من المساخر القدرية أن نشاهد تلك الممارسات التى يطلق عليها انتخابية وهى لا علاقة لها لا بانتخابات ولا بسياسة . فالعملية الانتخابية هى من الأسس التى يجب مراعاتها وممارساتها فى أى ممارسة ديمقراطية (سياسية) .
ولأننا بعافية فى فهم وممارسة السياسة كما يحب أن تكونK فكان هناك أنفصال تام بين العملية الانتخابية وبين السياسىة . فكل من هب ودب وكل من يمتلك من الأموال المليونية والمليارية يستطيع المشاركة فى العملية الانتخابية التى لا علاقة لها وله بالسياسة من قريب أو من بعيد . هنا من الطبيعى أن تتحول الانتخابات إلى عقد صفقة اقتصادية يحسب فيها المكسب والخسارة بأسم الانتخابات وللأسف على حساب الجماهير ولأسف اخر (المغيبة) .
من المعروف أن من حق أى مواطن الدفاع عن مطالبه وحقوقه والنضال من أجل تحقيق هذه المطالب وتلك الحقوق . وهذا يتم فى ظل تناقض المصالح بين طبقة وطبقة أخرى . فمصلحة العامل لا تتطابق مع مصلحة صاحب العمل سواء كان قطاعا صناعيا أو زراعيا أو خدميا . ومن الطبيعى أن يدافع كل طرف عن مصلحته . وهذا يجب أن يتجسد خير تجسد فى العملية الانتخابية التى تفرز نوابا يتبنون مواقف تعبر عن كل طبقة سواء كانت عمال أو أصحاب عمل أغنياء أو فقراء ...الخ، فلا صاحب العمل يدافع عن مصلحة العامل مقابل مصلحته ولا الغنى يترك فرصة للاغتناء من أجل عيون الفقراء!!
هنا كيف ينتخب مواطن فقير مرشح مليونير؟ وكيف يختار عامل صاحب عمل ولا بختار عامل مثله يعيش ظروفه ويعيها ويجيد التعبير والنضال من أجل تحقيق مطالب العمال وتحقيق أمانيهم!!
هنا فهل العملية الانتخابية الآن بنظامها الانتخابى وما يصاحبها من توفير الفرص كل الفرص لكل مليونير أو ملياردير سواء عن طريق القوائم المطلقة (التعيين) مقابل ما يقال عن ما يسمى تبرعات مليونية لا نعلم كيف ؟ ولمن ؟ ولماذا ؟
أو القوائم الفردية التى تمنح أيضا بنفس طريقة القوائم المطلقة وان اختلفت الأسعار (كما نسمع ولا نجد من يؤكد أو ينفي) وكلاهما يدخل فى إطار التعيين!! ناهيك عن كم الأموال التى تصرف فى الدعاية الأنتخابية ولزوم ما يلزم من ....ومن ...ومن ...!!!
هنا هذا المرشح سواء كان حزبيا أو مستقلا والذى يملك الملايين التى سيصرفها على الانتخابات . هل هذا يعد إيمانا منه واقتناعا بشرف تمثيل الجماهير الغلابة والفقراء والتى تتناقض مصالحهم مع مصالحه؟ ام من الطبيعى إذا كان رجل أعمال وصاحب مشروعات أن يتم استثمار ما تم صرفه من الملايين بطريقة مشروعة أو غير مشروعة أيضا ؟
هنا هل يصح أن نصل إلى هذا المستوى من نفاق الجماهير والضحك على العقول ونشاهد تلك الدعايات الفجة والمهينة التى تقول (انتخبوا مرشح الغلابة !!) .
فكيف يكون مليونيرا استطاع الترشح بهذه الطريقة أن يكون غلبانا مثل الغلابة؟ أم هو النفاق؟ كما أن هذه العبارة تحمل امتهانا لا يليق ولا يجب للمواطن بشكل عام . كما أننا لم نجد من يقول انتخبوا مرشح الأغنياء مقابل مرشح الغلابة مع العلم أن الأصح الثانية وليست الاولى.
والإشكالية الحقيقية هنا ياسادة هو غياب العملية السياسية من الأساس . فلا سياسة بدون تعددية ولا تعددية بدون أحزاب حقيقية تحمل رؤية سياسية وتملك كوادر حزبية مسيسة تتواصل مع الجماهير لتسويق برامجها الحزبية حتى يكون الاختيار سياسيا والتمثيل سياسيا فيكسب المواطن ونحافظ على وطن متماسك. ولكن للأسف نجد أحزابا لاعلاقة لها بالعمل الحزبى ولا تدرى ماهى السياسة ولا تعى برامجها التى لا يقرأها أحد والتى لا علاقة لها بالسياسة.. أحزاب أصبحت الآن لا عمل لها إلا المشاركة والدعاية لما هو مطلوب حتى يتم المراد ويتعين رؤساء الأحزاب الورقية . أى وكأن الأحزاب جاءت وكانت من أجل الوصول لتعيين عدد من ملاكها ورؤسائها فى المجالس التشريعية وكفى المؤمنين شر القتال . الوطن يحتاج إلى حياة سياسية حقيقية يمارس فيها الرأى الآخر . يحتاج إلى نظام انتخابى يعبر عن الجماهير بكل طبقاتها خصوصا هؤلاء الغلابة اقتصاديا ولكنهم هم مواطنون لهم كل الحقوق كما يطلب منهم كل الواجبات . حفظ الله مصر وشعبها العظيم .
-------------------------------------
بقلم : جمال أسعد