وقعت نكسة يونيو ١٩٦٧ وانا أنهى دراستى الابتدائية وأحسست بالمرارة رغم طفولتى وسعدت جدا بأخبار معركة رأس العش وتدمير المدمرة الاسرائيلية ايلات قبالة سواحل بور سعيد
وتأكدت أن قواتنا الجوية بخير وانا اتابع بانتظام وبصورة يومية تدريبات ومناورات نسورنا فى سماء زفتى وميت غمر حيث كنت أترقب صوت الطائرات لاصعد مسرعاً إلى السطوح فى منزل جدي بقرية سندبسط المطله على النيل، وقتها كنت فى مرحلة الصبا وكنت اتمتع بقوة أبصار ٦/٦ وأستطيع رؤية الاعلانات فى ميت غمر على الضفة الأخري من النيل وأستطيع رؤية الطيارين داخل طائراتهم وكنت اثق أنهم يروننى كما اراهم
جلستى فى سطوح منزل جدي رحمه الله اعطتنى الطمأنينة والثقة أننا سنثأر لما حدث في يونيو ١٩٦٧ واعطتنى الثقة والطمأنينة فى كفاءة ومهارة نسورنا خاصة وانا اتابع تدريبات المطاردة التى يمارسونها بكل جدية حتى اننى كنت ادعو الله الا تصطدم الطائرات ببعضها
ولذلك لم اندهش من عظمة الضربة الجوية التى وجهتها قواتنا للمواقع الاسرائيلية كبداية لحرب السادس من اكتوبر ١٩٧٣ والتى كان من شهدائها النقيب طيار عاطف السادات شقيق الرئيس محمد انور السادات صاحب قرار الحرب والذى قاد اكبر عملية خداع استراتيجى لاسرائيل وجعل قادتها على قناعة تامة بأننا لن نحارب...
تذكرت جلستى على سطوح منزل العائلة فى سندبسط وانا اتابع أنباء معركة المنصورة الجوية التى وقعت فى ١٤ أكتوبر ١٩٧٣ عندما حاولت اسرائيل تكرار ما فعلته فى يونيو ١٩٦٧ بمهاجمة المطارات الحربية فى الدلتا وحشدت لذلك ١٢٠ طائرة من احدث الطائرات حينذاك، ونجح نسورنا بكل كفاءة واقتدار فى احباط الهجوم الإسرائيلى وإسقاط الكثير من طائراته وإجبار بقيتها على الفرار
معركة المنصورة الجوية التى وقعت فى ١٤ أكتوبر ١٩٧٣ اعتبرت بشهادة كل الكليات والاكاديميات العسكرية من أكبر واطول المعارك الجوية فى التاريخ بالنظر إلى عدد الطائرات التى شاركت فيها واستمرارها على مدي٥٣ دقيقة ، وبالتالي أصبحت القوات الجوية تحتفل بعيدها كل عام فى ١٤ أكتوبر تخليدا لمعركة المنصورة التى برهنت على عظمة الطيارين المصريين وعظمة الملاحين المصريين وعظمة الفنيين المصريين الذين حطموا الأرقام القياسية العالمية فى إعادة تجهيز وتسليح الطائرات لتعاود التحليق والاشتباك
كل التحية والاجلال لشهداء معركة المنصورة الجوية ، وكل التحية للرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك رحمه الله الذى قاد قواتنا الجوية فى حرب السادس من اكتوبر ١٩٧٣ أعظم حروب الامة فى العصر الحديث
وفى عيد القوات الجوية أتمنى تكريم كل الطيارين والملاحين والفنيين الذين شاركوا في حرب أكتوبر ومعركة المنصورة وكتب الله لهم الحياة حتى يومنا هذا ، ومن هؤلاء النسور الأحياء الفريق احمد شفيق قائد القوات الجوية الأسبق والذى شارك كطيار مقاتل فى معركة المنصورة وتقول المصادر أنه أسقط طائرتين للعدو
ذكري معركة المنصورة الجوية ستظل تشعرنا بالفخر والثقة فى جيشنا العظيم الذى يضم خير اجناد الأرض.
--------------------------------
بقلم: عبدالغني عجاج