شهدت العاصمة الصينية بكين صباح اليوم نشاطًا دبلوماسيًا مكثفًا، حيث التقى الرئيس الصيني شي جين بينغ في قاعة الشعب الكبرى بكلٍّ من رئيسة وزراء سريلانكا هاريني أماراسوريا ورئيسة وزراء موزمبيق ماريا بنفيندا ليفي، وذلك على هامش مشاركتهما في “اجتماع القادة العالمي حول شؤون المرأة” الذي تستضيفه الصين.
في مستهل اللقاءات، رحب الرئيس شي برئيسة وزراء سريلانكا هاريني أماراسوريا، مشيرًا إلى أن العلاقات بين الصين وسريلانكا تمثل نموذجًا يُحتذى به في الصداقة والتعاون القائم على مبادئ التعايش السلمي الخمسة والمنفعة المتبادلة.
وأكد أن البلدين يسيران معًا في طريق التنمية والنهضة كشريكين في التعاون القائم على تحقيق المكاسب المشتركة، وأن الصين تنظر إلى سريلانكا كأولوية في سياستها الدبلوماسية مع دول الجوار.
وأضاف الرئيس الصيني أن بكين تدعم سريلانكا في حماية سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها، وفي اتباع مسار تنموي يتناسب مع ظروفها الوطنية، مركزة على تحقيق التنمية الاقتصادية والازدهار الوطني.
كما أعرب عن استعداد الصين لتعزيز التعاون عالي الجودة في إطار مبادرة الحزام والطريق، وتوسيع مجالات التعاون في اقتصاد الموانئ والزراعة الحديثة والاقتصاد الرقمي والاقتصاد الأخضر والسياحة، بما يساهم في دفع عجلة التنمية في سريلانكا.
وأشار الرئيس شي إلى أهمية تعزيز التعاون في مجالات إنفاذ القانون والأمن ومكافحة الجرائم العابرة للحدود مثل القمار والاحتيال الإلكتروني، مؤكدًا أهمية التنسيق في الأطر متعددة الأطراف، والعمل سويًا من أجل عالم متعدد الأقطاب أكثر عدلًا وتنظيمًا، وعولمة اقتصادية أكثر شمولًا تعود بالنفع على الجميع، مع حماية مصالح دول الجنوب العالمي.
من جانبها، نقلت رئيسة الوزراء هاريني أماراسوريا تحيات الرئيس السريلانكي أنورا كومارا ديساناياكي إلى الرئيس شي، مشيدة بالكلمة الملهمة التي ألقاها في اجتماع القادة العالمي حول شؤون المرأة، والتي تعكس الدور الريادي للصين في دعم قضايا المرأة عالميًا.
وأكدت أن سريلانكا تولي أهمية كبيرة لعلاقاتها مع الصين، وتلتزم بمبدأ الصين الواحدة، كما تدعم التعاون عالي الجودة ضمن مبادرة الحزام والطريق، شاكرة الصين على دعمها الثمين لبلادها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وأعربت أماراسوريا عن تطلع بلادها للاستفادة من تجربة التحديث الصينية وتعزيز التعاون الثنائي لتحقيق نهضة جديدة في سريلانكا، مؤكدة أن المبادرات العالمية الأربع التي طرحها الرئيس شي جين بينغ — وهي مبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية، ومبادرة الحوكمة العالمية — تحمل أهمية كبيرة في ظل الاضطرابات الدولية الراهنة، مشيرة إلى أن سريلانكا ستعمل جنبًا إلى جنب مع الصين لتنفيذ هذه المبادرات وصون المصالح المشتركة لدول الجنوب العالمي.
وفي لقاء ثانٍ، استقبل الرئيس شي رئيسة وزراء موزمبيق ماريا بنفيندا ليفي، مؤكدًا أن الصداقة التقليدية بين البلدين التي تمتد لأكثر من خمسين عامًا صمدت أمام تقلبات الأوضاع الدولية وظلت قوية وراسخة. وأشار إلى أن الصين ستواصل تعزيز الدعم المتبادل والتنسيق الاستراتيجي والتعاون القائم على المنفعة المشتركة مع موزمبيق، بما يعمق الشراكة الاستراتيجية الشاملة للتعاون ويمهد لإنجازات أكثر تميزًا خلال العقود المقبلة.
وشدد الرئيس الصيني على دعم بلاده لموزمبيق في استكشاف مسار تنموي مستقل يتناسب مع ظروفها الوطنية والحفاظ على وحدتها واستقرارها الوطني. كما أبدى استعداد الصين لتعزيز التعاون بين الحكومات والأحزاب السياسية والبرلمانات وتبادل الخبرات في حوكمة الأحزاب وإدارة شؤون الدولة.
وأشار شي إلى ضرورة الاستفادة من نتائج قمة منتدى التعاون الصيني الإفريقي (FOCAC) التي عُقدت في بكين لتعزيز التعاون العملي، واستكشاف سبل جديدة للتعاون في مجالات الطاقة والموارد المعدنية والبنية التحتية.
كما دعا إلى تسريع إنشاء المركز الثقافي الصيني في موزمبيق لتعزيز التبادل الإنساني والثقافي، مؤكدًا أن الصين ستواصل العمل مع موزمبيق على تنفيذ مبادرة الحوكمة العالمية، ومعارضة الأحادية والهيمنة، وصون المصالح المشتركة للبلدين ولدول الجنوب العالمي.
من جانبها، أشادت رئيسة الوزراء ماريا بنفيندا ليفي بالكلمة العميقة والمؤثرة التي ألقاها الرئيس شي جين بينغ خلال الاجتماع، مؤكدة أن موزمبيق مستعدة للعمل مع الصين لتنفيذ نتائج الاجتماع ودفع مسيرة النهوض بالمرأة عالميًا.
وأشارت إلى أن الصين تُعد شريكًا موثوقًا وصديقًا حقيقيًا لموزمبيق، حيث ظل البلدان يدعمان بعضهما البعض ويحافظان على تعاون وثيق منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية قبل نصف قرن.
وأكدت ليفي التزام بلادها بمبدأ الصين الواحدة، معربة عن رغبتها في تعزيز التعاون مع الصين في الاقتصاد والتجارة والطاقة والتعدين والعلوم والتكنولوجيا والتعليم، بما يدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في موزمبيق.
كما أعربت عن دعم بلادها للمبادرات العالمية الأربع التي طرحتها الصين، مثمنةً دور الصين الإيجابي في تعزيز الازدهار والاستقرار العالميين.
وأكدت أن موزمبيق ستعزز تعاونها متعدد الأطراف مع الصين لبناء نظام حوكمة عالمي أكثر عدالة وإنصافًا.
وقد حضر اللقاءات وزير الخارجية الصيني وانغ يي، في يوم يعكس الحيوية المتزايدة للدبلوماسية الصينية ودورها في توطيد الشراكات مع دول الجنوب وتعزيز قضايا التنمية والسلام والمساواة بين الجنسين.