07 - 08 - 2025

سياحةٌ للإنسانية عبر الزمان والمكان .. "آيات عاشق.. نشوة الطلياني ألبيرتينو فيرو" لـ محمد موافي

سياحةٌ للإنسانية عبر الزمان والمكان ..

الإنسانيَّةُ التي تجمعُ البشرَ من كلِّ الأجناسِ والأنواعِ، وعبرَ الأماكنِ والأصقاعِ، وحولَ المعابدِ والأديرةِ والمساجدِ، وفي حاناتِ السُّكارى المُغَيَّبين من هولِ واقعٍ انغرسوا فيه كما ينغرسُ جذرُ النباتِ في أرضٍ مُبتلَّةٍ، فيغدو هزيلَ الساقِ والأوراقِ، وفي صالاتِ دفعِ الفواتيرِ المُؤجلةِ لديونِ العثراتِ والسيِّئاتِ، وعند النساءِ والرجال، وفي ردهاتِ القصورِ، وفي بهوِ الصحراءِ التي لا تنتهي الآفاقُ إلى مُنتهاها، وفي ميادينِ مُصارعةِ البشرِ للأسودِ، هذه الإنسانيةُتتبدَّى ناصعةَ الظهورِ، جليَّةً وضاءةً، في شخصيَّاتِ روايةٍ تترقرقُ فيها كلُّ أنواعِ المشاعرِ الحيَّةِ النبيلةِ الطاهرةِ المُطهَّرةِ، وتتبَدَّى أيضًا وقد جفلت، وضاعت، وانمحت، وتماهَت مع العدمِ الذي يصنعه الظالمون، الباطشون، الحارقون في كلِّ ميادينِ حطبِ الكراهيَّةِ، ووقودِ الشهواتِ التي تُخرجُ الإنسانيَّةَ عن مسارِ خلقتها وفطرتها، إلى مسخٍ شائهٍ كريهٍ، وتُمعنُ في قطعِ جذورِ الرحمةِ التي ما فتئت تبحثُ في أرضِ الله الوسيعةِ عن قلوبِ المُحبِّين الذين صادقوا الحبَّ، وأقاموا في معابدِهم صلواتِ التبتُّلِ والخشوعِ، لربٍّ يعرفون رحمتَه، وعفوَه، وغفرانه

وخيرُ بيانٍ لهذه الروايةِ وأحداثِها، والسُّبُلِ التي أخذت شخوصَها عبرَ زمانِهم ومكانِهم، هذه العبارةُ، والتي وردت على لسانِ بطلِ الروايةِ هرم، في ص 208:
"نتركُ الأماكن ولا تتركُنا."

فكِلاهما حلَّ وارتحلَ، وسافرَ عبرَ الفيافي والصحراءِ، وفي المدنِ، وفي قاعاتِ الملكِ، وفي القصورِ، وفي ظلماتِ السجونِ، وتبقى الأماكنُ مطروحةً على الأنفُسِ والأرواحِ، لا تُغادرُها.

ماري وهرم، اللذانِ صاغَ شخصيَّتَهما الروائيُّ المُبدِع محمد موافي، بادئًا بماري، بهذا الخيالِ المُحلِّق في بدايةِ روايتِه آيات عاشق، [وهي رواية] والذي يسحبُ طرفًا من أطرافِ تاريخِ اليمن، ثم يعودُ فيرسمُ لوحةً شفيفةً بين ماري ولوزتِها، في مشهدٍ غايةٍ في الرَّوعةِ والجمالِ. واللوزةُ، هذه المسرجةُ التي تُمثِّلُ بشكلِها عالمًا من الماضي الساكنِ في الوجدانِ الإنسانيِّ بشُجونه، وينطقُ بلسانِها في بدايةِ الروايةِ، ليُعلِن وجودَها طوالَ السَّردِ الشائقِ المُمتِع:

"صحبتُ ماري ولم أُفارِقها في أغلبِ الأوقاتِ، وغضبتُ منها حينأهدتني لحبيبِها، ثم رضيتُ عنها وهي توصيه بي وتوصيني بها... ماتت صاحبتي ماري، ومات صاحبي هرم، وآخرُ نفسٍ له في الدنيا سكن جوفي، ونِمتُ بحضنه، وفوقَ صدرِه، في يديه المعقودتين."

