25 - 09 - 2025

جمعية نهوض وتنمية المرأة: بيت الطاعة بند قانوني يهدر كرامة الزوجة ويجب إلغاؤه

جمعية نهوض وتنمية المرأة: بيت الطاعة بند قانوني يهدر كرامة الزوجة ويجب إلغاؤه


أدانت جمعية نهوض وتنمية المرأة استمرار العمل بقانون "بيت الطاعة" الصادر في العام 1929، واعتبرته مهينا لكرامة المرأة المصرية، وفي بيان لها أوضحت الجمعية أن القانون المصري ما زال يسمح بما يُسمى "بيت الطاعة"، وهو نظام قانوني يستند إلى نصوص في قانون الأحوال الشخصية رقم 25 لسنة 1929 وتعديلاته، يتيح للزوج أن يُرسل لزوجته إنذارًا بالعودة إلى منزل الزوجية. وإذا لم تُطع الزوجة الإنذار أو اعترضت بعد مرور 30 يومًا، تُعتبر «ناشزًا»، ويسقط حقها في النفقة.

وجاء في بيان الجمعية التي ترأسها الدكتورة إيمان بيبرس: نحن في جمعية نهوض وتنمية المرأة وفي إطار حملة أمهات مصر خط أحمر الخاصة بمناقشة قوانين الأحوال الشخصية والتي ننادي فيها بالحفاظ على الأسرة المصرية خاصة الطفل والمرأة، استقبلنا الآلاف من الاستغاثات من أمهات مصر اللاتي عانين من بند "بيت الطاعة" في القانون المصري، حيث يؤكدن أن هذا النص لم يعد مجرد مادة قانونية، بل أصبح أداة قهر وإذلال للزوجة المصرية، تُستخدم للضغط عليها وإجبارها على الاستمرار في زيجة غير آمنة مليئة بالعنف والإهانة.

وترى الجمعية أن بقاء "بيت الطاعة" حتى اليوم يُشكل تعديًا على المرأة ويُكرّس صورًا سلبية من التمييز والعنف ضدها، ويعد إهدار للكرامة الإنسانية للزوجة إذ يُعاملها القانون كطرف ملزم بالطاعة المطلقة، متجاهلًا إرادتها واستقلاليتها، الى جانب تجاهل أسباب ترك الزوجة للمنزل مثل التعرض للعنف الجسدي أو النفسي أو غياب الأمان، حيث يُركز القانون فقط على “حق الطاعة” للزوج.، بالإضافة الى الوصم الاجتماعي الذي يحدث بمجرد رفض الزوجة إنذار الطاعة حيث تُوصف بأنها “ناشز”، مما يسقط عنها النفقة ويضعها في موقف مهين أمام أسرتها والمجتمع، كما أن القانون يمنح الزوج سلطة قانونية لا يُقابلها التزام مماثل عليه، بما يخل بمبدأ المساواة المنصوص عليه دستوريًا.

كما ان هذا القانون له العديد من الآثار الاجتماعية والنفسية أيضًا على الزوجة من أهمها: تعزيز العنف الأسري إذ يُشرعن وجود الزوجة في بيئة قد تُهدد سلامتها الجسدية والنفسية، بالإضافة إلى الاضطرابات النفسية التي تشعر بها الزوجة مثل الخوف والقلق والاكتئاب الناتج عن فقدان الشعور بالأمان داخل الأسرة، ولن ننسى الإضرار بالأبناء حيث يعيش الأطفال في بيئة يسودها القهر وعدم المساواة، مما ينعكس سلبًا على تنشئتهم وسلوكياتهم ، هذا إلى جانب ترسيخ صورة نمطية سلبية عن المرأة باعتبارها تابعة للرجل وخاضعة لإرادته، وهو ما يتناقض مع قيم العدالة والمساواة، وتعريض الزوجة العاملة للحرج وربما فقدان عملها نتيجة التشويه والشوشرة عند استلامها الانذار في مكان عملها، بالإضافة إلى حرمان الزوجة غير المتعلمة أو محدودة الدخل من حقوقها، مما يتركها بلا مأوى أو مصدر رزق.

كما ان بعض الأزواج يلجأون إلى رفع دعوى الطاعة كأداة ضغط أو ابتزاز للزوجة لإجبارها على التنازل عن حقوقها، إلى جانب اللجوء لبعض الأساليب الملتوية والتلاعب بها واستغلال الثغرات في القانون لإرضاخ الزوجة فعلى سبيل المثال، إذا لم يصل الإنذار إلى الزوجة أو لم ترد عليه خلال 30 يومًا فقد تفقد الزوجة حقوقها الشرعية، أو إذا تم استخدام عناوين وهمية في الإنذارات مما يجعل إثبات بطلانها عبئًا إضافيًا على الزوجة، كما أن صياغة الإنذارات غالبًا ما تكون مهينة وتمثل انتقاصًا من الكرامة الإنسانية.

ونشير في جمعية نهوض وتنمية المرأة على أن الأصل في الشريعة الإسلامية أن الحياة الزوجية قائمة على المودة والرحمة: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً" (الروم: 21).

وعلى الرغم من أن الشريعة الاسلامية تجيز للزوج أن يُلزم زوجته بالعودة إلى بيت الزوجية طالما وفّر لها المسكن الشرعي والنفقة، لكن هذا لا يعني الإكراه أو القهر؛ فإذا كان في البيت ضرر أو أذى أو عدم أمان، فلها الحق شرعًا في طلب التفريق أو الامتناع عن العودة، فالطاعة في الإسلام قائمة على الاحترام المتبادل وليست "بيت طاعة" قسري.

ونحن في جمعية نهوض وتنمية المرأة نرى أن استمرار العمل ببند “بيت الطاعة” في التشريعات المصرية يُشكل مخالفة واضحة لمبادئ الدستور المصري الذي نصّ في مواده على حماية الكرامة الإنسانية وتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة، كما يتعارض مع التزامات مصر الدولية في مجال حقوق الإنسان، وعلى رأسها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو).

وعلى الرغم من أنه لا توجد إحصاءات رسمية معلنة بعدد قضايا بيت الطاعة أو نسب الطلاق الناتجة عنها، لكن تكرارها في ساحات المحاكم يبرهن أنها أداة تُستخدم للضغط على النساء أكثر مما تُسهم في استقرار الأسرة.

ولهذا نطالب المشرّع المصري بإلغاء بند إنذار الطاعة من قانون الأحوال الشخصية، ووقف أي إجراءات قانونية تُجبر الزوجة على العودة قسرًا إلى منزل الزوجية، وتعزيز القوانين التي تجرّم العنف الأسري وتضمن للزوجة والأبناء حقهم في بيئة آمنة ومستقرة.

في ختام البيان أكدت جمعية نهوض وتنمية المرأة على أن حماية الأسرة المصرية تبدأ بحماية المرأة وصون كرامتها ولا يمكن أن تتحقق العدالة داخل المجتمع بوجود نص قانوني يُهين الزوجة ويجعلها رهينة لإرادة الزوج، فإلغاء بند “بيت الطاعة” خطوة أساسية نحو بناء تشريع يُعزز حقوق الإنسان ويُرسخ قيم العدالة والإنصاف داخل الأسرة والمجتمع.