30 - 07 - 2025

ماذا تريدون من مصر؟

ماذا تريدون من مصر؟

هل وصلنا الآن إلى تلك المرحلة من الزيف والتزييف، من الإنكار وإسقاط الحقائق بهذا الشكل؟ هل كل من استطاع الآن أن يرسل مقولة أو معلومة مغلوطة عبر السوشيال ميديا يمتلك الحقيقة المطلقة؟ هل لأن مصر التى أوجدها الله وحمتها الجغرافيا ودعمها التاريخ وخلدتها الكتب السماوية فوضعتكم فى أحجامكم طوال التاريخ تستطيعون النيل منها بأفعالكم هذه؟

لا ياسادة. فمصر قبل التاريخ بتاريخ تعرف قدرها وتلتزم بدورها وتحترم غيرها. مصر القيم والمبادئ التى علمت البشرية قيمة الضمير تتمسك بضميرها وتحافظ على مبادئها. فدور مصر فى منطقتها وما فعلته وما تفعله تجاه المحتاج إليها، تنهض مصر اليه باحتياجه قبل أن يطلب تأثرا بالجينات الدينية والقيمية المصرية القديمة. لذا وفى إطار المشكلة الفلسطينية قامت مصر ولازالت تقوم بدورها التاريخى الذى لا ينكره إلا جاحد لا يعرف للقيم طريقا ولا للمبادئ سبيلا. فمصر خاضت الحروب وضحت بالارواح الطاهرة فى سبيل تلك القضية إيمانا بمساعدة المظلوم واستردادا للحقوق. وحتى ٧ اكتوبر ٢٠٢٣ من الذى وقف وأعلن وتمسك بالحق الفلسطيني؟ من الذى لم يتخل لحظة عن ثوابته السياسية والتاريخية تجاه القضية وبدون مزايدات ومناورات رخيصة غير مصر؟ من الذى أعد المساعدات طوال الساعة عند معبر رفح من قوت المصريين إيمانا منهم بوحدة مصير المنطقة، فى ظل هذا الواقع المرير الذى أعطى دولة الاحتلال هذه الفرصة التى جعلتها تمرح وتسرح فى المنطقة؟

تتحدثون عن مسؤولية مصر فى جوع أهل غزة!! هل وصل الهبل والتواطؤ مع العدو إلى هذا الحد؟ وهل هذا يقال بعد تلك الصحوة الدولية التى تحمل الكيان بمسؤوليته عن الإبادة وليس التجويع فقط؟

تقولون لابد من إدخال مصر للمساعدات من الجانب الاسرائيلي! كيف والعدو يسيطر ليس على المعبر من الجانب الفلسطينى، ولكنه يسيطر على مجمل غزة بعد تلك الإبادة! هنا فهذا لا يعنى غير الدخول فى مواجهة عسكرية مع العدو. هل هذا هو المطلوب؟ فإذا كان هذا هو المطلوب صهيونيا وأمريكيا. فهل هذا من مصلحتنا؟ وهل المطلوب على مصر فقط أن تدفع الثمن المطلوب من الجميع نيابة عنها؟ هنا تتداخل الأمور، فالتعاطف مع غزة لابد أن يخضع لدراسة الواقع حتى تكون الخطط والمواجهات متسقة مع ذلك الواقع، حتى تنتج نتائج مأمولة ومستطاعة. لذا فالمواجهات ضد الوطن تتصاعد وتتكاثر وتحتاج إلى تضافر الجهود وتوحيد الصفوف. وهذا يحتاج من الحكومة نظرة مختلفة غير تقليدية تساهم سريعا فى إحساس المواطن بالمشاركة الحقيقية فى اتخاذ القرار، حتى يشعر أنه يعيش فى وطن ينتمى اليه بقدر ما يعطى الوطن المواطن. افتحوا الابواب لكى يعبر المواطن عن رأيه الذى لا يمكن الاستغناء عنه. فلا حرية بدون رأى ورأى آخر، ولا انتماء بدون احساس بالمسؤولية والمشاركة فى اتخاذ القرار. مصر فى احتياج لكل أبنائها من المخلصين لمواجهة المتدثرين بعباءة الوطنية الكاذبة، والتدين المغشوش . حمى الله مصر وشعبها العظيم.
-------------------------
بقلم: جمال أسعد


مقالات اخرى للكاتب

ماذا تريدون من مصر؟