 

لتبدأَ رحلتُهما عبرَ الزمانِ والمكانِ والإنسانِ، في عنفوانِ شَرَهه وإثمه وبَطشِهوجنونِه، وفي سُموِّ روحِه ونفسِه وعقلِه ووِجدانِه، بين ماري وهرم، في هذهالروايةِ الطويلةِ، التي أثبتت صفحاتُها أننا أمامَ روائيٍّ قادرٍ على الإبحارِ في أدبِ الروايةِ، مالكًا قارِبَه المتين من أصلبِ أنواعِ الثقافةِ العربيَّةِ، التي تجمعُ بين القديمِ بأصالتِه، والجديدِ ببهائه وجمالِه ورَوعتِه وبَساطتِه، ومعهمجدافُ المشاعرِ الحيَّةِ، من خلالِ ثقافةٍ تجمعُ علمًا بالأديانِ والثقافاتِ، ورؤيةً رحبةً فسيحةً لِقَبولِ الإنسانِ لأخيه الإنسانِ، وحقِّ الاختلافِ تحتَ مظلَّةِ الإنسانيَّةِ واسعةِ المناحي والظِّلال، مع عمقٍ في عرضِ تاريخِ كلِّ شخصيَّةٍ من شخصيَّاتِ روايتِه، التي بدَت صعوبتُها في الانتقالِ بين رحلتَي ماري وهرم، ولكنه حافظَ طوالَ الروايةِ على الانتقالِ السَّلسِ والسَّهلِ، بل إنه قد فاجأ قارئِيه بحقيقةٍ أن الدنيا ساحةٌ للُقيا الأحبابِ، حتَّى ولو باعدَتهم الأيَّامُ واللَّيالي، في لقاءٍ وضَّاح بوجه الهدايةِ الرائقِ العذبِ، داخلَ كهوفِ السُّجونِ، رغمَ القهرِ والتَّعذيبِ، وفي لقائه بخالتِه التي اشتمَّ فيها رائحةَ أمِّه ماري.

ويطرحُ هذا المُبدِعُ أسئلتَه المَبثوثةَ في سُطورِ روايتِه، عن القهرِ الإنسانيِّ والجبرِ على المعصيةِ، وتلحَظُ رأيَه من خلالِ سَردِه لمأساةِ الإنسانِ في شخصيَّةِ ماري، التي شكَّلت في الروايةِ محورًا للتَّساؤلاتِ عن حقيقةِ الإرادةِ الإنسانيَّةِ وحدودِها، ومواطنِ ضعفِها، وتطلُّعِها إلى الخلاصِ، بالتمسُّكِ بأهدابِ الروحِ الساميةِ نحوَ المُطلَقِ، الذي يجعلُ المآسي الإنسانيَّةَ وكأنها ثمنُ العبورِ إلى الخلاصِ، والمُتطلِّعةِ إلى العَفوِ مِمَّن يعلمُ أسرارَ الخَلقِ.

ففي ص 278، يسألُ وضَّاح أمَّه ماري، التي وَلغَ في جسدِها قهرًا كلابُ طريقِ الأسفارِ، يسألُها عن ربِّها الذي تعبُدُه:

"اسأليه أن يُخفِّفَ عنكِ الألم... أنا أتألَّمُ لكِ."
فتقول: "الألمُ بابُ المحبَّة... عن طريقِ الألمِ ينتظرُنا خلاص."

