15 - 09 - 2025

"سلطان العويس.. رحلة الشعر.. رحلة العطاء" في اليونسكو

تحت رعاية الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الاماراتي، أقيمت أخيرا فعاليات الندوة الدولية الكبرى "سلطان العويس.. رحلة الشعر.. رحلة العطاء"، التي نظمتها مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية بالتعاون مع منظمة اليونسكو في مقرها بباريس، وذلك في إطار الاحتفال بمئوية الشاعر الإماراتي سلطان بن علي العويس (1925 – 2025).

شهدت الندوة حضور الوزيرة نورة بنت محمد الكعبي، وفهد سعيد الرقباني سفير الدولة لدى فرنسا، وإرنستو أتون راميريز مساعد المديرة العامة لقطاع الثقافة في منظمة اليونسكو، ود.سليمان موسى الجاسم نائب رئيس مجلس أمناء مؤسسة سلطان العويس الثقافية، وعلي الحاج آل علي المندوب الدائم لدولة الإمارات لدى اليونسكو ورئيس المجموعة العربية، وعبد الحميد أحمد الأمين العام لمؤسسة العويس الثقافية، إلى جانب نخبة من المفكرين والأدباء والشخصيات العامة والإعلاميين.

في كلمة الافتتاح، أكدت الكعبي أن إرث سلطان العويس يمثل نموذجًا استثنائيًا يجمع بين الشعر والعمل الخيري، مشيرة إلى أن قيمه الإنسانية ورؤيته الثقافية تتجسد في مبادراته التي دعمت التعليم والثقافة وأبرزها "جائزة سلطان العويس الثقافية" التي تأسست عام 1987. كما اعتبرت أن شعره يجمع بين التراث وروح العصر، وأن رسالته ستظل منارة للأجيال المقبلة.

أما إرنستو أتون راميريز فأشاد بمكانة الشاعر العالمية، معتبرًا أن أعماله تجسد القيم التي تنادي بها اليونسكو في تعزيز التضامن الإنساني، مؤكّدًا أن الثقافة والشعر يملكان قوة في بناء الجسور بين الشعوب، وأن إرث العويس ليس فقط إرثًا وطنيًا بل مساهمة قيّمة في الذاكرة الإنسانية المشتركة.

بدوره، أشار د.سليمان موسى الجاسم إلى أن احتفاء اليونسكو بمئوية العويس يعكس الاعتراف بالدور المحوري للثقافة في صياغة وجدان البشرية، مبرزًا أن العويس كان يرى الثقافة مسؤولية إنسانية والشعر مرآة الروح، وأن عطاؤه تحوّل إلى مؤسسة ثقافية وجائزة تحتضن الإبداع.

كذلك تحدث السفير علي الحاج آل علي مؤكدًا على الأبعاد الإنسانية للشعر العويسي، ومشدّدًا على أن هذه الذكرى هي فرصة لتجديد الالتزام بوضع الثقافة في صميم مستقبل الإنسانية.

وعلى هامش الافتتاح، قامت الكعبي بجولة في معرض "كلمات تهوى الجمال" الذي أقيم بقاعة ميرو في اليونسكو، واطلعت على الأعمال الفنية المعروضة، كما تسلّمت مسكوكة تذكارية أصدرها مصرف الإمارات المركزي بهذه المناسبة.

تخللت الندوة، التي استمرت يومين، جلسات فكرية ونقدية شارك فيها باحثون وأدباء من مختلف دول العالم. في اليوم الأول، قدمت د.باربارا ميخالاك من بولندا ورقة بعنوان "سلطان العويس شاعر الحب ومد الجسور بين الإنسان والإنسان"، فيما تناول د.يوسف الحسن موضوع "التنوير العربي في الخليج – سلطان العويس نموذجًا". أما د.علوي الهاشمي من البحرين فتحدث عن التفكير النقدي لدى العويس. تلتها جلسة ثانية شارك فيها د.شتيفان فايدنر من ألمانيا، ود.إيزابيلا كاميرا من إيطاليا، ود. بطرس حلاق من فرنسا، إلى جانب شهادة للأستاذ عبد الغفار حسين.

أما اليوم الثاني فشهد مداخلات من د.شوقي عبد الأمير حول "دور جائزة العويس في تفعيل الحياة الثقافية العربية"، ود.عبد الخالق عبد الله عن "صورة المثقف لدى سلطان العويس"، إضافة إلى ورقة فرنسية بعنوان "الإرث الشعري لسلطان العويس: قيم القصيدة في عصر العولمة". كما شارك د.سليمان الجاسم بشهادة بعنوان "الاقتصاد بعيون إنسانية".

واختتمت الفعاليات بأمسية شعرية أدارها الشاعر حسين درويش وشارك فيها كل من كريم معتوق من الإمارات، وشوقي بزيع من لبنان، وسوسن دهنيم من البحرين، حيث قدموا نماذج من أشعارهم إلى جانب قراءات من شعر سلطان العويس، ولاقت تفاعلًا واسعًا من الجمهور المتنوع الذي عكس طبيعة اليونسكو كمنصة دولية جامعة.

إلى جانب الجلسات، أقيم معرض كتب مصغر تضمن إصدارات مؤسسة العويس، وترجمات مختارة لأشعاره إلى الفرنسية (أنطوان جوكي) والإنجليزية (د.أمنية أمين) بعنوان "رماد الحب"، إضافة إلى كتب نقدية منها "سلطان بن علي العويس – سيرة وطن وعطاء" لإبراهيم الهاشمي، و"الألق الشعري في شعر سلطان العويس" للدكتور سمر روحي الفيصل. كما ترافقت الفعالية بمعارض تشكيلية، وأفلام وثائقية، وحفلات غنائية، وإعادة طباعة أعماله الشعرية الكاملة، وطوابع بريدية، ومسكوكة تذكارية.

يُذكر أن سلطان بن علي العويس، المولود في الشارقة عام 1925، نشأ في أسرة تعمل في تجارة اللؤلؤ، وبدأ كتابة الشعر منذ أربعينيات القرن الماضي، ونشرت أولى قصائده عام 1970. صدر له عدد من الدواوين أبرزها "مرايا الخليج" (1985) و"المجموعة الكاملة" (1993). ويُعتبر من أبرز شعراء الإمارات والخليج، وواحدًا من الجيل الثاني لشعراء "مدرسة الحيرة" الذين جمعوا بين الأصالة والتجديد.

واختتمت فعاليات الندوة في أجواء احتفالية مهيبة، أكدت مرة أخرى المكانة الثقافية الرائدة لدولة الإمارات، ورسخت حضور سلطان العويس كشاعر وإنسان ورمز ثقافي يتجاوز حدود المكان والزمان، تاركًا إرثًا سيظل مصدر إلهام للأجيال القادمة.