لماذا كلما استخدمت أميركا حق النقض الفيتو ، نولول ونصب وابلا من اللعنات ، ويعترض طريق ممثلة أمريكا في مجلس الأمن أو في أي محفل أممي دولي.
إن هؤلاء لا يمثلون أنفسهم وإنما يمثلون بلدانهم ، هؤلاء مأمورون أن يفعلوا كذا وكذا، حتى وإن كانوا على غير قناعة وإن كنت أشك في هذا الأمر؛ فمعظهم صناعة صهيونية وربائب نعمة اللوبي الصهيوني الأمريكي العنصري الذي لا يبغي غير مصلحة الصهيونية وحتى هذه أكاد أجزم أنها لا تهمهم ، وإنما في اعتقادي أن ما يهمهم البقاء فى الصورة ، بحجة أنهم حماة اليهودية ، وإن كنت أرى أن اليهودية الحقة منهم ومن أفاعليهم النكراء براء.
فليس ثمة ديانة حقة تشرعن للقتل وسفك الدماء ، لكن هؤلاء أصابهم هوس المشروع الاستيطاني ، الذي تحول بعد ذلك إلى حلم أكبر طالما حلموا به ، مشروع شرق أوسطي جديد تكون الهيمنة فيه لهم وما دونهم خدم وعبيد ، يفعلون ما يؤمرون وينفذون ما يطلب منهم دون حتى أدنى اعتراض.
فماذا ننتظر من هؤلاء ، لا ننتظر منهم سوى الغدر والحقد والكراهية لأمتنا العربية والإسلامية ، وخير شاهد على ذلك حرب الإبادة الشاملة ما يحدث الآن في شعب غزة الأعزل .
وعندما سئل أباهم الذي هناك فى البيت الأبيض عن هذه الإبادة ، قال بمنتهى الأريحية ، لا أرى إلا أن ما حدث يوم السابع من اكتوبر 2023م، هو الإبادة عينها. وكأنه يقول للعالم أن ما حدث لإسرائيل هو الإبادة بعينها وأنه رأي أشلاء الأطفال تتطاير في مستوطنات إسرائيل ، وقد صدق وهو الكذوب ، نعم إنها أشلاء تطايرت ولكن أشلاء أطفال فلسطين العزل .
وأردف قائلا ، أنني لم أطلع على تقرير الأمم المتحدة حول الإبادة الجماعية ، والسؤال هل يعنيه أية تقارير ، طالما أن نواياهم مبيتة (استخدام حق النقض الفيتو، سلاح الصهاينة الناعم فى المحافل الدولية، وكأنهم يقولون للعالم افعلوا ما شئتم وما تريده إسرائيل نحن معه).
السؤال لكم يا زعماء العرب والمسلمين ، ما الذلة التي يمسكونها عليكم ، ما كل هذا الخنوع والإذلال والخضوع ، وأنتم من تمتلكون الثروات الضخمة والمليارات والتريليونات ، لماذا تقبلون الهون ، هل أمريكا ستدافع عنكم ، هل بنو صهيون سيثبتونكم على عروشكم.؟!
هل تظنون أنكم ترضونهم بأفاعيلكم هذه ، نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر عن كل هذا الضعف والوهن الذي سيصيب أمتنا ، لكن لم أكن متوقعا أن يكون بهذه الصورة الفجة.
أما حرك ساكنا لكم دعوة طفل فقد والديه وكل أهله ، حتى أعضائه فقدها فوقف قائلا سأشكوكم إلى الله.
لن نتحدث إليكم حديث التعاطف وإثارة الشفقة على ما يحدث.
لكن سأخاطبكم خطاب العقل.
هل توجد دولة عربية مسلمة تصدت لجميع قرارات أمريكا وإسرائيل ووقفت في وجه مشروعهما الاستيطاني منذ بدء الإحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية إلا مصر ، لا توجد.
هل بعد يوم السابع من اكتوبر 2023م ، دولة عربية دعت إلى اجتماع طارئ للجامعة العربية للتصدي لهذا العدوان الصهيوني الغاشم سوى مصر ، لا توجد بل انهالت الاعتذارات من كل حدب وصوب ، ومن حضر جاءت لغته شجبا وإدانة.
حتى في قمة بغداد التي دعت إليها العراق لم يتفوه واحد من الحضور بكلمة إدانة صريحة للعدو الصهيوني إلا مصر معلنة متمسكة بموقفها لا للتهجير ، نعم للاعمار.
حتى بعدما حدث العدوان على الدوحة ودعت قطر لعقد قمة عربية إسلامية غير عادية ، ماذا قالت مصر ، قالت أي إعتداء على قطر وسيادتها إعتداء على مصر ، ولأول مرة تقول مصر على إسرائيل مكنية إياها بالعدو.
بعد هذه الخطابات الرنانة ، جهزنا أنفسنا وتوضأنا لنستعد بعد سماع للقرارات لنصلي ركعتين شكرا لله على أن لملم شعثنا ورأب صدعنا.
لكن جاءت القرارات مخيبة للأمال.
انفض المولد وكل ذهب في طريقه ، بل تركوا مصر تغرد وحدها ، وراحوا يبرمون اتفاقيات دفاعات مشتركة ، بينهم وبين أمريكا ، والهند ، وباكستان.
عفوا عن أي دفاع مشترك تتحدثون ، ضربت قطر والقواعد الأمريكية على أراضيها ، عذرا ، إنها اتفاقيات ابتزاز من جانب واحد ، من يدفع نحميه ، دفعتم جزياتكم ولم تنالوا من الحماية شيئا.
ويخرج علينا متحدث بالإنابة عن جامعة الدول العربية فيقول ، ليس أوانه الآن الحديث عن تفعيل اتفاقيات الدفاع المشترك ، إليك سؤالا ، إذا لم يكن وقته الآن فمتى سيكون وقته.؟!
ويخرج علينا آخر ما يدعى برئيس السلطة الفلسطينية ، فيقول على فصائل المقاومة تسليم سلاحها ، نريد دولة فلسطينية بدون سلاح ، ومن الذي سيدافع عنكم ، هل الشجب والإدانة ، هل ستقغون أمام الإحتلال بالعصا والنبابيت.؟!
إن ما تحتاجه أمتنا العربية والإسلامية أن تستفيق من غيبوبتها قبل فوات الأوان ، وأن تكون جيوشا عربية إسلامية ، فإنه لو حدث ذلك فلن يوقفها حقوق نقض فيتو ولا غرب أوروبي ولا لوبي صهيوني ولا اتحاد أوروبي عنصري.
وإنما ستكون الغلبة لها والمنعة لها لماذا؛ لأنها استعادت قوتها وعافيتها.
--------------------------------------
بقلم: د. عادل القليعي
أستاذ الفلسفة بآداب حلوان.