17 - 09 - 2025

عذرا غزة... طال أمد الهمجية!

عذرا غزة... طال أمد الهمجية!

مقولة استعرتها من رئيس دولة فرنسا.

نعم قالها رئيس دولة كبرى من دول الاتحاد الأوروبي التي لها كلمة مسموعة في جميع المحافل الدولية ، لكن السؤال الذي ينبغي أن نطرحه ، هل التصريحات والتنديدات تسمن أو تغني من جوع الآن.؟!

أما سأل نفسه ومعظم دول الغرب الأوروبي عن ترسانة الأسلحة المتنوعة التي تضرب بها إسرائيل الآمنين المسالمين أولئك الذين ليس لهم ذنب إلا إنهم دافعوا ولا يزالون يدافعون عن أوطانهم ، أولئك الذين رفضوا أن يهجروا من دورهم ، الذين رفضوا كل المغريات التي قدمتها لهم أمريكا من توفير خروج آمن ، واعطائهم الأموال أو من يريد البقاء يعطوه شقة في مجمع سكني تحت وصاية الاحتلال ، أي جبن هذا وأي افتراءات هذه وأي تجبر هذا.؟!

أما سألتهم يا رئيس فرنسا عن آلاف الشهداء من الشيوخ والعجائز والأطفال الخدج والصحافيين الذين أرادو إسكات أصواتهم وتحطيم كاميراتهم التي تنقل الحقيقة وتفضح جرائم الاحتلال الجبان .

أما سألت يا ماكرون منظمات حقوق الإنسان الدولية ومجلس الأمن والأمم المتحدة ، أما سألتهم لماذا تكيلون بمكيالين ، أما سألت دولتك ومن يمثلها في كل المحافل الدولية من سفراء ومفوضين أممين ووزاء خارجية ، أما سألتهم لماذا لم تعترضوا على أمريكا عندما تسلطت على أهل غزة المستضعفين من خلال استخدامها حق النقض الفيتو.

أسعدتنا زيارتك لمصر ، أسعدتنا جدا ، ولقيت ما لقيت من حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة ورأيت بعينيك المصابين من أهل غزة في مستشفيات رفح ، ورافقتك طائراتنا فرنسية الصنع الرافال وقدمت لك التحايا.

وعدت معززا مكرما إلى بلدك وبعدها قلت ستعترف فرنسا بدولة فلسطين في شهر سبتمبر ، وها هو شهر سبتمبر أقبل وحرب الإبادة مستمرة ودعمكم للصهاينة مستمر ولم يتوقف ، فما الذي تغير ، الإبادة هي هي وسفك الدماء هو هو ، بل ازداد الأمر سواء وتعقيدا فالمجاعة لا زالت مستمرة وأعداد الشهداء كل يوم فى ازدياد ، حتى الأبراج السكنية العملاقة التي ظننا أن شموخها سيشفع لها من التدمير ، إلا أن العدو الغاشم أبى أن يترك أثرا يحفظ لنا ما تبقى من ملامح لغزة.!

لكن هيهات هيهات أنا لهم هذا ، فغزة عقيدة راسخة في الوجدان رسوخ الجبال الشامخات ليس عند أهلها فقط ، بل عند كل عربي حر يدرك معنى العروبة ، ويعي كم التضحيات التي قدمها هذا الشعب البطل بصموده وتحديه هذه الجحافل التي فاقت همجيتها همجية التتار.

وأنتم أيها الغرب ، وأخص بالذكر حكام الغرب فجميعكم ملة واحدة ومذهبكم واحد ودينكم واحد وقبلتكم واحدة تدورون في فلك واحد ، فلك المصلحة وياليتها مصلحة شعوبكم ، وإنما هي مصالحكم الشخصية حرصكم على كراسيكم ومناصبكم قد يفوق حرصكم على البقاء أحياء.

لا فرق بين الفرنسيس والانجليز والألمان ، جميعهم وجوه لعملة واحدة مهما اختلفت فئاتها ، ومهما اختلفت ماركات بذاتكم ورابطات أعناقكم الجميلة.

جربنا ذلك نحن شعب مصر ، شاهدنا طائرتكم تغير علينا في عدوان ثلاثي غادر ، ورد الله كيدكم في نحوركم.؟!

هل ساندتمونا في حربنا المجيدة ، حرب أكتوبر 1973م، هل تحيدتم ووقفتم على الحياد ، لم تفعلوا وساندتم الصهاينة بأمر مباشر من ولي نعمتكم أمريكا.

إن هؤلاء ومن شايعهم لا يريدون لنا الخير نحن معاشر العرب والمسلمين ، ولذا ، أقولها مدوية.

فيا أيها العرب دقت ساعة العمل ، وأتى وقت الحسم والجد ، فكونوا عربا ولا تكونوا أعرابا،

عودوا إلى رشدكم والتفوا حول بعضكم بعضا ، وفعلوا دور جامعتكم العربية واستمعوا لصوت مصر  صوت الحكمة وقفوا معها ضد هؤلاء الغدرة .

واسمعوا صوتكم للعالم كله ورددوا خلف مصر ، لا للتهجير ، نعم لإعمار غزة ، وإنها لبادرة طيبة أن يتفق وزراء خارجية الدول الأعضاء في جامعة العربية ويقولوا كلمتهم دونما شجب وإدانة فقد فات وقت الشجب والإدانة ، وإنما العمل الجاد ، وإعداد العدة واليقظة لأي طارئ سيطرأ.

وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
-----------------------------
بقلم:
 د. عادل القليعي

أستاذ الفلسفة بآداب حلوان.

مقالات اخرى للكاتب

عذرا غزة... طال أمد الهمجية!