 

ثم يعودُ في لحظاتِ النهايةِ، ليرسمَ هذه الصورةَ الشفيفةَ للوداعِ الأخيرِ، بعدَ أن قالت كلمتَها الأخيرةَ لابنِها وضَّاح، لتكون هذه الكلماتُ، التي لم تثقِب جدارَ قلبِه وقتَها، قد ثَقَبَته في نهايةِ الروايةِ، في ص 291:

"إنهم يزعمون أنك لن تغفرَ، فاغفر.
إنهم يقولون إنِّي خطيَّةٌ، وأن بوَّاباتِ رحمتِكَ مُغلقةٌ في وجه أمثالِي، أيها الربُّ المجيدُ، افتح لي في ملكوتِكَ، وأعنِّي على ارتقائِي في سُلَّمِ الوصولِ إليكَ، واغسِلنِي."

وقد كانت هذه الكلماتُ، مع تجربةِ الكاهنِ، الذي طرقَ على قلبِه بسحرِ الإيمانِ، سببًا في ثَوبتِه وتوبتِه ورجوعِه، الذي كان سببًا في إقصائِه عن نعيمِ الدنيا وبَسطةِ المَلك، وليُجيبَ عن السؤالِ الأبدي:

ما معنى السعادة؟

فيجدُها، كما وجدَتها ماري وترتليان الشهيد، والكاهن، وفيميون، وكلُّ من أضاءت نفسُه بنورِ الحقِّ الناصعِ، الذي ينبثقُ من مِشكاةِ السعةِ الإنسانيَّةِ، التي أبدعَ الكاتبُ في تصويرِها في بدايةِ الروايةِ، على لسانِ شخصيَّتِه التي نسَبَ إليها القول: ألبرتينو فيرو:

"كلُّ ما هنالكَ أنني قرأتُ كتبًا، واقتنعتُ بما فيها.
تَرَى أن الأديان في الأصلِ شجرةٌ واحدةٌ، أصلُها واحدٌ، واختلافاتُها لا تتعدى الفروع، بل إن أوراقَ الشجرِ خضراءُ هنا وهناك، طالما تُؤمنُ بالإنسانِ، وهي صفراءُ ذابلةٌ قبيحةٌ من واقعِ كلِّ فرعٍ وقطيعتِه عن الآخر."

وشخصيَّة هرم، الذي ذكَّرتني رحلتُه برحلةِ بطلِ روايةِ الخيميائي لباولو كويلو، وإن كان الخيميائيُّ يبحثُ عن كنزِه، فإن (هرم) كان يبحثُ عن نفسِه.

وفي الطريقِ الطويلةِ، كانت أحداثٌ مُبهرةٌ في مأساتِها وفي بهجتِها وسعادتِها.
فحينًا يُصبحُ رقيقًا يُباعُ ويُشترى، وحينًا يجدُ ثروةً في جوفِ ثعلبٍ، في شكلِ لؤلؤةٍ، تنقلُه إلى فئةِ أصحابِ الثرواتِ ومُلاكِ النفوذِ، في حياةٍ لا تستقرُّ على حالٍ.
وعندما استقرَّت، على ما ظنه النعيمَ المُقيمَ، جاورَ الملكَ أبا نواس، الذي كان سببًا في هلاكِه.

وليُصبح، بعد أن كان خاليَ القلبِ والرُّوحِ، إذا به يدخلُ مع ماري والكاهن وترتليان الشهيد، في زُمرةٍ واحدةٍ، إلى طريقٍ سلكه المُصلِحون عبرَ العصورِ، على أشواكِ الجبابرةِ، أصحابِ القلوبِ المُوصدةِ، والأرواحِ المُكبَّلَةِ، والنُّفوسِ الجانحةِ، والأماني الفارغةِ.

