19 - 09 - 2025

مؤشرات | الحلول العسكرية المنفردة لا تكفي

مؤشرات | الحلول العسكرية المنفردة لا تكفي

بينما صمت الجميع أمام دعوات مصرية متكررة وأطراف عربية أخرى بضرورة البناء على إقامة قوة عربية مشتركة، ومحتويات البناء الختامي لأخر قمة عربية جرت قبل أيام في الدوحة، التي غاب عنها قادة 6 دول عربية، منها أربعة من دول مجلس التعاون الخليجي، وسط كل هذا اتجهت دول الخليج إلى اتفاقيات فردية، وترسيخ مفهوم "الانفرادية" في حماية كل دولة بطريقتها الخاصة.

وهذا ما قلل من أهمية قرارات ومخرجات الدورة الاستثنائية لمجلس الدفاع المشترك لمجلس التعاون الخليجي، والتي جاءت أيضا أقل من الطموح، بنفس ما خرجت بها قمة الدوحة العربية والإسلامية.

وتنوعت توجهات الدول العربية الخليجية خلال الدورة، بين العمل على نقل صورة الموقف الجوي لجميع مراكز العمليات بدول المجلس، وتسريع أعمال فريق العمل المشترك الخليجي لمنظومة الإنذار المبكر ضد الصواريخ الباليستية، وتنفيذ تمارين مشتركة بين مراكز العمليات الجوية والدفاع، وتحديث الخطط الدفاعية المشتركة لدول مجلس التعاون، ثم زيادة تبادل المعلومات الاستخبارية من خلال القيادة العسكرية الموحدة.

فيما جاءت الاتفاقيات المنفردة، بين الاحتماء في حضن واشنطن حليف الكيان المحتل، وهو ما فعلته الدوحة، من خلال تعزيز تحالفها العسكري مع الولايات المتحدة الأمريكية، بينما توجهت دول أخرى لتحالفات جديدة بالتوجه شرقاً إلى دول نووية في الإقليم، مثلما فعلت السعودية مع باكستان، عبر إبرام اتفاقية دفاع نووي مشترك، في رسالة إلى مواجهة أي تهورات من العدو الصهيوني، مثلما  فعلت تل أبيب بالعدوان على الدوحة.

ومن المتوقع أن تأتي اتفاقيات منفردة أخرى من اجل توفير مظلات للحماية، في إعادة ترتيب جديدة، بحثا عن حماية غير عربية، في تأكيد لتجاهل أي حماية عربية شاملة، حتى وإن كان التحالف الدفاعي النووي بين السعودية وباكستان يحمل الغطاء الإسلامي.

قد يكون ما اسفرت عنه الدورة الاستثنائية لمجلس الدفاع المشترك لمجلس التعاون الخليجي، رسالة لتعزيز مفهوم "الدفاع المشترك"، إلا أن التهديد الإسرائيلي الراهن، والتهديدات التي فاقت كل تطاول، هي بحاجة إلى خط دفاع وردع أكبر، تقوم على مصالح الإقليم ككل، عربياً وإسلامياً.

الملفت والجيد هو أن دول الخليج، عادت لإحياء العمل الجماعي، والذي ظهر قبل 35 عاماً، خلال حرب "تحرير الكويت" من الغزو العراقي، وبدور مهم قامت به "قوة ردع الجزيرة"، وهي ذات القوات التي دخلت في الحرب ضد الحوثي في اليمن، وربما أنشطة أخرى.

ويظهر هذا التحرك الخليجي، الأهمية النسبية، لإعادة إحياء كل أشكال التعاون العسكري في هذه المرحلة الخطيرة، والذي لن يأخذ شكله، إلا من خلال عمل جماعي أكثر، يدخل في إطاره التعاون العربي، والإسلامي، فالردع يحتاج لقوة أكثر شمولية، في مواجهة عدو لم يُكشرّ عن أنيابه فقط، بل قام بالعدوان فعلياً، تحت غطاء ودعم مكشوف مع الراعي الأمريكي غير المحايد.

ويصبح الإدراك الخليجي ضرورة لأهمية وجود منظومة حماية عربية إسلامية، هو الأكثر مصداقية، من كل اشكال الحماية الأخرى، خصوصاً الأمريكية، والتي يؤكد قاموس أولوياتها الإستراتيجية هو توفير الحماية والدعم للكيان الإسرائيلي المحتل، حتى في دعم عملياته العدوانية على أي حليف آخر، وهو ما بدا أكثر وضوحا في توفير الغطاء في عملية الدوحة في يوم 9 سبتمبر الجاري، ومن ينكر ذلك، فإنه يغالط الحقائق على الأرض.

والتجربة أثبتت أن فكرة تنويع أنظمة التسليح أضحت من الأهمية بمكان، وهو الأمر الذي يتطلب الانتقال إلى نقطة أكثر تقدماً من دول المنطقة، باعتبار أن الاعتماد على مصدر سلاح واحد لم يعد موائماَ في هذا المرحلة، بعدما كشفت أمريكا عن وجهها القبيح، بتوفير كل أوجه الحماية لتل أبيب، وتزويدها بكل أنظمة السلاح، وأحدثها تقدما.

وبدا هذا الوجه الأمريكي الأكثر سخفاً والأكثر بشاعة، في استخدام حق النقض "الفيتو" وببجاحة، ست مرات في مجلس الأمن ضد مشروعات قرارات لوقف حرب الإبادة الصهيونية المستمرة من نحو عامين، وآخر هذا الاستخدام جاء في جلسة مجلس الأمن ليلة الخميس 18 سبتمبر.

بل توازى مع كل هذا تسريع إسرائيلي في عملياتها الدموية وبدم بارد ضد سكان غزة من المدنيين، مع عمليات التهجير القصري لسكان مدينة غزة، والتوسع في سياسة التجويع الممنهج، لإجبار الفلسطينيين على الرحيل، وتحت تهديد السلاح.

ولابد من رفع شعار "السلاح من كل مكان" من كل دول المنطقة، وخصوصاً الخليجية، وزيادة مساحة التسليح من كل منتجي الأنظمة الدفاعية الأكثر تقدماً، وبالتوازي التحرك بقوة في اتجاه منظومات التصنيع المحلي، والعربي والإسلامي، والاستثمار بقوة في ذلك، والبناء على ما هو قائم بالفعل من أعمال وأنشطة تصنيع عسكرية راهنة.
-------------------------
بقلم: محمود الحضري


مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | الحلول العسكرية المنفردة لا تكفي