تذكرت مقالي الذي نشرته في صحيفة البيان تحت عنوان :" لزوم ما لا يلزم في الحالة العراقية " ، أثناء التمهيد الدولي لغزو العراق عام 2003 .
وكنت قد تناولت فيه محددات القانون الدولي من الإدعاءات الأمريكية ، وتعريف مصطلح العدوان ، إلي غير ذلك من قواعد القانون الدولي التي تبرهن علي أنه لو تم العدوان علي العراق ، فأنه سيتم بإنتهاك ميثاق الأمم المتحدة ...
وقد ختمت المقال المذكور متحسباً أن هناك من يسخرون من تمسكنا بالقانون الدولي ، ولكن هؤلاء يكتفون بالسخرية دون طرح بديل آخر هم أجبن من أن يطرحوه ...
في مواجهة البرابرة المتوحشين وسيادة منطق القوة ، وفي غياب استراتيجية فاعلة للمقاومة ، تستند إلي نظام فعال للأمن الإقليمي يضمن علي الأقل توازنا للقوي ، فليس أمامنا سوي التمسك بما توافق عليه العالم كله بعد نهاية الحرب العالمية الثانية ، وتمت صياغته في شكل ميثاق للحفاظ علي السلم والأمن الدوليين ...
أن ما وجهته في دفاعي عن العراق مستنداً لقواعد القانون الدولي ، هو ما أوجهه اليوم حين أقترح وسائل قانونية يعتنقها العالم كله ، ونمتلك فيه الكفة الراجحة ، ودليلي هو تلك الهبة الضميرية في العالم كله ، لإدانة الهولوكوست الذي يمارس الآن ضد السكان العزل في غزة ..
وأرجو ممن سينصحني بأن ذلك " لا لزوم لها " ، بحجة أن العالم لا ينصت ، أن ينصت جيدا لذلك الصوت الذي بدأ خافتاً ، ثم تزايد تدريجياً ، أنه صوت الضمير الحر لأحرار العالم ، وهو صوت له " لزوم " ، إذا واصلنا تسليط الضوء علي جرائم الإبادة وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكب ضد الشعب الفلسطيني ...
إذا كنا - للأسف- لا نمتلك قوة السيف ، فعلينا أن نتقدم بدرع القانون كي نحمي شرف الإنسانية ، وذلك في عقيدتي من اللزوميات الحضارية الهامة ، حتي وإن بدت للبعض غير لازمة..
المجد للشهداء من أجل الحرية ...
-----------------------------------
بقلم: معصوم مرزوق