ومن مواقفِ الروايةِ التي استوقفتني، وأعدتُ قراءتَها وتَملَّيتُها تدبُّرًا وتفكُّرًا، من أبدعِ فقراتِ الروايةِ: محاكمةُ الراهبِ، والإسقاطُ على واقعٍ يعيشه الناسُ في كلِّ مكانٍ وفي كلِّ زمانٍ.

عندما يصرخُ فيهم، وهم يهمُّون بتثبيتِه بالمساميرِ، حتَّى لا يهتزَّ في مواجهةِ النارِ، فيقول صارخًا فيهم، ص 343:

"لن أتحرَّك، فلا تُثَبِّتونِي بالمساميرِ.
من وهبَنِي الثَّباتَ في مواجهتِكُم، سيمنحُنِي ثباتًا، من أجلِ دقائقَ في نارٍ، تنقُلُني إلى الأعالي.
المجدُ لله في الأعالي."

 

ومن أبدعِ فقراتِ الروايةِ، هذه المُقارَبةُ بين النفسِ الآثمةِ، التي يتمثَّلُ فيها الشبحُ، وينطقُ بلسانِها الشيطانُ، في حوارٍ فلسفيٍّ في دواعِي الشرِّ الإنسانيِّ، ومحاولةِ التبريرِ الشيطانيَّةِ، لم تثقِب روعتَها إلَّا حوارُها الطويلُ، الذي قد يكونُ اختصارُه أشدَّ أثرًا، لكنه من أشدِّ سطورِ الروايةِ إبداعًا، وخاصَّةً عندما يقولُ هذا الشبحُ لوضَّاح، الذي تُظهرُ المُحاوَرةُ أنه وجهه الآخرُ أو قرينُه الذي يُلازِمُه، فيقولُ هذا الشبحُ، في اختصارٍ للحوارِ الطويل:

"بل أنا أَسكنُكَ، وأنا أنتَ، وأنتَ أنا، نحنُ واحد.
أنتَ الشبحُ، وأنا الحقيقيُّ.
أنتَ الظلُّ، وأنا الجثمانُ.
أنتَ لهيبي، وأنا الشمسُ."

وهكذا الإنسانيَّةُ في عنفوانِ مروءَتِها، وإخلاصِها، ومَضائِها، مقابلَ انتكاساتِها المروِّعةِ، عندما تتخاذلُ النفسُ الإنسانيَّةُ، وتتماهى الروحُ مع العدمِ، وتتحالفُ مع الشيطانِ، وتُصبِحُ الأرضُ معها ساحةً للعداوةِ والكراهيَّةِ، وعذاباتِ البشرِ، في كلِّ مكانٍ ينطقُ فيه الإنسانُ بكلماتِ النُّورِ، ويَسلُكُ مسلكَ الطيِّبين الأخيارِ الأطهارِ.

وتبقى في هذه الروايةِ، كعهدِي في قراءةِ الروايةِ، العباراتُ التي أخذتنِي بجمالِها، ورونقِها البلاغيِّ الإبداعيِّ، الذي يُمتِعُ العقولَ، وتَشفُّ معه الأرواحُ:

• ص 122: "في زمنِ الخوفِ تتوارى الأشياءُ الجميلةُ داخلَنا، ويقعدُ فوقَ جِباهنا جُبنٌ، وينامُ مُستريحًا."

• ص 130: "بغيرِ الحرِّيَّةِ، كلُّ الفضاءاتِ ضيِّقةٌ."

• ص 172: "لا زلتُ شابًّا قويًّا، ولكن رغبةً في الانتهاءِ تغزوني، مثل كتيبةِ جندٍ تنتهزُ صباحًا غافلًا، للإجهازِ على عدوٍّ نائمٍ."

• ص 184: "الوطنُ حيثُ الحبيبُ، وحيثُ يكونُ العدوُّ، فلا حبيبَ."

• ص 258، 259، 260: عندما تضيقُ الدنيا، تتَّسِعُ روحُ الجماداتِ، في الحوارِ بين ماري والقَدَحِ، فقرةٌ شديدةُ الرَّوعةِ والجمالِ.

