في برنامج لافت يقدمه الإعلامي سمير عمر على شاشة "القاهرة الإخبارية" بعنوان "الجلسة سرية" واصل اللواء محمد إبراهيم الدويري وكيل جهاز المخابرات العامة السابق كشف خبايا الجهود المصرية المضنية على مدى نحو عقدين لتوحيد الساحة الفلسطينية وجمع الفصائل على رؤى وتكتيكات متفق عليها لمنع إسرائيل من التهرب من استحقات التسوية بذريعة أنه ليس هناك شريك سلام.
وروى الدويري في حلقة مساء اليوم الجمعة واقعة هدم السور الفاصل بين رفح الفلسطينية ورفح المصرية واجتياز الحدود من قبل آلاف الفلسطينيين وكيف تعاملت مصر معها، فقال: كلفت قبل اجتياز الحدود بأيام أن أوجه رسالة تحذير لثيادات حماس لمنع الأمر ، لكن للأسف يبدو أنه كان هناك قرار خاطيء تحت مبرر غير منطقي وهو الحصار، ولم يكن هناك حصار بالمعنى المألوف ، فقد كانت مصر تمرر العديد من الأمور التجارية والمساعدات الطبية والغذائية من معبر رفح – رغم أنه معبر أفراد – كما كانت حركة التجارة لاتزال قائمة بين إسرائيل والقطاع واعتبرناها محاولة لخلط الأوراق ، ورغم ذلك تعاملت القيادة المصرية بشكل حضاري للغاية ، وصدرت تعليمات بعدم إطلاق رصاصة واحدة على الفلسطينيين رغم استشهاد ضابط مصري وإصابة عدد من الجنود، وكانت التقديرات أنهم سيحصلون على مؤن ويعودون ولم يصب فلسطيني واحد.
وشرح الدويري كيفية احتواء الأمر فقال قامت المخابرات العامة باستدعاء كل قيادات حماس بالداخل والخارج وعلى رأسهم خالد مشعل وأبلغناهم أن ماجرى غير مقبول بالمرة وأنه إضا لم يعد الفلسطييون الذين اجتازوا الحدود إلى القطاع خلال أيام قليلة ستكون هناك تطورات أخرى في الموقف المصري ، وفي الحقيقية فإن قادة حماس وقتها استقبلوا الرسالة بجدية واستشعروا أن مصر لاتفرط في أمنها القومي وصدرت تعليمات لكل من عبر بالعودة الفورية لقطاع غزة. وأوضح الدويري أن الواقعة أثارت غضب مصر، فجمدت دورها لأشهر قليلة لكنها عادت بعدها ودعت الفصائل كلها إلى حوار القاهرة 2008 وفيه وقعت وثيقة تنص على حرمة الدم الفلسطيني ووحدة أراضي غزة والضفة وتشكيل حكومة وفاق وطني.، وأوضح الدويري أن علاقة مصر بجميع الفصائل مميزة ولم نستبعد فصيلا من المشاورات ، ولكن كانت هناك قضايا محورية يجري التنسيق فيها مع فصيلين هما فتح وحماس للوصول الى حلول وسط بعدها تنضم الفصائل الأخرى.
وقال الدويري انه تجربته مع 17 فصيلا فلسطينيا تؤكد أن كلها فصائل وطنية تعمل لصالح الشعب الفلسطيني ولكن بوسائل مختلفة ، رغم وجهات نظرها المختلقة فيما يتعلق بالمقاومة والتسوية السياسية، وأشاد الدويري إشادة كبيرة بحركة الجهاد فقال إنها حركة وطنية محترمة على قدر كبير من الفهم وكان الدكتور رمضان شلح - رحمة الله عليه – رجلا موضوعيا ومنطقيا ، كما أن زياد نخالة (أبو طارق) صاحب موقف وطني للغاية فيما يتعلق بالمصالحة .
وعن الانقسام قال: رغم أن جميع الفصائل وطنية وتعمل لصالح الشعب الفلسطيني وهدفها واحد بتكتيمات ووسائل مختلفة ، لكن السبب الرئيسي في عدم إنهاء الانقسام هو غياب الإرادة السياسية لدى الفصيلين الكبيرين (فتح وحماس) الذين يملكان القرار. وذكر اللواء محمد إبراهيم الدويري أن وثيقة الأسرى في عام 2006 وقعها مروان البرغوثي (فتح) وعبدالخالق النتشة (حماس) وبسام السعدي (الجهاد) وعبدالرحيم ملوح (الجبهة الشعبية)، وهناك وثائق شاركت مصر في صياعتها تنص على أن نكون المفاوضات من سلطات منظمة التحرير الفلسطينية.
وأكد وكيل جهاز المخابرات العامة السابق أهمية إنهاء الانقسام فقال إن 7 حروب شنتها إسرائيل على قطاع غزة من 2008 وحتى الأن تمت جميعها في عهد الانقسام، صحيح أن الاقتحامات الإسرائيلية والمنغصات لاتنتهي لكن كان يمكن حلها بعكس الحرب الحالية مثلا التي لايستطيع العالم الوصول إلى هدنة إنسانية لإدخال المساعدات. كما أن الانقسام منع إعمار غزة في 2009 بعد مؤتمر دعت إليه مصر في شرم الشيخ وحضرته 60 دولة و16 منظمة دوليه وإقليمية وتم الاتفاق على جمع 5 مليارات دولار للإعمار لكن لم يدخل منها سنت واحد بسبب رفض القوى الدولية تسليم أموال الإعمار لحركة حماس.
وقدم الدويري شهادة عن سلوك الرئيس الأسبق حسني مبارك تجاه القضية الفلسطينية فقال إن كل ماقيل عن أن مبارك منع المصالحة ظلم فادح ، فقد كان داعما للموقف الفلسطيني منذ اتفاق غزة أريحا وأوصل عرفات بنفسه إلى معبر رفح ، وحتى نهاية حكمه كان داعما للقضية الفلسطينية مؤكدا أنه كان يتعانل بعقلية المناضل والمقاتل الوطني، ودلل الدويري على ذلك بوثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني الموقعة في مايو 2011 التي كانت ثمرة جهد استمر 3 سنوات من العمل الدؤوب، قثد تمت صياعتها أيام مبارك ووقعتها حماس دون تغيير حرف واحد بعد سقوط نظامه لدرجة أنعم لم يلتفتوا إلى أن في مقدمتها شكر للرئيس مبارك، ورأيت ذلك غير ملائم فلتت انتباههم لذلك واتضح أنهم حتى لم يقرأوها.
وختم اللواء الدويري الحلقة قائلا إن القضية الفلسطينية – بجانب أنها قضية أمن قومي مصري – فإننا ندافع عنها بمبادئنا وروحنا واجتهادنا وأقكارنا وعواطفنا. وبعد توقيع اتفاق المصالحة بساعات قابلت وفدا أجنبيا فأبدوا اندهاشهم من كيفية توقيع اتفاق كهذا بجهد مصري بعد شهور قليلة من ثورة يناير، فقلت لهم : هذه عظمة مصر
حلقات سابقة