السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي،
تحية تقدير واحترام،
نخاطبكم اليوم، لا من موقع المعارضة ولا من منصة التهويل، بل بصوت المواطن البسيط الذي ضاق صدره، وتآكلت قدرته على الاحتمال، وبات يرى وطنه يسير على حافة الخطر دون أن يسمع صوته من يتصدر المشهد.
مصر اليوم ليست بخير. الشارع يغلي بصمت، والقلوب ممتلئة بالغضب، والمعاناة لم تعد خافية.
ارتفاع الأسعار، تراجع الجنيه، البطالة، تآكل الطبقة الوسطى، وانعدام الأمل لدى الشباب، كلها مؤشرات لا تحتاج إلى تقارير استخباراتية أو دراسات ميدانية. المواطن لا يسأل عن مشروعات بمليارات الدولارات، بل عن الرغيف، والدواء، وسقف الأمان في الغد.
إن كنا نرفع إليكم هذا الخطاب، فلأننا لا نريد لوطننا أن ينزلق إلى مصير مظلم. التاريخ لا يرحم، وذاكرة الشعب تحتفظ بمرارات انتفاضة الخبز في يناير 1977، حين قررت السلطة آنذاك رفع الدعم دون أن تفكر في الكلفة الاجتماعية. يومها ثار الشعب، وهتف في وجه النظام. واليوم، يبدو المشهد أكثر هشاشة، وأكثر خطورة.
نخاطبكم الآن، لأن بين أيديكم القرار. أنتم من تملكون المفاتيح، وتستطيعون أن تختاروا بين طريقين:
إما الانفتاح على الشعب، وإجراء إصلاحات جذرية وشجاعة تعيد له الكرامة والأمل، أو الاستمرار في المسار الحالي الذي يزداد فيه الانفصال بين الدولة والناس.
نضع بين أيديكم هذه المطالب بصدق ووضوح :
1. إصلاح اقتصادي حقيقي لا يُحمّل المواطن وحده كلفة السياسات، بل يعيد التوازن، ويضبط الأولويات، ويوقف النزيف في مشروعات غير عاجلة.
2. فتح المجال العام لتعود الثقة بين الشعب والدولة، من خلال حرية التعبير، وتمكين القوى الوطنية من المشاركة في رسم طريق المستقبل.
3. محاسبة شفافة وحقيقية لكل من عبث بالمال العام، أو أسهم في تعميق الفجوة بين الدولة والناس.
4. تحقيق العدالة الاجتماعية، لا كشعار، بل كمنهج، يعيد توزيع الثروة والخدمات، ويجعل الكرامة حقًا وليس منّة.
5. الدعوة إلى مصالحة وطنية شاملة تجمع كل الفرقاء السياسيين.
الناس ما زالت تتمسك بالأمل، لكن الأمل لا يعيش في الظلام ولا في الصمت. الشعب يريد أن يسمع ما يطمئنه، ويرى قرارات تعكس فهمًا لحجم معاناته، لا تجاهلاً لها. الناس تحب هذا الوطن، لكنهم تعبوا من تحميلهم وحدهم ثمن كل أزمة.
ليس في خطابنا تهديد، بل تحذير من واقع يصرخ بصمت. فحين ينفجر الصمت، لا يعود هناك صوت يُسمع.
ختامًا، نقولها بوضوح ، أنقذوا الجبهة الداخلية، افتحوا نوافذ الإصلاح، قبل أن تفتح أبواب الغضب. استمعوا لصوت الشعب، قبل أن يعلو النداء في الميادين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عاشت مصر، حرة مستقلة
-----------------------------
بقلم: إبراهيم خالد