• ص 283: "حينما لا تعرفُ نفسَكَ، لا تعرفُ شيئًا على الإطلاقِ.
تكذبُ، فتُصدِّقُ نفسَكَ، وتَصيرُ مخمورًا بغيرِ نبيذٍ، وصاخبًا بغيرِ طبلٍ."

• ص 357: "فالعشقُ جنونٌ رحيمٌ، ورحمةٌ مجنونةٌ، سيرٌ بلا أقدامٍ، وأقدامٌ تستعذبُ السيرَ فوقَ أشواكِ الأشواقِ."
نفس الصفحة: "الخديعةُ الكُبرى أن نلفَّ وندورَ على أنفسِنا، فتسكن وتطمئن، ولا حدودَ لقدرتِنا في تنفيذِ ذلك وتزيينِه.
حيلتُنا الخفيَّةُ فذَّةٌ في تبريرِ كلِّ سلوكٍ مُشِينٍ، لأجلِ قتلِ القلقِ والتوتُّر.
هي حيلةٌ عبقريَّةٌ، بوسعِنا أن نُسَمِّيَها: الشيطانُ.
ولو مسَّنا شعورٌ خفيفٌ بالندمِ، فما علينا إلَّا الاندفاعُ لعملِ أيِّ خيرٍ."

• ص 409: "الخوفُ سراديبُ مُظلِمَةٌ، حفَرَها الناسُ، وأدمَنُوا العيشَ في سوادِها."

• ص 469: "أمامَ هولِ الموتِ، كلُّ وشيجةٍ باللَّحمِ البشريِّ تَتمزَّقُ، ويقبُهَا ألفُ سيخِ لهبٍ، من عُمقِ العُمقِ، يفورُ وجعٌ رهيبٌ.
فلا الآدميُّ يعودُ، ولا ساعتُه تَنتهي."

وفي الختام، بقي أن أُفصحَ عن فَوَرانِ المُتعةِ في العقلِ والنفسِ والرُّوحِ، مع هذهالروايةِ الطويلةِ، الذي خفَّفَ منها تقسيمُها إلى عناوين جاذبةٍ، وداخلَ كلِّ فقرةٍ أرقامٌ جعلتها وكأنها محطَّاتٌ للتأمُّلِ والتدبُّرِ، فيما بين الفقراتِ واسترجاعِ المواقفِ والمشاهدِ.

 

وكان أبدعَ ما في هذه الوقفاتِ، الأرقامُ التي تتكوَّنُ عبارةً واحدةً، لكنها نافذةٌ في بؤرةِ الشعورِ، كتلكَ التي يقولُ فيها الكاتبُ، ص 95: "كلُّ أبٍ طيِّبٍ هو الحياة."

 

وقد لمست عندي وترَ الحبِّ الدافقِ لأبي، الذي كان هو الحياةَ عندي، وكذا الأدبُ يُصبغُ قارئَه بما يُؤدِّي من معنًى، يستقرُّ صَداه في مجالاتِ الرُّوحِ الإنسانيَّةِ.

 

وهكذا تُثبِتُ هذه الروايةُ أننا أمامَ روائيٍّ يَملكُ أدواتِه، بنفَسٍ عميقٍ، سيَّالٍ، مُتدفِّقٍ، يركبُ على متنِ بلاغةٍ تُطيعُه، وسلاسةٍ في العرضِ، تجعلُ من حكيه، الذي يستلهمُ التاريخَ حينًا، ويُطلِقُ لخيالِه العِنان حينًا، كأنه نغَمٌ يُسحرُ العقولَ، ويُمتِّعُ الأذهان، فيَنتشي الإنسانُ نفسًا، وروحًا، وعقلًا، وحِسًّا.

 ……………………..

بقلم / الدكتور رضا عبد السلام