27 - 07 - 2025

زياد الرحباني: الصوت الحر لا يموت

زياد الرحباني: الصوت الحر لا يموت

مات زياد الرحباني لكنه لن يرحل عن عالمنا العربي المقهور، والمجَوَعْ.. سكت الصوت الذي كان يزعج السلطات ويوقظ الغافلين، غاب الرجل الذي نعى بالموسيقى والكلمات، مواطنه اللبناني محمد على الهق العام 2020، ضحية الأوضاع الاقتصادية المريرة، عندما أطلق الرصاص على نفسه ليتخلص من الجوع والفقر.. نعيُ ورثاء بعنوان "أنا مش كافر بس الجوع كافر" على إيقاع موسيقىِ سجله زياد العام 1993، خلال مسرحيته الغنائية "بخصوص الكرامة والشعب العنيد"يستشرف خلالها حال أمة ستموت يوما ما جوعا وقهرا وإذلالا، قياسا على معطيات الزمن بعد حرب الكويت الأولى، واستسلام الأمة العربية، للعدو الأمريكي في مشروعاته الاستعمارية لنا التي تبدأ وتنتهي عند إفقار شعوب دول الطوق العربي حول إسرائيل، وتجويعهم، وهو ما يجرى حاليا على قدم وساق في غزة المحتلة، ومن قبلها السودان والصومال واليمن وسوريا ولبنان وليبيا والحبل على الجرار .

"أنا مش كافر" كانت آخر جملة كتبها علي الهق، في إشارة إلى كلمات أغنية فيلسوف الموسيقى اللبناني، زياد الرحباني، مرفقا إياها بسجلِّ جنائي نظيف.

كل مسرحياته الغنائية كانت منشورًا سياسيًا، يستمع إليه الفقراء والأغنياء من المحيط للخليج بكلمات ومزيكا تغوص بنعومة بالغة داخل الضمير العربي العام، بتحليلٍ نفسي لحالة الاستسلام السياسي للعدو وتداعياته على الأولويات القومية، على مختلف الأصعدة الثقافية والافتصادية والسياسية.

رما شاءت "الأقدار" أن يرحل عن الإنسانية الموسيقي العظيم الذي لحن "أنا مش كافر بس الجوع كافر" بعد 21 عاما من النشر الأول لقصيدة الشاعر العراقي الكبير مظفر النواب "لا تَلُمْ الكافر" في مجلة الطليعة الكويتية العام 1974 :

لا تلُمْ الكافر في هذا الزمن الكافر\ فالجوعُ ابو الكفار!!

مولاي: أنا في صف الجوعِ الكافر\مادامَ الصف الآخر يسجد من ثُقلِ الأوزار.

وربما شاءت الأقدار أن يرحل زياد كمدا على المجْوَعينْ في غزة، وحسرة على ما آلت إليه الأمور في لبنان والبلاد العربية بعد إعلان الاستسلام للعدو الأمريكي بعد حرب الخليج الأولى العام 1991.. الجوعى في غزة وكل الأراضي المحتلة ينعون اليوم في ضمائرهم زياد الرحباني.. وإلى المجوعين المقهورين في غزة وكل قطر عربي:

لا تخافوا، فالصوت الحر لا يموت، فقط يتوارى حتى تحين صرخته القادمة (اقتباس)
------------------------------
بقلم: أحمد عادل هاشم


مقالات اخرى للكاتب

زياد الرحباني: الصوت الحر لا يموت