09 - 09 - 2025

"مراسي البحر الأحمر".. صفقة استثمارية بـ20 مليار دولار تثير جدلًا سياسيًا

شهدت مصر يوم أمس الأحد، توقيع اتفاقية كبرى بين الحكومة، ممثلة في رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، ورجلي الأعمال، الإماراتي محمد العبار، والسعودي حسن الشربتلي، للإعلان عن مشروع سياحي ضخم تحت اسم "مراسي البحر الأحمر"، بتكلفة تقديرية تصل إلى 20 مليار دولار.

المشروع في أرقام

بموجب الاتفاق، حصلت شركتا "إعمار مصر" و"جولدن كوست" على حق تطوير مساحة تصل إلى 10 ملايين متر مربع من الأراضي المطلة على البحر الأحمر، دون الكشف عن حصة الحكومة المصرية في عوائد المشروع حتى الآن.

ويمثل هذا المشروع امتدادًا لاستثمارات محمد العبار داخل السوق المصري، والتي تجاوزت قيمتها الإجمالية 31.3 مليار دولار، موزعة بين العاصمة القاهرة والساحل الشمالي ومناطق على البحر الأحمر.

تفاصيل المشروع الجديد

أوضح رئيس الوزراء أن التحالف الاستثماري الإماراتي – السعودي حصل على قطعة أرض استراتيجية ملاصقة لمنطقتي رأس سوما وسوما باي، وهما من أبرز الوجهات السياحية على الساحل الجنوبي للبحر الأحمر.

وتبلغ الاستثمارات المخصصة للمشروع 900 مليار جنيه، على أن يبدأ تشغيل جزء منه خلال أربع سنوات.

ومن المقرر أن يتضمن المشروع:

أرصفة بحرية بطول 400 متر.

قنوات مائية صالحة للملاحة تخترق قلب المشروع.

مرسى خاص للفيلات وشاطئ مرتفع بطول 1.5 كيلومتر.

12 فندقًا فاخرًا تشمل وحدات فندقية وسكنية.

كبائن عائمة مستوحاة من طراز جزر المالديف.

أكثر من 500 متجر ومطعم يطل على الواجهة البحرية.

ورغم ضخامة الصفقة، لم يُكشف حتى الآن عن قيمة الأرض وآلية تخصيصها، كما لم يتضح حجم مشاركة الدولة في ملكية أو إدارة المشروع

الجدل السياسي والإقليمي

بالتوازي مع الإعلان، أثيرت تساؤلات سياسية مرتبطة باسم محمد العبار، إذ كشفت تقارير عبرية عن مشاركته في مبادرة لتوفير الغذاء للأسر الفقيرة في إسرائيل، بما في ذلك المستوطنات المقامة في القدس الشرقية، قبل اتفاق التطبيع بين الإمارات وإسرائيل.

ووفقًا لموقع كلكالست الاقتصادي العبري، ساهم العبار في تمويل البرنامج منذ عام 2018، بالتعاون مع رجال أعمال بارزين مثل الملياردير البريطاني لين بلوفتنيك والمستثمر الروسي – الإسرائيلي يتسحاق ميريلشفيلي.

وقد بلغت قيمة المساعدات الغذائية الموزعة عبر المبادرة أكثر من 550 مليون شيكل، وظل المشروع طي الكتمان لسنوات.

وتجدر الإشارة إلى أن العبار سبق أن عقد لقاءات مع مسؤولين إسرائيليين، من بينهم رئيس الوزراء الأسبق أرييل شارون ونائب رئيس الحكومة حينها شمعون بيريز، حيث طرح فكرة شراء منازل المستوطنين الذين سيتم إجلاؤهم من قطاع غزة ضمن خطة فك الارتباط عام 2005.

استثمارات متنامية في مصر

تواصل شركة إعمار مصر، التابعة لمجموعة العبار، توسيع استثماراتها في السوق المصرية منذ عام 2005. وقد بلغ رأسمالها 5.4 مليار جنيه، فيما تسيطر الشركة الأم إعمار العقارية الإماراتية على أكثر من 73% من أسهمها.

أبرز مشروعات الشركة:

كايرو جيت بطريق مصر – الإسكندرية الصحراوي (استثمارات 11.5 مليار جنيه).

أول ميناء دولي لليخوت في الساحل الشمالي عام 2021 (استثمارات تخطت 24 مليار جنيه).

مشروع "سول لاكشري بيتش ريزورت" بالتعاون مع أوراسكوم للإنشاءات (1.92 مليار جنيه).

مشروع "ميفيدا الجديد" بالقاهرة الجديدة (استثمارات تقارب 100 مليار جنيه).

على الصعيد المالي، سجلت الشركة صافي أرباح بلغ 3.9 مليار جنيه خلال النصف الأول من 2025، مقارنة بـ 7.5 مليار في الفترة المماثلة من العام الماضي، مع ارتفاع إجمالي الأصول إلى أكثر من 148 مليار جنيه.

كما كشفت تقارير رسمية عن تبرعات قدمتها الشركة لمبادرات اجتماعية، أبرزها صندوق تحيا مصر ومؤسسة "مصر الخير"، بإجمالي تجاوز 70 مليون جنيه خلال عام 2024.

 استثمار اقتصادي أم نفوذ سياسي؟

يرى محللون أن مشروع "مراسي البحر الأحمر" يعكس تزايد النفوذ الاقتصادي الخليجي في السوق المصري، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد والحاجة الملحة لجذب الاستثمارات الأجنبية.

لكن في المقابل، يثير ارتباط أحد أبرز المستثمرين الخليجيين بتقارير تتعلق بالتطبيع وتمويل مبادرات في إسرائيل تساؤلات حول البعد السياسي لهذه الصفقات، خاصة في سياق التوترات الإقليمية الراهنة والحرب على غزة.