الاجتماع، ألقى ترامب خرائط ساحة المعركة الأوكرانية جانبًا قائلًا – بحسب المسؤول – إنه "سئم من رؤية خريطة الجبهة الأوكرانية مرارًا وتكرارًا"، مضيفًا: "هذا الخط الأحمر، لا أعرف حتى أين يقع، لم أذهب إلى هناك قط".  

وقال المسؤول أيضًا إن ترامب ذكر أن "الاقتصاد الروسي يسير على ما يرام"، في تناقض واضح مع تصريحاته العلنية الأخيرة التي قال فيها إن بوتين يجب أن يتفاوض لأن "اقتصاده سينهار".  

ولم يردّ البيت الأبيض ولا مكتب الرئيس الأوكراني فورًا على طلبات التعليق. وأعرب ترامب في مقابلة مع قناة فوكس نيوز يوم الأحد عن ثقته بقدرته على إنهاء الصراع، مضيفًا أن "بوتين سيأخذ شيئًا ما، لقد فاز بممتلكات معينة".  

وكان بوتين قد قدّم عرضًا جديدًا لترامب يوم الخميس، يقضي بأن تتخلى أوكرانيا عن المناطق التي تسيطر عليها في شرق دونباس مقابل حصولها على مساحات صغيرة من منطقتي خيرسون وزابوريجيا الجنوبيتين. ويمثّل هذا العرض تنازلًا طفيفًا مقارنة بما طرحه بوتين خلال لقائه الأخير مع ترامب في ألاسكا في أغسطس، حين قال إنه سيوافق على تجميد خطوط التماس في أماكن أخرى إذا سلّمت أوكرانيا منطقة دونباس. لكن ذلك الاجتماع انتهى أيضًا بشكل متوتر بعد أن رفض بوتين دعوة ترامب لوقف إطلاق النار الفوري، وتحدّث مطولًا عن التاريخ الأوكراني الوسيط، مما دفع واشنطن إلى دراسة زيادة دعمها لكييف، بما في ذلك تزويدها بصواريخ توماهوك.

 إلا أن التنازل عما تبقّى من دونباس لا يمكن أن يكون خيارًا مطروحًا بالنسبة لأوكرانيا، إذ يعني تسليم موسكو أراضي لم تتمكن من السيطرة عليها بالكامل منذ أكثر من عقد، رغم محاولاتها منذ أن أمر بوتين بالغزو عام 2022. وقد واجهت القوات الروسية صعوبات في الاحتفاظ بالمناطق التي عرضها بوتين في خيرسون وزابوريجيا، ولم تحقق أي تقدم يُذكر هناك منذ عام 2022، وهو العام الذي بدأت فيه الحرب. 

وقال أوليكساندر ميريجكو، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوكراني: "إن تسليم دونباس إلى روسيا من دون قتال أمر غير مقبول للمجتمع الأوكراني، وبوتين يعرف ذلك جيدًا".  وأضاف أن بوتين ربما يطرح هذه الفكرة المثيرة للجدل "بهدف إثارة الانقسام داخل أوكرانيا وتقويض وحدتنا"، مؤكدًا: "الأمر لا يتعلق بالحصول على مزيد من الأراضي لروسيا، بل بتدميرنا من الداخل".  

وقد قضت لهجة ترامب العدوانية وتكراره لخطاب بوتين يوم الجمعة على آمال العديد من حلفاء أوكرانيا الأوروبيين في إمكانية إقناعه بزيادة الدعم لكييف. وكانت تلك الآمال قد تعزّزت بعد أن عبّر ترامب في الأسابيع الأخيرة عن إحباطه من رفض بوتين الانخراط بجدية في مفاوضات سلام ثنائية مع زيلينسكي. وأكد ثلاثة مسؤولين أوروبيين آخرين اطّلعوا على تفاصيل الاجتماع أن ترامب أمضى معظم اللقاء يوبّخ زيلينسكي، مكرّرًا حجج بوتين بشأن الحرب، وحاثًا إياه على قبول العرض الروسي. 

وقال أحد المسؤولين إن "زيلينسكي كان سلبيًا للغاية" بعد الاجتماع، مضيفًا أن القادة الأوروبيين "ليسوا متفائلين، لكنهم يتعاملون بواقعية مع التخطيط للخطوات المقبلة".  وفي بيان يوم الأحد، قال زيلينسكي إن "الولايات المتحدة وأوروبا ودول مجموعة العشرين ومجموعة السبع تحتاج إلى اتخاذ خطوات حاسمة لإنهاء الحرب".
-----------------------
  فايننشال تايمز