19 - 10 - 2025

مؤشرات | لا تشيطنوا احتفالات أولياء الله الصالحين.. السيد البدوي نموذجاً

مؤشرات | لا تشيطنوا احتفالات أولياء الله الصالحين.. السيد البدوي نموذجاً

ما جرى حول الاحتفال بمولد السيد البدوي، ومحاولات البعض إثارة ما يصل إلى الفتنة، حول بعض التفاصيل الصغيرة، يحمل في كثير منه أشياء ونوايا خبيثة، وإلهاء الناس عن همومهم وقضاياهم، خصوصا أن هناك من سعى إلى تلبيس ما شهدته أيام الاحتفال بالمولد من حشود شاركت وحضرت طيلة أيامه، لباساً سياسياً.

احتفال السيد أحمد البدوي، يعتبر من وجهة نظر البعض - وأنا منهم - نوع من الفلكلور الشعبي المتوارث في البلاد من قرون، قد يكون هناك بعض المغالاة في مثل هذه الاحتفالات، ولكن يبقى في النهاية أنه احتفال شعبي، فيه جزء ديني، وغالبية من يذهب لمثل هذه الاحتفال هدفهم الاستمتاع، وليس بهدف البركة والتبرك والتدين العام.

كل عام في حفل السيد البدوي، واحتفالات مولانا الحسين، والسيدة زينب، وسيدي إبراهيم الدسوقي، والسيدة نفيسة، وسيدي عبد الرحيم القناوي، والعديد من مثل تلك الاحتفالات يشهدها ويحضرها مئات الألاف، على مدار العام، مع بعض الانتقادات التي تمر.

شخصياً لست من هواة التردد على مثل هذا الاحتفالات، وإن كنت حضرت بعضها في سنوات مختلفة، في إطار حب الاستطلاع، أو الاستماع إلى بعض المنشدين المشهورين، على مدى نحو نصف قرن أو يزيد، إلا أن محاولة الإثارة حول هذه الاحتفالات، أمر فيه كثير من الخطأ، بغض النظر عن تزامن توقيت الاحتفال هذا العام ببعض الأحداث السياسية المثيرة للجدل في الشارع المصري.

وأعرف أعدادا كبيرة ممن يرتادون مساجد وأضرحة أولياء الله الصالحين، كنوع من الراحة النفسية، أو قل بهدف الاختلاء لبعض الوقت والتخفف من ضغوط الحياة، وقد يكون البعض منهم يفعل ذلك كنوع من "التقرب إلى الله" مجازاً، ولا يعني أن ذلك الدخول في حالة من الشرك بالخالق، بل في النهاية أعتقد أن مثل هؤلاء يترددون على المساجد والأضرحة، هي حالة هروب نفسي.

لا يمكن أن ننكر أن هناك من يتجرون ببعض الاحتفالات، ومن يستفيدون منها، وربما يستغلون البسطاء، وحاجة الناس، إلا أن هؤلاء هم قلة شديدة، ولا تمثل أي نسبة بين مرتادي هذه الاحتفالات، أو منظميها.

ويظل تزايد الأصوات التي انتقدت مظاهر الاحتفال بمولد السيد أحمد البدوي هذا العام، أمراً ملفتاً، خاصة أن الانتقاد طال كل موالد أولياء الله الصالحين، وتم التركيز على بعض من السلوكيات البسيطة، التي ربما تخالف الدين في طبيعتها، وحالات الاختلاط بين الرجال والنساء.

ولا أعرف سبباً مقبولاً لهذا الهجوم الذي شاع في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، والعديد من المواقع الإعلامية، مع الخلط الشديد بين بعض التصرفات الخاطئة، وطبيعة هذه الاحتفالات بصفة عامة، والتي تمثل من وجهة نظري وآخرين، بأنه نوع من الموروث الفلكلوري الشعبي والاجتماعي، بل والنشاط التجاري، والسياحي، وخصوصاً الداخلي منه.

مؤكد أهل الغربية، وطنطا على وجه الخصوص، هم الأكثر دراية بالأهمية والاجتماعية والاقتصادية لاحتفالات مولد السيد البدوي، ونفس الشيء لأهل دسوق بليالي سيدي إبراهيم الدسوقي، وكذلك في قنا باحتفالات سيدي عبد الرحمن القناوي، ونفس الشيء باحتفالات مولد أبو العباس المرسي في الإسكندرية، فكلها وغيرها حتماً فيها كثير من المنافع.

وفي الجزء الفلكلوري يبقى أن مثل تلك الاحتفالات، لا تخرج عن كونها موروثا شعبيا، فيه أشياء من الروحانية، والدينية، دون الدخول في دائرة أنه بدعة من عدمها، فهذا له ناسه من أهل الدين والفقه.

وأهل الصوفية والتصوف، هم الأكثر قدرة في الدفاع عن تراثهم، فهم الأكثر معرفة للرد والتوضيح، فهم يرون أن الاحتفالات بمثابة مناسبات للتعرف على موروث مثل هؤلاء الديني، والمعرفي، وسلوكياتهم وأخلاقهم، وكيفية الاقتداء بهم في أزمنة فيها الكثير من الأزمات، والتحديات، وذلك عبر كثير من الفعاليات المتنوعة.

والتأكيد هنا مهم جداً على رفض الكثير من السلوكيات، ومن الضروري العمل على مواجهتها بحملات توعية، بالتعاون مع المجلس الأعلى للطرق الصوفية، وكافة الطرق الصوفية، وجهات الاختصاص الأخرى.

لابد أن يدرك كل من يشارك في حملات تشويه هذا الفلكلور المصري أن هناك عواقب سيتأذى منها المجتمع، دون أن يدركوا أنه ما جرى في مولد السيد البدوي لا يخرج عن كونه احتفالا دينيا شعبيا سنوي لإحياء ذكرى واحد من أولياء الله الصالحين بمظاهر فيها أشياء من عالم الروحية والأذكار، بجانب بعض المظاهر العامة على هامش هذه الاحتفالات، سواء كانت ترفيهية أو تجارية.

والنداء الأهم حول ما دار من جدل حول احتفال السيد البدوي، يتلخص في "لا تشيطنوا مثل هذه الاحتفالات، ولا تنشروا الكراهية أو أي شكوك، وهدم تراث مصري ممتد عبر القرون، أو هوية مصرية وتشويه قد يكون مقصودا، ولا ترتكبوا أخطاءً بنوع من الإلهاء للناس، والحذر وصل من البعض أن يكون ما يجري نوع من الفتنة مع أهل الصوفية.
--------------------------
بقلم: محمود الحضري


مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | لا تشيطنوا احتفالات أولياء الله الصالحين.. السيد البدوي نموذجاً