عقدت وزارة الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي فعالية خاصة مساء الأربعاء تحت عنوان “استجابة مصر للكارثة الإنسانية: معاً لإبقاء غزة حية"، وذلك بمشاركة كل من د. بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، والدكتورة مايا مرسي وزيرة التضامن الاجتماعي، والدكتورة أمل إمام المديرة التنفيذية للهلال الأحمر المصري، وعدد من ممثلي السفارات الأجنبية والمنظمات الدولية العاملة في مصر.
استهدفت الفعالية تسليط الضوء على الكارثة الإنسانية غير المسبوقة في قطاع غزة، والتأكيد على ضرورة تضافر الجهود للتعامل مع الأوضاع المأساوية التي يعيشها الشعب الفلسطيني جراء النقص الحاد في الغذاء والدواء والاحتياجات الأساسية، وذلك في ظل الجهود المصرية في توفير المساعدات الإنسانية العاجلة لقطاع غزة، واضطلاع جمعية الهلال الأحمر المصري بدور محوري في تنسيق ونفاذ المساعدات الإنسانية.
وقد شهدت الفعالية إلقاء الدكتور بدر عبد العاطي كلمة أشار فيها إلى أن مصر كان لها دور محوري منذ اليوم الأول للأزمة في قيادة الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة، حيث قدمت وحدها حوالي 70% من إجمالي المساعدات، كما ظل معبر رفح مفتوحاً من الجانب المصري لاستقبال الجرحى والمرضى وإدخال الأطنان من المساعدات الإنسانية والإغاثية العاجلة، إلى أن تم استهداف إسرائيل للجانب الفلسطيني للمعبر، بما دفع مصر لإعادة توجيه المساعدات لتمر من معبر كرم أبو سالم، رغم القيود الإسرائيلية الرامية لعرقلة هذه العملية. وحث الوزير عبد العاطي المجتمع الدولي على مواصلة الضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار والسماح بالنفاذ الفوري للمساعدات الإنسانية التي يحتاج إليها سكان القطاع، بما يتناسب مع حجم الكارثة الإنسانية والمجاعة.
وشدد وزير الخارجية على أن ما يتعرض له قطاع غزة هو كارثة إنسانية بكل المقاييس ويرقى إلى حد جرائم الإبادة بفعل مجاعة مصطنعة فُرضت عمداً، وحصار شامل استهدف الغذاء والدواء والماء والكهرباء ليجعل العيش بالقطاع مستحيلاً في ظل عدوان جوي وبري واسع النطاق، بما يخدم مخططات التهجير وتصفية القضية الفلسطينية. وشدد على رفض مصر القاطع وإدانتها هذه السياسات وأي مخططات تستهدف تهجير الفلسطينيين أو تصفية قضيتهم، أو توسيع بؤر التوتر بالمنطقة عبر الاعتداء على دول عربية ذات سيادة كالاعتداء السافر على دولة قطر الشقيقة، مؤكداً دعم مصر وتضامنها مع الشعب الفلسطيني الصامد على أرضه، وأن الوساطة المصرية لازالت مستمرة لوقف نزيف الدم وصولاً إلى تهدئة مستدامة. كما شدد على أنه لا يمكن إنهاء الكارثة الإنسانية في غزة بدون أفق سياسي حقيقي يضمن تنفيذ حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وأشاد الوزير عبد العاطي بجهود الهلال الأحمر المصري والمتطوعين على تجميع المساعدات وتيسير دخولها إلى قطاع غزة، رغم الصعوبات والعراقيل التي يضعها الاحتلال الإسرائيلي، موضحاً أن تكريم الهلال الأحمر المصري ومتطوعيه هو رسالة عرفان لهم، وللشركاء الدوليين الذين دعموا هذه الجهود، سواء من الدول الصديقة أو منظمات ووكالات الأمم المتحدة وعلى رأسها وكالة الأونروا، وكذا المنظمات غير الحكومية والخيرية الدولية والمحلية، والتي لا تزال تقدم خدمات حيوية لآلاف الفلسطينيين رغم حملات الاستهداف التي يتعرض لها العاملون في المجال الإنساني، معرباً عن التعويل على استمرار دعم المانحين والمجتمع الدولي، ليس فقط لضمان تدفق المساعدات الإنسانية، وإنما أيضاً للانخراط الفاعل في مرحلتي التعافي المبكر وإعادة الإعمار.
