16 - 10 - 2025

ماذا يفعل رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) في قمة شرم الشيخ؟

ماذا يفعل رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) في قمة شرم الشيخ؟

على المنصّة المرتفعة في شرم الشيخ بمصر، حيث اصطفّ قادة العالم إلى جانب الرئيس ترامب للاحتفال باتفاق وقف إطلاق النار في غزة، برز رجل واحد لم يكن لا رئيس حكومة ولا من الأسر الحاكمة العربية. ذلك الرجل كان جياني إنفانتينو، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، الذي كان المسؤول الرياضي الوحيد في قمة الاثنين، والضيف الوحيد الذي لا يحمل صفة سياسية.  

 التقط إنفانتينو صورًا مع الرئيس ترامب ومع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ووعد بالمساعدة في إعادة بناء الملاعب الرياضية المدمّرة في غزة، وقال إنه سافر إلى مصر بدعوة من الرئيس ترامب. وقال إنفانتينو في مقطع مصوّر صقيل نشره على إنستغرام، يظهر لقاءاته مع قادة العالم: "من المهم جدًا أن تكون فيفا هنا".  

لقد جعل إنفانتينو من وجوده إلى جانب ترامب شأنًا دائمًا، مهما كانت أجندة اليوم، فقد ألقى كلمة في عشاء لرجال الأعمال استضافه ترامب خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا عام 2020، وسافر إلى واشنطن خلال جائحة كورونا في العام نفسه، لحضور توقيع “اتفاقات أبراهام” التي أرست علاقات دبلوماسية بين إسرائيل وعدة دول عربية، كما حصل هذا العام على مقعد بارز في حفل تنصيب ترامب الثاني، وظهر مرارًا في المكتب البيضاوي منذ ذلك الحين. 

يُعد إنفانتينو أحد أبرز الداعمين لترامب منذ ولايته الأولى، عندما فازت الولايات المتحدة بحق استضافة كأس العالم 2026 بالمشاركة مع كندا والمكسيك. وقد افتتحت فيفا هذا العام مكتبًا في برج ترامب، فيما أشاد إنفانتينو بترامب مرارًا بأوصاف لامعة، ودعا الأسبوع الماضي لمنحه جائزة نوبل للسلام تقديرًا لجهوده في غزة، وتلقى في المقابل اهتمامًا ونفوذًا يخصّ به ترامب أقرب مساعديه وحلفاءه. 

وقد أثارت علاقة إنفانتينو الوثيقة بترامب انتقادات، حتى من مسؤولين آخرين في عالم كرة القدم، بشأن مدى ملاءمة تكوين علاقة علنية بهذا القرب مع زعيم سياسي واحد، فالفيفا يفرض قواعد صارمة تحظر التدخل السياسي في شؤون كرة القدم، وقد أعرب بعض التنفيذيين في الفيفا ومسؤولين آخرين عن قلقهم في جلسات خاصة من سلوك إنفانتينو تجاه ترامب، وقد وصف ترامب إنفانتينو بأنه "ملك كرة القدم".  

وأشار متحدث باسم فيفا إلى أن العديد من قادة العالم حضروا القمة، وأن وجود إنفانتينو بصفته رئيس الفيفا مبرّر باعتباره ندًّا لهم إلى حد ما.  وتواجه فيفا ضغوطًا للبتّ في شكوى تقدمت بها قبل عامين جمعية كرة القدم الفلسطينية ضد إسرائيل، تتهم فيها الأخيرة بانتهاك لوائح الفيفا، بما في ذلك السماح لفرق من مستوطنات الضفة الغربية بالمشاركة في الدوري الإسرائيلي، وقد رفضت إسرائيل تلك الاتهامات. 

ويقول نِك ماكغيهن، مدير منظمة “فير سكوير” المعنية بحقوق الإنسان والتي نشرت تقارير ناقدة للفيفا: "لقد تخلّى إنفانتينو عن أي ادعاء بالحياد السياسي الذي تتبنّاه فيفا وتتعهد قانونيًا بالحفاظ عليه، ووضعها بوضوح في صفّ ترامب ونتنياهو"، ووصف ظهور إنفانتينو في مصر بأنه "مقلق للغاية".  ولم يردّ متحدث الفيفا على أسئلة تتعلق بتصريحات ماكغيهن، أما إنفانتينو، الذي وصل إلى القمة على متن طائرة خاصة مملوكة لقطر يستخدمها كثيرًا، فقد تجاهل الانتقادات، مؤكدًا أنه يحتاج إلى علاقة وثيقة مع قادة الدول المستضيفة لضمان نجاح تنظيم كأس العالم، لكنه قضى وقتًا أقل بكثير مع قادة كندا والمكسيك، وهما دولتان شريكتان في استضافة البطولة. 

ونادراً ما اصطفّ قادة الرياضة إلى هذا الحد مع زعماء العالم كما يفعل إنفانتينو، فلم تحضر كيرستي كوفنتري، رئيسة اللجنة الأولمبية الدولية، قمة مصر رغم تعاملها مع رؤساء الحكومات، ولم يكن سيب بلاتر سلف إنفانتينو، الذي أُطيح به في 2015 بعد فضيحة فساد، من رواد الفعاليات السياسية، ولا توماس باخ الذي خلفته كوفنتري هذا العام. 

كما نسج إنفانتينو علاقات وثيقة مع قادة آخرين يجمعون بين السياسة والأعمال، مثل بول كاغامي رئيس رواندا المتهم من جماعات حقوقية بتزوير الانتخابات، ومحمد بن سلمان ولي عهد السعودية التي فازت بحق استضافة كأس العالم 2034 دون منافسة، والشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر التي استضافت مونديال 2022، وقد وفّرت له قطر فيلا في الدوحة قبل البطولة. كما أقام إنفانتينو علاقات ودّية مع أفراد عائلة ترامب، إذ خالف التقاليد عندما سمح لايفانكا، بالمشاركة في سحب قرعة كأس العالم للأندية الذي أُقيم في الولايات المتحدة هذا العام، وهو دور يُسند عادة إلى لاعبين معتزلين. 

وقد أقنع ترامب إنفانتينو بترك كأسين تابعين للفيفا لديه، من بينهما نسخة مكرّرة من كأس العالم تُعرض الآن في المكتب البيضاوي، فيما كانت المساحة المخصصة لها في متحف فيفا في زيورخ فارغة في مطلع هذا الشهر.
-------------------------
نيويورك تايمز