"لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا، ولتجدن أقربهم موّدة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى، ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون".
الشركات الأمنية الصهيونية تُنفق خمسة مليارات دولار سنوياً تحت بند حماية الأمن القومي، وأغلب الدول العربية تتعامل مع هذه الشركات، حيث تستورد شبكات وأجهزة التجسس للتنصت والترصد، ورجال الأمن والحُرّاس الشخصيين، وهذا يعني ببساطة أن العالم كله يحكمه الصهاينة، والماسونية العالمية تهيمن على كل شيء: الأمن، والإعلام، وتجارة السلاح، والتكنولوجيا، والمال والبنوك، والانترنت، والطب والدواء، وحتى التجميل.
ويراودنا سؤال دائم: لماذا لا منتصر ولا مهزوم في أي صراع عسكري على أية أرض عربية؟ هل لأن الصهيونية العالمية من يصنع الحروب وهي من يوقفها وينهيها؟ هل من أجل استنزاف الأرض والشعب؟
ونعتقد بوجود أسباب عدة لاستمرار استراتيجية لا غالب ولا مغلوب، أهمها:
أولاً: ازدهار تجارة سلاحهم.
ثانياً: تجريب وتطوير أسلحتهم.
ثالثاً: استمرار نزيف الدم العربي.
رابعاً: تدمير البنية التحتية لكل قطر عربي وإرجاعه إلى ما قبل التاريخ، كما فعلوا مع العراق وسوريا وليبيا وغيرها.
خامساً: تفريغ الأرض العربية من المكونات الإثنية الأخرى والإبقاء على المسلمين فقط من الطائفتين السنة والشيعة، وتأجيج الصراعات الطائفية والمذهبية فيما بينهما. لتبرير إنشاء دولة يهودية خالصة، وللهيمنة المطلقة علينا.
سادساً: إبادة الحضارة العربية، وكل ما يمسّ بالثقافة والتراث، وسرقة الآثار وتحويله إلى الغرب.
سابعاً: احتلال الأرض العربية بثرواتها، من نفط وغاز ومعادن، وسرقة بحارها وأنهارها، وأيضاً سرقة الثروة البشرية، وتهجير العقول المبدعة والأيادي الصانعة.
وفي حال شعور الصهاينة تجاه أي عقل عربي بإنه يشكل خطراً عليهم، فإن أجهزة مخابراتهم، بأذرعها المتعددة، تغتاله، وكل ذراع يقوم بمهمات محددة، مثل ملاحقة العلماء العرب، ورصد الشباب العربي المبدع، ومتابعة أصحاب القرار، ومن أهم مهماته تنفيذ الاغتيالات السرية، وربما بلغ عدد الضحايا منذ تأسيس الكيان حتى الآن آلاف مؤلفة، فعلى سبيل المثال في عام ٢٠١٨، قام جهاز الموساد باغتيال الطالب اللبناني حسن خير الدين، في كندا بتاريخ ٢٥ فبراير ٢٠١٨، بسبب أطروحته الدكتوراه حول سيطرة اليهود على الاقتصاد العالمي، وقد تم تهديده مرات عدة قبيل اغتياله، ثم اغتالوا الطالب اللبناني هشام سليم مراد، المتخصص في الفيزياء النووية في فرنسا بتاريخ ٢٨ فبراير ٢٠١٨، ثم اغتالوا المهندسة إيمان حسام الرزه، التي تعمل مهندسة استشاريه في الكيمياء بفلسطين، بتاريخ ٢٥ مارس ٢٠١٨، ثم اغتالوا فادي البطش المتخصص في الهندسة الكهربائية والحاصل على جائزة أفضل باحث عربي، في ٢١ إبريل ٢٠١٨، أثناء توجهه لصلاة الفجر في ماليزيا.
وهم حتماً من اغتال تشارلي كيرك، في ١٠ سبتمبر ٢٥، بسبب تغيّر مواقفه وتعاطفه موخراً مع فلسطين.
طريقة القتل واضحة بصمات الموساد فيها. وصار المرء لا يصدق الإعلام الأمريكي والصهيوني مطلقاً، ولا تصريحاتهم ومسرحياتهم وأكاذيبهم.
ونستغرب فعلاً من مواقف أغلب الأنظمة العربية، لكن لا نستغرب مما يفعله الصهاينة من جرائم، فهذا ديدنهم.
كما لا نستغرب من مشاركة بريطانيا وأمريكا في أي عدوان على أي قطر عربي، وآخره العدوان على الدوحة، لأن موقفهم منذ عام 1907 معروف، بتاريخهم الأسود وجرائمهم التي يندي لها الجبين، ومشهودة مواقفهم تجاه الكيان الاستيطاني الصهيوني، فبريطانيا خلّقته وصنّعته، وأمريكا ساندته ودعمته ورسّخته،
النظام الأمريكي لا يخجل من الكذب حتى في مجلس الأمن من أجل تبرير (الفيتو)، وللمرة (٨٣) ضد السلام وضد فلسطين، وآخرها ضد وقف المجزرة في غزة.
أمريكا الصهيونية تقتات على الحروب والقتل.
ولا ننسى دور فرنسا في العدوان الثلاثي مع أمريكا وبريطانيا على سوريا في عام ٢٠١٨، وقبلها عشرات الاعتداءات منذ معركة ميسلون عام ١٩٢٠.
فرنسا التي تقف دوماً مع لبنان، لماذا شاركت في العدوان على سوريا؟ ولماذا تقف متفرجة الآن مما يحدث من انتهاكات جسيمة من قبل الصهاينة بحق سوريا براً وبحراً وجواً ؟
ذاقت سوريا خمسة عشرة عاماً من الموت والدمار، ألا يكفي هذا الدمار؟
مُدّن بأكملها تحولت إلى بقايا وأطلال تسكنها الأشباح بسبب صواريخهم الذكية، وبدعم من المال العربي المهدور الذي لا نعرف أن نستخدمه إلا في قتل بَعضُنَا البعض، أو بالتباهي والتبذير لشراء أفخم اليخوت وأغلى السيارات وأفضل الطائرات الخاصة، وكل الكماليات التي نستوردها من الغرب طبعاً، ونستمتع بالتوقيع على استيراد صفقات السلاح بالمليارات معهم.
في العراق تم تصفية الجيش العراقي كله، وقتل أكثر من مليون عراقي وتهجير الملايين، ولم يقصّر المال العربي في كل ذلك.
وفي غزة أكثر من عشرين عاماً من سياسة الحصار والدمار، توجوها بالإبادة الجماعية والتجويع والقتل والإرهاب والتهجير.
مئات الآلاف من الشهداء، من الأطفال والنساء والشيوخ، والملايين من المصابين الجرحي، والمعاقين، واليتامى، والأرامل، ومئات الملايين من العائلات المشردة في العراء، والمشردين المُهجّرين قسراً الذين تتلاطم بهم أمواج الحياة، ذنب كل هؤلاء في رقاب المتصهينين والصهاينة والغرب، وفي رقاب كل الخونة العرب.
وكفى كفى كفى،
متى يتًوقف هذا النزيف العربي؟ في اليمن وسوريا وليبيا والعراق والسودان ولبنان والصومال وأرتيريا، وقبلهم كلهم فلسطين، كفى، سئمنا القتل والدمار.
-------------------------------
بقلم: د. أنيسة فخرو
سفيرة السلام والنوايا الحسنة
المنظمة الأوروبية للتنمية والسلام