من جانبها توجهت الدكتورة مايا مرسي وزيرة التضامن الاجتماعي بخالص الشكر والتقدير لوزير الخارجية على الشراكة البناءة وعلى استضافة هذا الحدث ولأول مرة من قلب وزارة الخارجية، بما يرمز إليه ذلك من التزام راسخ وإرادة صادقة لدى الدولة المصرية تجاه قضاياها الإنسانية والإقليمية. وأكدت وزيرة التضامن الاجتماعي أن الاستجابة الإنسانية والإغاثية لقطاع غزة عكست موقفاً تاريخياً متجذراً وثابتاً على مدار العقود، فمنذ عام 1948 لم تتوان مصر يوما عن تكثيف عملياتها الإنسانية تجاه الأشقاء في فلسطين، بما في ذلك من تعبئة للمساعدات الإنسانية والطبية والإغاثية، وإجلاء الجرحى والمرضى لتؤكد التزامها الإنساني مسألة مبدأ.
وأوضحت الدكتورة مايا مرسي أن الهلال الأحمر المصري هو الآلية الوطنية المعنية بإنفاذ المساعدات إلى غزة، وبقوة تتجاوز الـ 35 ألف متطوع ومتطوعة، وهو ما يعد نموذجا يحتذي به في العمل الإنساني، فعلى مدار 700 يوم متواصل، لم تنقطع مصر بفضل الموقف الثابت للقيادة السياسية لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي تجاه دعم أشقائنا في غزة عن إنفاذ المساعدات الإنسانية للقطاع التي تجاوزت 570 ألف طن منذ السابع من أكتوبر 2023 لتبرهن أن إرادتنا تتحول إلى عمل إنساني دؤوب مبتغاه مد أهل غزة بالغذاء والدواء والإسعافات الأولية.
وأشارت وزيرة التضامن الاجتماعي إلى الجهود المبذولة في انشاء المراكز اللوجستية والمستودعات الجمركية والمطبخ الإنساني، واعتماد الأنظمة الرقمية لتسريع وتيرة العمل وضمان فاعليته، وشمول الاستجابة للدعم النفسي والاجتماعي للجرحى الذين تم إجلاؤهم ومرافقيهم، مؤكدة على استمرار المساعي السياسية والدبلوماسية لإرساء آليات مستدامة تضمن فاعلية العمليات الإنسانية.
كما شملت الفعالية عرضاً مرئياً للدكتورة أمل إمام المديرة التنفيذية للهلال الأحمر المصري حول حجم ونوعية المساعدات التي تم توفيرها وآليات إيصالها لمستحقيها ومحاور الاستجابة الإنسانية الشاملة. وتضمنت الفعالية عرض فيلم وثائقي حول الجهود الضخمة التي تم بذلها لتقديم كافة أشكال المساعدات الإنسانية والإغاثية من مصر لقطاع غزة، بالإضافة إلى شهادات عدد من الفلسطينيين حول المساعدات الإنسانية المصرية التي تم تقديمها خلال الفترة الماضية من خلال الهلال الأحمر المصري، والتي أظهرت الأثر الإيجابي الكبير للجهود المبذولة والإسهامات المصرية الهائلة في هذا الشأن.
واختتمت الفعالية بتكريم عدد من متطوعي جمعية الهلال الأحمر المصري على جهودهم التي بذلوها في سبيل تيسير تقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في قطاع غزة.